الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

سمو الرئيس... بالله عليك اقرأ هذه السطور

Time
الثلاثاء 16 مايو 2023
View
13
السياسة
أثبتت الأحداثُ العالميّةُ، مرةً جديدةً، أنَّ بعضَ دول الخليج ملاذاتٌ آمنةٌ استثمارياً واقتصادياً، وجاذبة لرؤوس الأموال، خلال الأزمة المالية العالمية، أو قبل ذلك في حرب أفغانستان، وحالياً الحرب الروسية- الأوكرانية، وأنها مرنة إلى حد كبير في ما يتعلق بتحديث القوانين، وقادرة على التكيُّف مع التطورات وفق ما يخدم مصالحها، وجذب أصحاب العقول والمهن والحرفيين.
لهذا انطبق عليها المثل: "مصائب قوم عند قوم فوائد"، فهي استطاعت جذب أصحاب الأموال الأجنبية، وعملت على سن قوانين تُلبي حاجات المُستثمرين، من خلال الإقامات، أو التملُّك، وهذا عزَّز نشاطها الاقتصادي، وزاد من ازدهارها، وكذلك قوتها في العلاقات الدولية، بل أصبحت اليوم لاعباً مهماً في التسويات الإقليمية، وحجر الزاوية في هذا الأمر.
فدولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وقطر والبحرين وسلطنة عمان، عملت على الاستفادة من المُتغيّرات الدولية، ولم تركن إلى النفط كمصدر وحيد للدخل؛ لأنها رأت فيه نعمة إلى زمن ما، وبعدها يتحوَّل نقمة؛ لأنَّ هبوط أسعاره، أو الحد من الإقبال العالمي عليه، سيؤدي إلى عجوزات هائلة في ناتجها القومي، ما يعني تالياً التخلي عن الرفاهية التي حققتها لشعوبها.
ورأت، أيضاً، أنَّ تنويع مصادر الدخل، واستقطاب العقول والمُستثمرين، هما ما يتجه إليهما العالم، لهذا جعلت نفسها محطة للتكنولوجيا، والمصانع واليد العاملة الماهرة.
اليوم، لا تعتمد تلك الدول على النفط بنسبة 90 في المئة، كما هي حال الكويت، ولم تتحكم فيها عقدة الوافد والمواطن، ففتحت أبوابها للتَّجنيس، أو منح الإقامة الذهبية، لكلِّ من تكون لديه الخبرة، والمُلاءة المالية.
في المقابل ماذا فعلت الكويت؟
ظهرت دولة طاردة للكفاءات، وأصحاب الخبرة، وتمسَّكت بقوانين بالية، بل سنَّت المزيد من التشريعيات والقرارات الوزارية التي تخدم إغلاق البلاد، فالذي أمضى أربعين أو ثلاثين عاماً في البلاد، وأصبح في الستين من العمر مطالب إما بالرحيل، وإما بالخضوع لشروط مذلة، ودفع رسوم لا طاقة له عليها، وهي أيضاً رسوم طاردة، إضافة إلى منع دخول أي زائر إلا إذا كان حائزاً شهادة جامعية وسنّاً معينة، كما أنها منذ العام 2009 يُطلق عليها في التقارير الدولية "دولة طاردة للاستثمار"، حتى أبناء البلاد هربوا إلى دول الخليج التي منحتهم امتيازات في سبيل توطين رؤوس أموالهم ومشاريعهم فيها.
في الكويت، وبدلاً من الإنفاق على المشاريع الإنمائية، يذهب نحو ثلثي موازنتها إلى الرواتب التي في غالبيتها بطالة مقنعة، وخاملة، أو إلى المتقاعدين الذين اختاروا الهرب إلى دول أخرى للعيش فيها، بعدما أقفلت كل أماكن الترفيه، وكأنَّ الدولة اختارت العبوس، والتزمت على الفرح والانفتاح.
أصبح تملُّك العقارات في الإمارات والسعودية ودول الخليج اليوم متاحاً؛ لأنَّ القناعة أنَّ صاحب الشقة أو الأرض أو العمارة لن يأخذها معه حين يُغادر إلى بلاده، أو حين يموت، بل هو سيتحمل الإنفاق عليها، والرسوم والخدمات، وهذا يُعزِّز الدخل الوطني.
لن نتحدث عن البنى التحتية في تلك الدول، وتكفي الإشارة إلى أنَّ مترو دبي وحده حقق عوائد أرباح خيالية في غضون تسع سنوات، كذلك القطارات وشبكة الطرق والجسور، وباقي البنى التحتية والحكومات الإلكترونية التي تنهي معاملات الناس خلال دقائق، فيما في الكويت تبقى سنة البطاقة المدنية كي تصدر، ولا أحد يعرف السبب.
لا شكَّ أنَّ الكويت تعيش خارج العصر جرّاء قوانين مُتخلفة، ولهذا فإنَّ البلاد بحاجة إلى رؤية مختلفة، وذهنية مُنفتحة، ويا ليت هناك من يسمع أو يطالع، بل ليت سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف يقرأ ويتمعن بهذه السطور، ويقارن بين واقع دول الخليج الشقيقة وواقعنا المرير.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار