الأربعاء 11 يونيو 2025
29°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأولى   /   الافتتاحية

سمو ولي العهد... بيَّض اللهُ وجهَك هكذا تورد إبل مطالب الكويتيين

Time
السبت 03 سبتمبر 2022
View
5
السياسة
أحمد الجارالله

سمو ولي العهد، مرَّت الكويتُ في السَّنوات الأخيرة بوهنٍ نتيجة تخبُّط جرّاء غياب القرار، وسموك عاصرت كلَّ أمراء البلاد، وكنت لصيقاً بهم، تسمع ما يدور في مجالسهم، وتطَّلع على قراراتهم، وتُبدي رأيك فيها، ولا تكتمُهُ.
كلُّ جُلسائك يعرفون، جيداً، رؤياك، منهم من يُؤيدها، والآخر يُدلي بدلوه بها، وبذلك ترسمون الصورة كاملة للرأي السديد، والقرار الجريء.
بداية، لا بدَّ لنا من أن نشكر صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد على اختياره سموك ولياً للعهد، مؤتمناً على الأمانة العظيمة التي تعملون على تأديتها من أجل مستقبل الكويت وأهلها، فهذا الاختيار كان مصدر طمأنينة لكلِّ الشعب، الذي عاصر مسيرتك في الشأن العام، ويُدرك جيداً كيف أن عيون سموك مفتوحة على متابعة كل الأمور، وآذانكم صاغية لسماع الآراء كافة، ومعالجة المشكلات بالدواء الناجع، وحصافة الرأي والتوجيه.
سمو ولي العهد، تُدرك جيداً أنَّ فنَّ الإدارة هو في فنِّ اختيار المساعدين والمستشارين، وأن نهضة الدول تقوم على التكامل بين توجيهات القائد وأداء المسؤولين، فالدول القوية قامت على رؤية شخص واحد متعه الله بقوة الإرادة وحسن الاختيار، والرغبة ببناء دولة حديثة، والشواهد كثيرة في المنطقة والعالم.
لقد أدرك جلساؤك، وكذلك أهل الكويت، تفهُّمَكَ مظالمَهم، وكيف تعمل على علاجها عَبْرَ قرارات قائد يسعى إلى النهوض ببلد كاد يتبلَّد جرّاء التركة الثقيلة للسنوات الماضية، والأداء الضعيف للسلطة التنفيذية، ولهذا اسمح لنا، سموك، أن نضع أمامك بعض ما يتمنى الكويتيون علاجه في الأيام المُقبلة، جرّاء ما عانته البلادُ بسبب سيطرة دولة عميقة كان كلُّ همِّها الإمساك بمفاصل الدولة، وحلبها حتى يجفَّ ضرعُها، فيما كانت الحكومات تستقيل من دورها تاركة مجلس الأمة يُهيمن على المؤسسات، وهو ما جعل التعيينات بناءً على الولاء لمن نصب المسؤول، وليس الكفاءة، فيما نسبة لا بأس بها من هؤلاء شهاداتهم الدراسية "مضروبة".
للمرَّة الأولى في البلاد، نشعر أنَّ وليَّ العهد يُتابع بشكل حثيث مسار السلطة التنفيذية، ويأمر رئيس مجلس الوزراء بالخروج إلى الناس ومتابعة أمورهم، ومُتطلباتهم، كما يأمر الوزراء بفتح أبوابهم للمُواطنين والمُراجعين، وهذا للأمانة معمولٌ به في كثير من الدول، بطريقة أو بأخرى، ومعلومة النتائج النهضوية التي حققها هذا المسار .
سمو ولي العهد، يُدرك الكثير من الكويتيين مدى تألم سموك من انتهاك البعض للهوية الوطنية، وثقافة أهل الكويت، بسبب نفوذ ما يحرم أناس الأمس ويتمتع به أناس اليوم، ومدى الغصة من ذلك، وكم هي رغبتكم كبيرة في أن يتمتع أناس الأمس ببلد مزدهر قبل أن يرحل الجيل، الذي عانى من مساوئ المرحلة الماضية.
مَنْ يُعيق كل هذا مجموعة قوانين هرمت، فيما المُستفيدون منها يُقاتلون من أجل عدم تطويرها وتعديلها؛ لأنهم سيفقدون المغانم والامتيازات التي يحصلون عليها، وفيما بدأنا نرى رؤوساً من أولئك طارت، وغيرها أينعت وحان قطافُها، فإنَّ الهمَّ الأساسيَّ للكويتيين اليوم، أن تكون هناك ورشة عمل تشريعية في مجلس الأمة لتعديل تلك القوانين وتطويرها.
وفي الشأن لا بدَّ من الإشارة إلى أنه من المؤسف جداً اختلال ميزان الكادر الوظيفي في مؤسسات الدولة، بسبب التجاوزات على المال العام التي فرضتها مجالس أمة سابقة، وجعلت موظفاً يتقاضى عشرة أو عشرين ألف دينار راتباً شهرياً، ويتمتع بامتيازات كثيرة، بدءاً من السيارة والهاتف، وصولاً إلى بدلات السفر والرحلات السياحية، فيما آخرون بالمُسمَّى الوظيفي نفسه يتقاضون عشر ذلك الراتب، بينما في دول العالم كافة ثمَّة نظام موحد للرواتب لا يُميِّز بين موظف وآخر.
المُتمتعون بتلك الرواتب هم محاسيب الدولة العميقة، والمفاتيح الانتخابية، ونُدرك كم يشكل هذا قلقاً لسموك ولأهل الكويت، وبالتالي بات من الضروري العمل على توحيدها ومساواة الجميع بمسطرة واحدة.
نسمع ما ينقله كثيرون ممن يلتقون سموك عن مدى غضبك مما آلت إليه وسائل التواصل الاجتماعي في ما يتعلق بالتعرُّض لأعراض الناس، وهتكتها، ورمي التهم جزافاً، خصوصاً أولئك الذين يخفون هوياتهم، فإذا كان ما ينشرونه صحيحاً سهل علاجه، وبالتالي هم ليسوا بحاجة إلى التخفي، أما إذا كان باطلاً، فالمحاكم مفتوحة للجميع، وليس في الكويت "زوار فجر" أو شرطة سرية تعتقل الناس من منازلها.
وفيما نعلم أنكم تعملون على إصلاح ما أفسده دهر المصالح والاستحواذ، وخصوصاً في هذا الشأن، الآن إننا نصدقك القول إن كل هذا ضجيج همج إلكتروني، وطنين ذباب، وفيما القافلة تسير بطريقها ينبح النابحون، إذ لا ضرر منه، ففي الدول الديمقراطية أمثال هؤلاء لا يخفون هوياتهم، ولا أحد يهتم بهم.
سمو ولي العهد، لقد أدرك الجميع مدى ألم سموك من عدم اقتناص الحكومات السابقة، خصوصاً الأخيرة منها، فرصة قوة التصنيف الائتماني، والاقتراض من الجهات الدولية لتوظيف تلك الأموال في تعزيز الأصول السيادية للدولة، داخلياً وخارجياً، وهو ما تسبَّب لاحقاً بتراجع التصنيف السيادي، والعجز في موازنة الدولة، والتصريحات الكثيرة عن اقتراب نفاد الاحتياط المالي.
أيضاً، كيف أن تلك الحكومات كانت تحيل السبب إلى مجلس الأمة، ورفضه، مصوراً الأمر وكأنَّ في الكويت 51 أميراً، الشرعي في قصر بيان، والـ50 نائباً الذين في المجلس، فيما الجميع يعلم أنَّ في الكويت أميراً واحداً، وولي عهد واحداً، وهما صاحبا القرار التنفيذي.
سمو ولي العهد، هذا غَيْضٌ من فيض مما يُعاني منه الكويتيون، ولأن إيمانهم كبيرٌ بأن فرصتهم التاريخية مع هذه القيادة السياسية، وسموك، يضعون بين أيديكم بعض مشكلاتهم، وأوجاعهم، إذ يعلم الله أنها المرة الأولى، منذ عقود، التي يشعرون فيها أنهم في كنف حاكم يأمر ويُبادر، ويحزم في القرار، ومتابع لما يشعر به الكويتيون.
آخر الأخبار