الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
18°C
تحقيق : ناجح بلالالجريمة البشعة التي شهدتها الكويت أول من أمس، وراح ضحيتها شرطي ومواطنة هي أم القاتل، تركت اثرا نفسيا بليغا على جميع من اطلع على حيثياتها، وندوباً على الواقع الأمني في البلاد، لجهة انتشار العنف والإجرام في المجتمع مؤخرا، وسط مطالبات بضرورة تكاتف جميع الجهات المعنية وتضافر جهودها لوضع حد لمثل هذه الجرائم التي لا تشبه مجتمع الكويت المسالم.وفتحت الجريمة البشعة، ملف انتشار الأسلحة البيضاء وغيرها من الأسلحة التي يستخدمها الجناة في تنفيذ عملياتهم المهددة لسلم المجتمع وأمنه، حيث أكد خبراء ومختصون أمنيون وتربويون ان انتشار الأسلحة البيضاء وسهولة اقتنائها زاد من معدلات ارتفاع الجرائم في البلاد، وطالبوا بضرورة انجاز دراسة من طرف وزارة الداخلية ووزارات وجهات أخرى، كالتربية والأوقاف ومؤسسات المجتمع المدني، تحدد أسباب انتشار الجرائم والسبل الكفيلة لكبحها، للحد من العنف وما يستتبعه من إجرام في المجتمع... التفاصيل في ما يلي:شدد الخبير الأمني اللواء شرطة متقاعد حمد السريع، على أن الحادثة التي هزت البلاد أول من أمس وراح ضحيتها أم وشرطي في الداخلية، تستوجب ضرورة اجتراح تشريع جديد لمعاقبة كل من يضبط وفي يده سلاح أبيض، مبينا أن دول أوروبا تعاقب، بالحبس ثلاث سنوات، كل من يضبط بسلاح أبيض، داعيا الى ان تحذو الكويت حذو تلك الدول لأن من يتم توقيفه في الكويت بسلاح كهذا يتم إخلاء سبيله، حيث لايوجد قانون يجرم حمله. وطالب السريع، في تصريح لـ"السياسة" بضرورة تقنين بيع الأسلحة البيضاء، وعدم بيعها لأحداث، لافتا إلى أن الأمر بحاجة ماسة لجمع السلاح في البلاد، فهناك أسلحة موجودة فعليا بين ايدي بعض المواطنين، وهناك جرائم ارتكبت باستخدام السلاح، كما ان بعض الاحتفالات والأعراس يستخدم فيها البعض السلاح الناري مما قد يفضي الى قتلى.وقال السريع إن معالجة الظاهرة لا تستوجب انشاء ادارة عامة لجمع السلاح بل تستوجب وبشكل عاجل، اقرار تشريع جديد مشدد ضد حائزي السلاح. وأفاد بأن الحملة الاعلامية التي نفذتها وزارة الداخلية لجمع السلاح قبل أعوام، جعلت الكثير من المواطنين يسلمون ما لديهم من اسلحة وقد نشرت الوزارة احصائية رسمية عن حجم الاسلحة التي تم تسليمها من المواطنين.وبين ان الإدارة العامة لجمع السلاح قامت منذ تأسيسها ببعض المهام، تمثلت في اقامة نقاط تفتيش في الطرقات العامة مستخدمة بعض الاجهزة المساعدة، وضبط اشخاص يبيعون الاسلحة ويحوزونها، الى جانب حملات امنية على صيادي الطيور وضبط اسلحة صيد كثيرة، اما الآن فإن دور هذه الإدارة بات مركزا على تجديد تراخيص الاسلحة او اصدار اخرى جديدة، ومن النادر وجود ضبطية، لأن الكويت ليست من الدول المنتشر بها السلاح كما نسمع ونرى في دول اخرى.صعوبة التقنينمن جانبه، دعا وزير التربية السابق المحامي أحمد المليفي، الى عدم تسييس القضية التي وقعت أول أمس، رغم بشاعتها، بل تجب معالجتها من خلال منظور تربوي ثقافي يقوم سلوك الأبناء ويحد من معدلات العنف في البلاد، لأن من الصعب تقنين حيازة الأسلحة البيضاء كردة فعل للجريمة الأخيرة. وقال المليفي لـ"السياسة" ان معالجة العنف بكافة أشكاله ضرورة ملحة، وكذلك تجب معالجة ظاهرة اخرى تتمثل في التنمر على غير المواطنين، لأن هذا أيضا يولد عنفا.وأكد ضرورة تكاتف كل الجهات من أجل وضع برنامج شامل يحتوي على خطة مبرمجة ذات أبعاد فكرية وسلوكية.جريمة نكراء بدوره، يقول وزير الأوقاف السابق فهد الشعلة لـ"السياسة"، ان الجريمة التي وقعت أول أمس جريمة نكراء وبشعة، وحل إشكالية تنامي معدلات الجرائم في البلاد يكمن في معالجات عدة، أولها ضرورة قيام وزارة الداخلية بإعداد دراسة، بالتعاون مع جامعة الكويت ووزارة الشؤون والتربية والأوقاف وبعض الوزارات المعنية الأخرى ومؤسسات المجتمع المدني، للوقوف على أسباب تزايد العنف والجرائم مع سبل معالجتها من خلال تشريعات جديدة. وذكر الشعلة أن الامر بحاجة كذلك لإدخال رجال الأمن في دورات متخصصة مع تزويدهم بأسلحة الحماية والدفاع الكافية مع ضرورة وضع كاميرات على كافة الدوريات حتى تتضح معالم أي جريمة تحدث .غريبة على المجتمعالى ذلك، قال الخبير في العلوم الاجتماعية د.عبدالوهاب الحساوي لـ"السياسة" ان ظاهرة تنامي الجرائم في المجتمع الكويتي جديدة ولم نألفها في السابق، فقد عرف عن مجتمعنا في بداية نشأته الأمن والأمان ولهذا كان يجذب الكثيرين من الدول المجاورة ، مبينا أن الجريمة التي وقعت أول أمس وإن كانت تحدث في كل دول العالم، إلا أن غرابتها تكمن في أن الجاني اعتدى أولا على أمه وقتلها بدم بارد وهذه كارثة اجتماعية بحد ذاتها كما أن إقدامه على قتل رجل أمن كارثة أخرى، والجريمة الأخطر عدم تحرك من صوروا الحادث البشع بملاحقة الجاني. وطالب الحساوي بضرورة تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني بالتعاون مع كل الجهات الرسمية المسؤولة عن حفظ الأمن والمجتمع في البلاد لملاحقة الظاهرة، مفيدا بأن جمع الأسلحة بشكل كامل أصبح ضرورة، كما أن الأمر يستوجب فعلا تقنين المراكز التي تبيع الأسلحة البيضاء بحيث يقتصر بيعها لربات البيوت وكبار السن فقط .حملات جمع السلاحأما المحامي فيصل الشامري، فيرى أن إرتفاع معدلات الجرائم زاد، بكل أسف، عن حده، وأصبحنا نسمع ونقرأ عنها في الصحف وقنوات التواصل الاجتماعي، وبشكل متكرر.وبين الشامري لـ"السياسة" أن نجاح وزارة الداخلية في جمع السلاح عبر حملات سابقة صعّب الحصول على السلاح، ولذلك فان أغلب الجرائم التي حصلت مؤخراً هي بالسلاح الأبيض (السكين)، ولكن هناك إخفاق في التحفظ على المجرمين وعدم أخذ الحيطة والحذر والجدية في تلقي الشكاوى من بعض جهات الضبط والتحقيق، وبعضها يهمل بلا مبالاة، وهذه نقطة مهمة يجب الاهتمام بها ويجب أن يكون الجميع على قدر المسؤولية. وذكر الشامري أن التراخي في ضبط المجرمين والجانحين أو التغطية عليهم "كلفته عالية على الأنفس والأعراض، ومدعاة للتسيب وضياع الحقوق وانهيار المجتمع ".وواضاف ان من بين الأسباب الرئيسية لتفشي الجرائم ، هو آفة المخدرات والسموم التي يدخلها للبلاد ضعاف النفوس والمارقين، والذين يجب قطع دابرهم وتشديد العقوبات عليهم، وفي نظري لاعلاج لهم إلا الإعدام واعدام كل من شاركهم أو دافع عنهم .واضاف ان من الأسباب ظهور بعض السلوكيات التي يجب على الجميع التصدي لها ومحاربتها، سواء الوالدان أو المعلمون أو القدوات في المجتمع، لذلك فإن دور الأب والأم كبير ومهم، فالأبناء أمانة عظيمة يجب الحرص على متابعتهم وتربيتهم تربية صالحة وإبعادهم عن رفقاء السوء.وطالب الشامري بضرورة تغليظ العقوبات على كل من يتم ضبط سلاح معه، ايا كان نوعه، حتى يكون عبرة لغيره، مع ضرورة استمرار حملات التفتيش عن الأسلحة، وتقنين وعدم بيع الأسلحة البيضاء بسهولة.