منوعات
"سيراونجلو"... معاناة الفنانين بعد انحسار الأضواء
الأحد 10 مارس 2019
5
السياسة
كتب - مفرح حجاب:عرضت فرقة "باك ستيج غروب" مسرحية "سيراونجلو" على خشبة مسرح الدسمة ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان "أيام المسرح للشباب" الثاني عشر، الذي تنظمه الهيئة العامة للشباب في الفترة بين 3 و13 مارس الجاري، بحضور حشد من الجمهور والفنانين والمهتمين بالمسرح وضيوف المهرجان الذين ملأوا قاعة المسرح.الكلام عن الفن والفنانين في المسرح دائما يكون ذا شجون ويحمل ملامح وايقاعا ونمطا مختلفا، لأنه يكون بمثابة تعبير حقيقي وصادق عن ابناء هذه المهنة، فهم افضل من يعبروا عن انفسهم.. العرض المسرحي كان يحكي بكل تفاصيله عن هموم الفنان والفن من خلال توليفة قدمها المؤلف والمخرج عبدالله جاسم العلي وإشراف عام محمد راشد الحملي، وبطولة عبدالله العلي، على الريس، أحمد الهاجري، عبدالله وليد، هادي كرم، عبدالعزيز السعدون، عيسى جمعة، إسماعيل كمال، محسن الحداد، وطرح النص قضية مهمة تتمثل في مهنة الفن ما لها وما عليها تجاه العاملين فيها، وتدور فكرة العرض حول سيراونجلو الممثل العجوز، الذي برع في مجاله طوال حياته وحصد الجوائز في جميع المحافل الفنية، ولكن نظرا لكبر سنه تختفي عنه الاضواء، فلم يعد أحد من المنتجين يطلبه لبطولة أي عمل كما كان يحدث في السابق، فقط يريدونه ضيف شرف لتلميع اعمالهم.يحاول هذا الفنان أن يبذل قصار جهده من أجل العودة مرة أخرى إلى الأضواء وهو في نهاية العمر، الذي يفرض عليه أدوار ومساحة معينة فيقرر أن يقوم بإنتاج فيلم من أجل ان يعيد نفسه في عمر العشرينات، إلا ان صديقه المخرج يحاول إقناعه بأن يبتعد عن هذه الفكرة، لأنه لن يستطيع فعل ذلك ويعود إلى أدوار الشباب، فيرفض "سيراونجلو" نصيحة صديقه، ويسترجع ذكرياته عندما كان صغيرا وكيف كان والده ينصحه بأن يصبح طبيبا بعدما علم بحبه للفن وتعلقه به.تزداد حالة سيراونجلو سوءا، خصوصا أن الجميع نسيه ولم يعد أحد يتذكره وينكرون إنجازاته وتاريخه، فيدمن الخمر ويصاب بحالة نفسية شديدة تجعله شديد العصبية، حتى يأتيه ممثل مبتدئ يطلب منه أن يساعده في دخول الوسط الفني، فينصحه أن يبحث عن عمل آخر، لأنه "حين تقدم العطاء وتتلقى النكران يجب أن تتذكر من أنت ولا تسمح لنفوسهم أن تتغلب على نفسك"، وتنتهي حياة "سيراونجلو" ولا يبقى الا أزياء الشخصيات التي جسدها.العرض قدم فكرة ليست جديدة لهموم الفن والفنانين ولكنها كانت أكثر واقعية في ظل عالم متغير سيطرت عليه الماديات والمصالح وازداد فيه الفساد والمحسوبيات والواسطة وضعفت فيه القيم، فمن يتابع العديد من الفنانين في العالم العربي سيجد ان قصة العرض تجسد شخصياتهم وتتحدث بأسمائهم، الأهم أن التعاون بين مجموعة الفنانين، الذين قدموا هذا العرض المسرحي كان مبهرا، فالفعل الدرامي كان هو الأكثر تأثيرا على الخشبة، فضلا عن الانضباط وكانت كل حركة على المسرح في موقعها الصحيح واستطاع الفنانون ان يملأوا خشبة المسرح برشاقتهم وحيويتهم، فجماليات العرض تتخلص في الأداء والحركة على المسرح والأدوات، التي تم استخدامها من سينوغرافيا وديكور وأزياء وموسيقى، كل ذلك ساهم في وجود حكاية شيقة على خشبة المسرح، ومن يتابع أعمال "باك ستيج غروب" وأعمال محمد الحملي على وجه التحديد سيجد فيها أشياء كثيرة مليئة بالإبداع نظرا لشغفه الكبير بالمسرح وهمومه.