كتب - فالح العنزي:عندما اختفت في السنوات الأخيرة "زعل" عدد كبير من المخرجين لغيابها، وعلى الرغم من محاولات المنتجين لاقناعها بالعودة إلى الدراما ظلت الفنانة شجون متمسكة بقرارها لظروف وأسباب كانت تصفها بالخاصة، حتى تمكن الفنان المنتج عبدالله عبدالرضا من اقناعها بالمشاركة في الدراما التلفزيونية "ملاك رحمة" للمخرج محمد سمير، وانتظر جمهورها بفارغ الصبر عودة نجمتهم الشابة بعد غياب طويل."ملاك رحمة" نص تلفزيوني وسيناريو محكم وحبكة درامية متزنة أجاد مؤلفها أحمد العوضي تقديمها بشكل قريب إلى الدراما البوليسية والجرائم الغامضة، حيث يصحو المجتمع على جريمة قتل لا يعرف من القاتل وكيف ارتكب جريمته من دون أن يترك أي أثر خلفه."رحمة"، التي تعمل ممرضة هي في الحقيقة بعيدة كل البعد عن الصورة الكلاسيكية، التي عرفت بها كل من ترتدي البالطو الأبيض، طبيعتها جعلتنا نبحث عن الرحمة بها ولا نجدها، شابة لم يعرف قلبها الرحمة قط، تقتل، تضحك، تبكي، تحقد، لئيمة تلعب على جراح الآخرين، وأنانية لا تسمح لكائن من كان بوضع يده على شيء تعتقد بأنه ملكها حتى لو كان بشرا.كانت "رحمة" تهرب من حقيقتها عن طريق الرقص وتقليد الفنانين والمطربين فما تزال بداخلها طفلة، وأنثى حالمة بالفنانات سعاد عبدالله وسعاد حسني وكل من ينتمين لتلك الحقبة. وعلى الرغم من جميع تلك التناقضات في شخصيتها، إلا أن لمسة المؤلف الرومانسية كانت طاغية في الكثير من المواقف والتصرفات التي كانت تعيشها وتتعرض لها بطلة العمل، فمن الحلقة الأولى كنا أمام مجموعة نساء اجتمعن في جسد إمرأة، "رحمة" التي تحب زميلها في العمل الموظف عبدالله عبدالرضا "شهاب" وهو كان يستغلها لكن الحب أعمى، الحب من طرف واحد، كانت طوع أوامره.يعود بنا المسلسل محدود الحلقات الذي يعرض على منصة "شاهد VIP" إلى حقبة الثمانينات، ويشارك في بطولته مجموعة من الممثلين منهم شجون، مرام، عبدالله التركماني، غدير السبتي، عبدالله عبدالرضا، شوق الهادي، حصّة النبهان، شهد سلمان، أحمد العوضي، فيّ الشرقاوي، عصام الكاظمي، أريج العطار، وغيرهم.نجح المخرج الشاب محمد سمير، في تقديم رؤية إخراجية تسير مع نسق السيناريو المكتوب باحترافية، وعرف عن نفسه متبعا طريقة مشوقة تجعل المشاهد يتعاطف تارة مع "رحمة" المجرمة وتارة أخرى يريد لها القصاص، هذا النقيض أجادت تجسيده الفنانة شجون قولا وفعلا، أداء وتمثيلا، فكانت فعلا جديرة بالثقة التي كلفت بها وانها تستحق أن تتسيد البطولة النسائية المطلقة مستقبلا، ولربما هذا العمل سيضعها في مأزق حقيقي في حال استمرت في ممارسة نشاطها التمثيلي، إذ نتوقع لها بشكل أو بآخر أن تعمل على اعادة حساباتها كممثلة بطلة، ولربما تضع شروطا جديدة تتعلق بمساحتها الحوارية أو ترتيب اسمها في "تتر" الأعمال التي تشارك فيها وتكون زاخرة بالأسماء النسائية. الرؤية الإخراجية التي تابعناها في المسلسل جاءت ثرية ومتينة وجيدة قياسا مع مخرج يخوض تجربته الإخراجية الأولى، محمد سمير عقلية ذكية عرف كيف يجعل المشاهد يتبعه في البحث عن خيوط الجريمة ومساعدة المحقق عبدالله التركماني، في فك لغز الجريمة وتضييق الدائرة على القاتلة، علما أن أحداث المسلسل تم تصويرها في ظروف صعبة وتحديدا في ذروة تفشي جائحة "كورونا".

عبدالله عبدالرضا وشجون في "ملاك رحمة"