الأربعاء 02 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

شخصية مبدعة

Time
الاثنين 03 يوليو 2023
View
8
السياسة
م. أفراح جاسم السعيدي

تعتبر شخصية الفرد عنصرا أساسيا وحيويا في نجاح وتطور المؤسسات، فعندما يتمتع الفرد بشخصية قوية ومؤثرة، ينعكس ذلك على المحيط العام، ويسهم في بناء بيئة عمل إيجابية ومثمرة، كون إن الشخصية هي نمط مستقر نسبيًا، وخليط فريد من السمات والخصائص والسلوكيات الفردية التي تحدد نمط تفكير الشخص وسلوكه وتفاعله مع العالم المحيط به، وهي الطابع الفردي الناتج من الوراثة والبيئة، والذي يميز الشخص عن الآخرين.
وتشمل العوامل المكونة للشخصية الاعتقادات، والقيم، والتوجهات والمشاعر، والتفضيلات، أما سمات الشخصية فهي الخصائص الفردية المميزة مثل العزيمة، الثقة بالنفس، الانفتاح، الانضباط، الشجاعة، الاستقلالية، الانفعالية، الودية، الذكاء وغيرها والتي تعكس الاختلافات والتفاوتات بين الأفراد وتصرفاتهم، أي يمكن اعتبار الشخصية كمفهوم شامل يشمل سمات الشخصية، وعوامل أخرى.
ولما لسلوك الفرد أهمية تنعكس على كيان المؤسسة، فإن فهم العوامل المؤثرة عليه ضرورة حتمية لتمكن القيادي من تحليل سلوكه، وتوجيهه بشكل أفضل، وذلك يكمن في البداية من فهم الميول الفردية والتوجهات والاهتمامات، وبالتالي توظيف الفرد في المكان المناسب له، أي كما نقول وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب.
على سبيل المثال كان يعمل معي أحد المبدعين في أحد المجالات، وكقيادي دائم التفكير في كيفية خلق الولاء الوظيفي لدى الموظفين، جردته من أي مهمات إضافية أخرى، وأوكلت له مهمة خاصة مرتبطة بميوله، وكانت صفقة مربحة لكلا الطرفين، شخصيا حصلت على موظف مبدع أبدى سلوكًا نشطًا ومبادرًا في بيئة العمل، وكان له تأثير إيجابي على إيجاد حلول جديدة ومبتكرة، كما نشر الحماسة والحيوية في فريق العمل من خلال توجيه النقاشات وتحفيز الزملاء على التفكير خارج الصندوق، أصبح خط الدفاع الأول عن الفريق، أما بالنسبة له، فهو يمارس شغفه في عمله، وهنا يبين كيف نهج الميول أن يؤثر على سلوك الفرد في بيئة العمل، وتعزز التحفيز والإنتاجية.
وتيمنا بعلم نهج التصرف، الذي يعتبر الفرد كيانا نشطا يتفاعل مع بيئته، لذلك يركز على دراسة السلوك القابل للملاحظة وللقياس بهدف فهم كيفية تشكل السلوك، وتأثير العوامل المحيطة عليه اذ يتمحور حول استجابة الفرد للمحفزات الخارجية التي تؤثر على سلوكه، وتشجيعا مني له، وإيمانا بأن الفرد يتأثر بالتحفيز والتوجيه والتعليمات الواضحة، والتواصل الفعال،طلبت مكافأة خاصه له تقديرا لجهوده، الأمر الذي أدى إلى زيادة عطائه. وكما هي طبيعة الحال، فإن الظروف المحيطة بالمؤسسة متغيرة وغير مستقرة كتغير مؤشر سوق الأسهم صعودا وهبوطا، الأمر الذي يؤثر على سلوك الفرد، وهنا يأتي دور القيادي الذي لا بد له من أن يتكيف مع هذه المتغيرات ويتصرف بناء عليها، وهو ما يسمى النهج الوضعي. لذلك لا بد من أن يتميز القيادي بالقدرة على تكييف سلوكه وأسلوبه مع الظروف المتغيرة، ومواجهة التحديات الصعبة والأزمات، وتوجيه الفريق بشكل فعال، واتخاذ القرارات الملائمة نحو الهدف المنشود.
وبالعودة إلى موظفنا المتميز، فإنه ورغم مرور المؤسسة بتغيرات إلا أنه استمر في تألقه نتيجة لغرس بذرة الولاء الوظيفي لديه مسبقا.
أخيرا، لا بد من ذكر التفاعل الحتمي بين العوامل الشخصية والعوامل الوضعية في تحديد السلوك والنتائج والذي يسمى النهج التفاعلي اذ يعتبر السلوك البشري نتيجة تفاعل بين العوامل الشخصية الداخلية للفرد، مثل الميول والقدرات والقيم والعوامل الوضعية الخارجية، كالظروف الاجتماعية والثقافية والمحفزات، فلو عدنا الى الموظف الموهوب، سيكون تأثير النهج التفاعلي واضحًا في سلوكه حيث يظهر تفاعل العوامل الشخصية والوضعية في سلوكه.
على سبيل المثال، قد يكون لديه اتجاه قوي نحو الأداء المتفوق والسعي الى تحقيق أعلى مستويات الجودة في مجاله، ومع ذلك، قد يواجه تحديات في إدارة ضغط العمل، والتوازن بين المواعيد النهائية والجودة، بناءً على ذلك يتصرف باستخدام مهاراته لتحقيق أهداف المشروع وتلبية توقعات الرؤساء، وفي الوقت نفسه، يعمل على تنظيم وإدارة وقته بشكل فعال للتأكد من تسليم المشاريع في المواعيد المحددة، أي أن يتفاعل الموظف بين قدراته الفردية والضغوط الوضعية لإظهار أداء متميز.
ختاما، يمكن القول: أن سلوك الفرد في المؤسسة يتأثر بتفاعل مجموعة من العوامل، بدءًا من العوامل الشخصية وصولاً إلى العوامل الوضعية والاجتماعية، وفهم هذه العوامل وتحليلها يمكن أن يساهم في إدارة السلوك في المؤسسة، وتحقيق الأداء المتميز والتطوير المستدام، بشرط توفر عوامل النجاح من قيادة مطلقة، فعناصر تحفيز وثقة تمنح للموظفين قبل القياديين.

كاتبة كويتية

[email protected]
آخر الأخبار