حسن علي كرملعل هناك الكثير من المواطنين، مسؤولين وغير مسؤولين، اساؤوا فهم كلام الخبير الدستوري شفيق امام الذي بقي يفتي ويفند، ويقرر الخطأ من الصواب، ويمنح بركاته للدوائر العليا في الدولة (مجلس الامة،مجلس الوزراء، التأمينات الاجتماعية، وغيرها).شفيق امام رغم تركه الكويت وعودته الى وطنه ما زال لزقة، حيث يكتب مقالات، وما زال يفتي، ويفند، ويعطي رأياً في كبريات المسائل والقضايا الكويتية، لعل المسائل الدستورية في مقدمها.شفيق امام كان جريئاً وعنيفًا، ولسانه كان اطول من ياقة قميصه او ربطة عنقه، فكان يدعي ان ثقافته او علمه القانوني والدستوري لا يجاريه فيه احد من الكويتيين، لذلك دخل في مشاحنات ومناكفات مع اساتذة القانون الكويتيين على مسائل وقضايا كويتية، يفترض ان الكويتيين ادرى بشعاب وطنهم.في احدى مقالاته الاسبوعية التي ينشرها في احدى الجرائد الكويتية، تجرأ او تطاول على الكويتيين بالقول، بما معناه، لن يظهر بعد مئة سنة كويتي قيادي.هذا القول من وافد رغم اقامته الطويلة في الكويت الا انه استفز وزعل الكثير من المواطنين بخاصة القياديين و المديرين.في نظري، وارجو ان اكون مخطئاً، او ان يصحح احد مشكوراً رأيي، فان الرجل لم يتحامل، او يخطئ على الكويتيين، وبخاصة المسؤولين، كيف؟ حين نعرف السبب لن يبقى هناك عجب، فالكويت بدأت بتنظيم دوائرها الحكومية منذ مطلع خمسينات القرن الماضي، وتنظيم الدوائر ليس على طريقة الملالي "قرأ زرع"، انما تنظيم دولة، امن، شرطة، جيش، كهرباء، مياه، تعليم وتربية، ورعاية اجتماعية. الكويتيون لم يكن لهم سابق علم بتنظيم الدوائر الحكومية على غرار ما هو حاصل في الدول الحديثة، فكان يقيناً الاستعانة بالخبرات العربية الوافدة،لا سيما الفلسطينيين والمصريين، الذين تقاسموا -المدينة - الى نصفين، الفلسطينيون تولوا شؤون الامن، خليل شحيبر على الشرطة، و شقيقه على الجيش، وخالد الحسن على البلدية، عبدالمحسن القطان ومحمد احمد الحناوي الكهرباء وغيرهم، اما المصريون فقد تخصصوا في شؤون القوانين والادارة وشؤون المحاكم.هذا النظام استمر الى الغزو العراقي الغاشم، بل لعلي ازعم ان الادارات الحكومية اكثر استقراراً في العهود السالفة، بل اكثر الوزراء كانوا يفضلون مساعدين من الجنسيات الوافدة، مديري مكاتب، سكرتاريات، وكانوا لا يفضلون الكويتيين.لذلك بقيت عقدة الكويتي والاجنبي طاحنة وصراعا لا ينتهي، رغم المطالبات البرلمانية بتكويت الجهاز الحكومي، الا ان الصورة باتت تتحول من قياديين وافدين الى مواطنين، ولعل هنا الخبرة كانت كافية لكي نرى الاصح من الصحيح، فالمسؤول الكويتي رغم علومه وشهادته الجامعية، الا ان خبرته ضئيلة في الادارة، فالادارة فن من الفنون وينبغي اتقانها كي تناط بصاحبها. لذلك وجدنا ان الادارات الحكومية لم تستقر اوضاعها، ولعل بدعة التدوير والتقاعد المبكر من احدى خطايا عدم الاستقرار في الادارات الحكومية.ما هو الحل؟ لا ينبغي تولي مسؤول منصباً قيادياً الا بدورة نظرية وعملية لا تقل عن ستة اشهر، يتعلم فيها فنون الادارة من جميع الجوانب.هذا ناهيك ان يتحرر المسؤول، صغيراً كان او كبيراً، من عقدة المناطقية، والمذهب، والطائفة، والقبيلة، والرجل والمرأة، و ان يرىالجميع بعين واحدة، فالدولة الناجحة هي دولة الكيان الواحد، والقياس، والعبرة بالمرء علمه وعقله وخبراته (وفوق كل ذي علم عليم). لا يعيب المرء اذا اخطأ او قصر في علمه، فليس هناك انسان كامل، وليس هناك علم كامل، انما هناك جهد وعمل كامل(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، علينا الا نتعقد بعقدة الوافد ولا ينبغي ان نخجل من الجهل بالشيء. للعلم كل الدول الناشئة التي تخلصت من الاستعمار عاشت فترات لا استقرار اداري، واستعانت بخبرات اجنبية، واذا استعانت الكويت عند الحاجة بخبرات وافدة فذلك للضرورة وبناء الدولة، ويبقى الخير في ابناء الوطن بكل اطيافهم نساءً ورجالاً، وخير القول وقل اعملوا والباقي على الله.صحافي كويتي
[email protected]