السبت 28 سبتمبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
شكراً محكمة التمييز إنصافك الممنوعين من السفر
play icon
الافتتاحية

شكراً محكمة التمييز إنصافك الممنوعين من السفر

Time
الأربعاء 30 أغسطس 2023
View
496
السياسة

هو انتصارٌ للدستور، ويرسخ مبدأ عدم تقييد حرية المواطنين، وبالتالي، فإن حكم محكمة التمييز بشأن عدم مصادرة جواز سفر مواطن أو منعه من السفر، هو ركيزة أساسية في حفظ حريات المواطنين كافة، دون تمييز بينهم، إلا في حال الجرم الجنائي الواقع على أمن الدولة الداخلي، أو على النفس، أو التزوير، أو غيرها من الأحكام التي تقيد فيها المحكمة حرية الجاني إلى حين محدّد، وليس منعاً أبدياً.
هذا الحكم في جوهره يعزز الحريات التي تعاني اليوم من اقتراحات نيابية تسعى إلى تقييد المواطنين ضمن أطر عفى عليها الزمن، وفي الوقت نفسه يوقف ما يسمى الإكراه البدني في جنح القضايا المدنية، وهو أيضا علامة فارقة في الممارسة القضائية الكويتية التي دُرجت على اجتراح الأحكام وفقا لنصوص الدستور، وحتى حين تكون هناك انتكاسة، فإن "التمييز" تعيد تصويب البوصلة بالاتجاه الصحيح.
لا شك أن نحو 120 ألف مواطن يعانون من تقييد حرية تنقلهم، استناداً إلى مديونيات بسيطة، ومنها ما اشتهر عن منع مواطن من السفر مقابل عشرة دنانير، أو خمسة آلاف، وحتى 50 ألفا أو مئة، فهذا الإنسان لا وطن له غير الكويت، وطالما أن القضية منظورة أمام القضاء لا يمكن اتخاذ أي إجراء تنفيذي فيها إلا بحكم نهائي، لكنه لا يصل إلى منعه من السفر والعودة إلى البلاد.
ثمة بعض الكويتيين، كما يقال، ممنوعون من السفر منذ ثلاثين عاما، وبعضهم منذ أربعين سنة، ولا شك أن معاناة هؤلاء أكبر بكثير من الجنحة التي ارتكبوها.
هذا الإجراء ليس موجوداً بأي دولة في العالم إلا بالكويت، لأن ثمة قراءة ناقصة لمعنى الحريات المكفولة دستوريا، بل لمعنى سيادة الدستور، الذي عبره تنتظم الدولة، ولهذا اليوم عندما تصدر محكمة التمييز، وهي أعلى درجة قضائية، هذا النوع من الأحكام، فمعنى ذلك أن على الجميع التقيد بالقرار، بل على الجهات التنفيذية كافة في الدولة أن تجعل من هذا النص التاريخي ديدناً لها في الممارسة مستقبلا.
صحيح أن من حق الدائن المحافظة على حقوقه، لكن ليس له التمتع بحق لم يُجِزه الدستور، لأن في ذلك خروجا على القواعد الأساسية التي قامت عليها الدولة، ومن هنا فإن على السلطة التنفيذية عدم اتخاذ أي إجراءات تقيد حرية المواطنين، بل على مجلس الأمة أن يعيد النظر في جملة تشريعات تخالف الدستور، في النص والجوهر، ومذكرته التفسيرية، والتي تتعارض مع حقوق الإنسان المكفولة شرعا، ودستوريا، ودوليا.
واهمٌ من يتصور أن القانون يعلو على الدستور، وجاهل من يعتقد أن سلطته الموقتة تمنحه حقاً أبدياً في ممارسة الظلم على الآخرين، فالكويت منذ الأزل كانت واحة الحرية في الرأي والتنقل والإبداع، وهي أساسا قامت على هذه الأركان التي بلورتها النصوص الدستورية، وسلسلة أحكام من محكمة التمييز، فبمقدار الجرأة في الحق بما أرسته "التمييز" بمقدار ما تكون الكويت على النهج القويم، لذا لا بد من عدم السماح لخفافيش التخلف القابعة في أروقة مجلس الأمة، والسلطة التنفيذية والدولة العميقة بفرض رؤيتها المناقضة للدستور.
نعم، شكراً كبيرة لمحكمة التمييز التي سطرت جملة أحكام منهجية، تعيد للكويتيين والكويت رونقها وصورتها الحقيقية، وليس ما علق من شوائب نتيجة جهل البعض بالدستور.

أحمد الجارالله

[email protected]

آخر الأخبار