"شليوي ناش"... كوميديا نابعة من قلب الألم والمعاناة

تُولَد الضحكات القلبية والمواقف الطريفة، مِن صميم المعاناة والآلام التي يعيشها حارس المدرسة الفقير "شليويح" وسائق الشاحنة البسيط "ناشي"، في الكوميديا المُستمدّة من حقبة السبعينات "شليوي ناش" على MBC دراما في رمضان.
يوضح الفنان السعودي عبدالله السدحان، بدايةً أنه وجد نفسه في شخصية "شليويح"، لدى قراءته النص الكوميدي الذي كتبه عبدالله السعد. ويتابع عن طبيعة الدور: ألعب دور حارس في مدرسة للبنات، تلك المهنة لم يختَرْها "شليويح" بملء إرادته ولكن فرضتها عليه الظروف المالية والمعيشية التي حَتّمتْ عليه إيجاد أي وظيفة بغضّ النظر عن المُسمّى. يعيش شليويح مع والدته، وقد اضطر للقبول بهذا العمل كونه مصدر الرزق الوحيد الذي أُتيح له.
ويشرح السدحان: "تقتضي وظيفة شليويح عملياً الإشراف على دخول وخروج الطالبات مِن وإلى المدرسة، لذا عليه أن يكون أهلاً للثقة وأن يتحلّى بالأمانة والشرَف والأخلاق العالية". ويُوضح: الشخصية بسيطة وجميلة وتمثّل الكثير من المعاني الإنسانية التي قد نفتقدها أحياناً في زماننا الحالي كالوفاء والكرامة والأمانة والشهامة. وحول ما يواجه شليويح في حياته من تحديات، يقول السدحان: "التحدي الأكبر هو الزواج، فوالدة شليويح تريد أن تزوّجه، فيما يرفض هو الإقدام على هذه الخطوة ما دام غير قادرٍ على منح زوجته مستوى حياة لائق يوازي على الأقل مستوى معيشتها في بيت أهلها، لذا وفي ظلّ حياة التقشّف التي يعيشها مع والدته، يرفض الزواج. يشير السدحان إلى أن شليويح سيقع لاحقاً في حب إحدى معلمات المدرسة وهي عبلة "غدير زايد"، ليذكّرنا بالحب الجميل ومعانيه السامية في تلك الفترة الزمنية، ولتبدأ المفارقات بالظهور خلال الأحداث المتعاقبة.

ثراء مفاجئ
ويوضح أن تطورات مفاجئة في سياق الأحداث تقلب حالة الفقر التي يعيشها "شليويح" إلى ثراء، ويضيف: "رغم كون النَص كوميدي إلاّ أنه مليء بالمواقف التراجيدية المؤلمة في بعض الأحيان. "شليويح" متصالح مع نفسه، فهو الإنسان الذي لم تؤثر المادّة عليه أو على تصرفاته مع الآخرين حتى البسطاء منهم، إذ تبقى الإنسانية موجودة عنده وحاضرة في تصرفاته وشخصيته رغم الثراء الطارئ على حياته، والذي قد يُفقِد الكثيرين غيره توازنهم.
وحول ما قد يطرأ من مقارنات بين ثنائية السدحان ويعقوب، وبين السدحان وناصر القصبي التي اعتاد عليها الجمهور طيلة ربع قرن، يوضح السدحان: "عندما نتكلم عن الثنائيات المتناغمة، فلا شك أن ثمة تناغم كبير سيلمسه الجمهور بيني وبين الأخ يعقوب، ولكن لا يجب المقارنة بأي حال من الأحول بين ثنائية ناصر القصبي وعبدالله السدحان، وبين الثنائية الحالية لي مع يعقوب أو أي ثنائية أخرى.. فتلك ثنائية تختزل عمراً كاملاً، وتمتد على مدى أكثر من ربع قرن من العمل إلى جانب الصداقة والأخوّة والأسفار والأسرار والتفاهم والتواؤم. لذا من الظلم مقارنة ثنائية عمرها عقود من الزمن مع ثنائية عمرها أشهر أو أُخرى عمرها سنوات.
يشدّد السدحان على أن العمل مع المخرج عيسى ذياب كان مُوَفّقاً، مُثنياً على إبداع الأخير وتفانيه في العمل. ويختم السدحان بالإشارة إلى أن الجمهور اليوم صار أكثر انتقائيةً للحسّ الكوميدي والطُرفة، فما عادَ سهل الإضحاك كما كان في الماضي.
يَصف يعقوب عبدالله أوّل تعاون له مع عبدالله السدحان بقوله: "أعتبر لقائي مع السدحان بالمدرسة، فهو هامة كبيرة". ويضيف: "زالتْ جميع مخاوفي عند تعرّفي على السدحان عن كَثَب، فهو فنان جميل، ويمتلك القدرة على الإندماج بالآخر، ولديه كيمياء خاصة تمكّنه من خلق توليفة مع كل من حوله، وقد تعلّمت منه الصبر والثقافة والاتزان بالأداء، وأفتخر أنني اكتسبتُ أخاً وصديقاً بحق".

ثنائية مميزة
يوضح يعقوب، تعليقاً على تقييمه لتجربته الكوميدية: "رغم كون العمل كوميدياً بامتياز لكنه يقدّم نوعيةً مختلفةً من الكوميديا إذ تعتمد على الموقف التراجيدي.. فهي كوميديا نابعة من قلب الألم، ويبدو أن هذه الخلطة بين خلفيّتي التراجيدية وخلفية السدحان الكوميدية أسفَرَت عن مُنتَج جميل ومميز، وأُشبّه هذه الحالة بحالة الثنائي الذي يكمّل بعضه بعضاً، لذا أعتقد أن المُشاهد سيحب هذا الثنائي، وسيلمَس مقدار المحبة الموجودة بيننا، وهو الأمر الذي شدّد عليه السدحان طوال مراحل التصوير، وأترك الحكم للجمهور"
يقول يعقوب عن دور "ناشي": إنسان بسيط وفقير، يعتبر أن الفقر الحقيقي هو فقر الأخلاق لا المال، وأن الثراء الحقيقي يكمن في امتلاك عزة النفس والكرامة. لذا سنجد أن ناشي يعمل بجد واجتهاد على شاحنة نقل، ويتعامل مع مختلف الأصناف من البشر بكل أريحية وتصالُح مع النفس، وهناك علاقة حب بين "ناشي" وابنة عمه "حصة"، تجسّد أسمى معاني الحب النادر الذي قد يكون مفقوداً في هذا الزمن، فهو يحلم بها في صحوه ونومه، ويسعى إلى حمايتها بموازاة حفاظه دائماً على عزة نفسه وكرامته.
يتطرّق يعقوب إلى طبيعة نصّ عبدالله السعد: يتميز النص بأنه لا يَفرضْ الكوميديا فرْضاً بل تنبع من معاناة الشخصيات والمواقف التي تمرّ بها.. لذا فهي كوميديا الموقف والحياة والطبيعة والمأساة التي تعيشها تلك الشخصيات. يختم يعقوب بالإشارة إلى تَفرُّد أسلوب وأفكار المخرج عيسى ذياب، الجريء بلقطاته وزواياه ورؤيته وسرده للقصة المليئة بالحب والقيَم والمعاناة والرومانسية والحب.
يُعرض "شليوي ناش" على MBC دراما في رمضان من بطولة عبدالله السدحان، يعقوب عبدالله، محمد العجيمي، لطيفة المقرن، غدير زايد، عبدالامام عبدالله، مرام البلوشي، حصة النبهان، غرور، شهد سلمان، عبدالعزيز النصار، عبدالمحسن القفاص، وآخرين.