الأحد 22 سبتمبر 2024
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

صراعات المصالح والاختبار العربي الجديد

Time
الأربعاء 10 مايو 2023
View
9
السياسة
د.سالم الكتبي

تشير تقارير غربية إلى وجود صراع مصالح في السودان بين الصين وروسيا، وأن مصالح البلدين الحليفين تبدو متضاربة، حيث تسعى الصين لتعزيز نفوذها في إفريقيا من بوابة المصالح الجيوسياسية، والاستثمارات، والاقتصاد والتجارة، بينما ترتكز روسيا، التي تمتلك علاقات قديمة قوية مع السودان في عهد البشير، حالياً على نشاط مجموعة "فاغنر" العسكرية، التي تمتلك وجوداً واضحاً في العديد من الدول الإفريقية، وتطرح نفسها في دول أخرى كبديل للنفوذ الفرنسي التقليدي، سواء في إطار تحالفات تقليدية أو على صعيد التعاون مع هذه الدول لمواجهة تنظيمات الإرهاب التي تنتشر بكثافة في مناطق عدة بالقارة.
كما تمتلك روسيا علاقات قوية مع طرفي الصراع السوداني، فقد التقى وزير الخارجية سيرغي لافروف كل من البرهان وحميدتي خلال جولته الإفريقية في فبراير الماضي، وهناك تقارير عن تعاون في مجال التعدين والتنقيب عن الذهب، وخطط لانشاء قاعدة بحرية روسية على سواحل البحر الأحمر.
السودان دولة مهمة للغاية في إطار صراع الهيمنة والنفوذ على الساحتين، الإقليمية والدولية، والصين هي الشريك التجاري الثاني لها، وهناك طموحات ستراتيجية كبرى للمثلث الأميركي ـ الصيني ـ الروسي في هذا البلد العربي.
لا شك أن الصراع الدائر في السودان يمثل فرصة مثالية للولايات المتحدة لتعزيز نفوذها في إفريقيا في إطار صراع الهيمنة مع منافسيها الستراتيجيين، حيث فقد ادت الولايات المتحدة دورا فاعلا في إتفاق الهدنة الأخير، وتتواصل بشكل مكثف مع طرفي الأزمة، وستعمل بالتأكيد على تأمين وضمان مصالحها، وتقليص قدرة روسيا تحديداً على التغلغل في إفريقيا عبر البوابة السودانية.
الصين قد تبدو في موقف المراقب في المرحلة الحالية، حيث تتابع بكين بحذر تأثير ما يحدث عن مبادرة "الحزام والطريق" التي تشمل جميع الدول الإفريقية تقريباً، كما أن القارة باتت ساحة تنافس مهمة للغاية في إطار سعي الصين لتعزيز مكانتها دولياً، حيث تنشط بكين في تمويل مشروعات الطاقة والاستثمارات في الكثير من الدول الإفريقية.
وهناك تقديرات بحثية أميركية تشير إلى الاستثمارات الصينية في مجال البنية التحتية للطاقة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى قد زادت بنحو عشرة أضعاف خلال العقد الماضي ووصلت إلى نحو 15 مليار دولار، فضلاً عن تعاقدات أبرمتها شركات صينية مع 15 دولة إفريقية لتوريد الطاقة الكهربائية، مقابل تعاقدات لشركات أميركية مع ثلاث دول إفريقية فقط. وتشير تقديرات مؤسسة "ذا أتلانتيك كاونسل" الأميركية إلى أن استثمارات الصين في إفريقيا تقدر بنحو 54 مليار دولار، وهو رقم يفوق إجمالي استثمارات البنك الدولي التي تقدر بنحو 34 مليار دولار.
لا شك أن الوضع في السودان يمثل اختباراً مهماً جديداً للديبلوماسية العربية، وتحديداً لكل من المملكة العربية السعودية و الإمارات بالتعاون والتنسيق مع مصر، اذ تتشارك هذه الأطراف الثلاث في العمل من أجل تبريد وتسوية الأزمات العربية في السنوات الأخيرة، وقد يكون من المهم لهذه الدول الثلاث الإسراع بتطويق الأزمة السودانية قبل تفاقمها، وقبل ان تضاف إلى سلسلة الأزمات العربية المزمنة.
لا سيما أن الوضع الأمني في السودان يمتلك تأثيراً جيوسياسياً مباشراً على كل من مصر والمملكة العربية السعودية، التي تحتاج إلى ضمان امن الملاحة في البحر الأحمر، وعدم وجود صراع عسكري على الضفة المقابلة لها، في وقت تبذل فيه المملكة جهوداً ديبلوماسية كبيرة لانهاء الأزمة اليمنية، ونجحت في تهدئة التوترات مع إيران، واتجهت إلى فتح صفحة جديدة في علاقاتها مع سورية.
وبالتالي فإن الرياض قد يكون لها مصلحة كبرى في احتواء الصراع السوداني قبل استفحاله، لاسيما بما تمتلك من علاقات قوية مع اطراف إقليمية ودولية فاعلة مثل مصر والإمارات وتركيا والولايات المتحدة والصين وروسيا.

كاتب اماراتي
آخر الأخبار