الجمعة 02 مايو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

صفع الأطفال... جريمة نفسية حرام شرعاً

Time
الأحد 24 يناير 2021
View
10
السياسة
القاهرة ـ منة الله عصام:


يعتبر التعامل مع الأطفال بأسلوب الضرب للتأديب أو حتى على سبيل المزاح، أمرا غير إنساني، وبعيدا عن العملية التربوية، كذلك لا يعد مقبولا تحت أي ذريعة، إذ يؤذي مشاعر الطفل ويشعره بالإهانة طوال عمره ولا يسهل عليه التخلص من أثاره.
ورغم تأكيد خبراء التربية أن هذا النوع من الضرب يعتبر خطرا، لما يسببه من أضرار نفسية وصحية على الأطفال، إلا أن غالبية الأسر في دولنا العربية لا تزال تستخدم هذا الأسلوب العنيف، وبداخلها يقين أنه الأسلوب الأفضل فى تربية وتقويم الأبناء، غير مكترثة لمخاطره.
حول تأثير ضرب الأطفال على وجوههم وتداعيات هذا الأسلوب في التربية أكد عدد من الأطباء والمتخصصين في التربية وعلم النفس أن هذا الأسلوب يصيب الأطفال بالأمراض النفسية والعصبية، وضعف الشخصية، كما انه من الممكن أن يتسبب في حدوث ارتجاج ونزيف بالمخ، فضلا عن أنه محرما شرعا، وفيما يلي التفاصيل:
بداية، قالت اختصاصية التخاطب والعلاقات الأسرية الدكتورة عزة السمان: إن ضرب الطفل على الوجه يعد من أقوى وأهم الأسباب التي تؤدي إلى الكثير من الأمراض النفسية التي يعاني منها في سن مبكرة، مثل، أمراض الكلام "التلعثم واللجلجة"، وغيرها من الأمراض النفسية المؤثرة بشكل كبير على سلوكه. وذكرت أن الأبحاث والدراسات أكدت أن تأثيره يمتد إلى الخلايا العصبية بالوجه، بل إن تكرار الضرب قد يؤدي إلى تلفها، لذلك يحذر علماء النفس من عقاب الأطفال بالضرب خاصة على الوجه، مشيرين إلى أنه يؤدي بجانب ما سبق، إلى الكثير من المشاكل الأخرى التي لا يدركها الآباء إلا بعد فوات الأوان، ومنها أنه نتيجة الضرب المتكرر على الوجه يصيب الطفل بضعف الشخصية، ليس لفترة بعينها ولكن هذا الضعف يلازمه طوال حياته.
وتابعت يتسبب صفع الوجه في التوتر الدائم للطفل، والخوف والرهبة من أي شيء، إضافة إلى شعور الكراهية الذي قد يصاحبه طويلا، ليس هذا فحسب بل يلجأ دائما إلى الكثير من السلوكيات غير السوية، مثل، "الكذب والعناد"، وجميعها تؤدي في النهاية إلى شخصية غير سوية نفسيا على المدى البعيد.
وبينت أن من الأمور الخطيرة التي نوهت لها الدراسات أن ضرب الطفل يؤدي أيضا إلى إصابته بالأمراض العصبية، مثل "الشلل الرعاش والزهايمر"، لافتة إلى أن هناك ما يسمى بـ "متلازمة هز الطفل" التي تعتبر أخطر ما قد يصاب به نتيجة الضرب المتكرر على الوجه، والذي يتسبب في اهتزازه بشكل عنيف، ما ينتج عنه اضطرابات في النشاط الكهربائي للمخ، واضطرابات الرؤية، ومشاكل السمع، بل قد يصل الأمر في الكثير من الأحيان إلى الوفاة إذا زاد الأمر بدرجة كبيرة، ناصحا الأهالي الذين اعتادوا صفع أبنائهم على الوجه، بضرورة إشعار الطفل بالحب، والابتعاد تماما عن العقاب المهين، واستخدام أساليب تربوية سليمة تبني شخصية الطفل على أسس نفسية وتربوية صحيحة.

أخطر الأساليب
من جهتها، أشارت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس الاجتماعي، إلى أن الأهل عندما يستخدمون الضرب كوسيلة لتربية الأبناء يعتبر دليلا واضحا على العجز وعدم القدرة على التربية، لأن "الضرب سمة العاجز"، أما إذا كان الطفل في سن صغيرة فإن ذلك يعد من أخطر أساليب العقاب التي يتبعها الآباء من الآباء والأمهات، رغم تمتع البعض منهم بالثقافة.
وأضافت، كشفت التجارب أن الضرب يترك أثرا بالغا على نفس الطفل طوال مراحل حياته، حيث يجعله يعاني من عدم الثقة بالنفس والآخرين، كما تتولد لديه رغبة شديدة في الانطواء تسجنه في حالة مستمرة من الخجل وعدم القدرة على المواجهة، إضافة إلى ذلك فإنه يشعر بالبغض والكراهية نحو الأهل، ومع مرور الطفل بالمراحل العمرية المختلفة يصعب علاج تلك الآثار إذ يظل في حاله عدم اتزان واهتزاز نفسي، بينما في حالات أخرى يصبح عدوانيا بدرجة كبيرة، لا تقل خطورتها عن الانطوائية والخجل، ما يستوجب العلاج وإعادة التأهيل، مؤكدة أنه كلما تقدم العمر بالطفل الذي تربى بهذه الطريقة يصبح من الصعب علاجه.
وأوصت بإعادة النظر في الطريقة التي يتعامل بها الآباء والأمهات مع الأبناء، وإخضاع الطفل لبرنامج مدروس من خلال اختصاصي نفسي اجتماعي يعتمد على الحوار وإقناع الطفل أن ضربه على الوجه كان خارجا عن إرادة الأبوين، كما يعتمد أيضا على تعزيز ثقته بنفسه، وممارسة رياضة جماعية ليعتز بذاته، مشيرة إلى أن هناك بعض أساليب العقاب التربوية التي نصحت بها الدراسات وأكدت فاعليتها ومنها حرمان الطفل من بعض الأشياء التي يحبها لمدة معينة تكون معلومة لديه ليعلم أن هذا الحرمان نتيجة خطأه.

تأهيل الآباء
بدوره، أكد خبير التنمية البشرية الدكتور أحمد سمير، أن المجتمع لا يزال يعاني من انعدام ثقافة الصحة النفسية، وعدم اتباع أساليب التربية الحديثة التي أصبحت تعاني من التهميش والإهمال، ومنها الوقوع في خطأ ضرب الأطفال المتكرر خاصة على الوجه، بسبب أساليب التربية الخطأ المتبعة، الأمر الذي يستلزم ضرورة وضع أساس ثقافي نفسي يساعد الآباء في إدراك مدى الأضرار التي قد يعاني منها الأبناء بسبب ذلك، لابد أيضا من تأهيل الآباء والأمهات للتعامل مع أبنائهم بأساليب التربية المنهجية التي تناسب كل أسرة وكل فئة، واقتلاع بذرة العنف من داخلها.
ولفــــــت إلى أن هذا الأسلوب في العلاج يبدأ من دراسة ومتابعة الآباء لقدرات الأبناء جيدا فهذا يبعدهم عن تكليفهم بما لا يقدروا عليه، وتجنبهم الفشل الذي كان يلاحقهم، كما يجب دعم الطفل وتنمية قدراته ومهاراته، تشجيعه على التقدم بالطرق التي تناسبه، وجعل الحوار وسيلة التواصل بين جميع أفراد الأسرة، كبارا وصغارا.
وتابع: أما فيما يتعلق بأساليب العقاب، فقد أثبتت الدراسات النفسية والاجتماعية أن العقاب عن طريق الضرب، خاصة صفع الوجه، يعد من أكثر طرق العقاب فشلا ويأتي بنتائج عكسية تماما، لذلك لا بد من استبداله بطرق العقاب السليمة، ومنها الحرمان من أمور معينة، مؤكدا أنه إذا نجحت الأسرة فى تدعيم أسس التربية داخل المنزل بتلك الدعائم، فسوف يتلاشى تماما وصول الأمر إلى حد العقاب القاسي المهين بصفع الوجه، كما تتلاشى الأثار الصحية السيئة التي قد يتعرض لها الأطفال في سن صغيرة.
ونصح باتباع أفضل أساليب التربية أو طلب الاستشارة من المراكز و الجمعيات التي تنظم ندوات ومحاضرات لتعميم ثقافة التربية السليمة، كما يمكن للآباء الاستعانة بالمتخصصين فى هذا الشأن، حتى لا يتطور الأمر ويعانى الطفل من أثار نفسية خطيرة تستوجب فترات طويلة من المتابعة والعلاج.

ارتجاج المخ
إلى ذلك، اعتبر اختصاصي المخ والأعصاب أحمد عبدالعاطي، أن الأضرار الصحية التي تلحق بالأطفال نتيجة الصفع على الوجه المتكرر والعنيف من قبل الآباء، الأمهات، والمعلمين في بعض الأحيان، تؤدي بالحالات إلى أضرار صحية جسيمة قد لا يتوقعها أحد، من أخطرها حدوث ارتجاج المخ الذي يتعرض له الطفل نتيجة للصفع العنيف الذي قد لا يتحمله، كما يحدث أحيانا نزيف المخ الذي لا يتم تشخيصه بسهولة حيث يظهر على الطفل في البداية على هيئة صداع، إلا أن الفحوصات وحدها هي التي تكشف هذا النزيف الذي يشكل خطرا على حياة الطفل خصوصا إذا استمر فترة دون علاج.
وأضاف: أيضا يلعب هذا النوع من الضرب دورا كبيرا في التأثير على مستوى السمع لدى الطفل، بل قد يفقد السمع في بعض الأحيان، ويتعرض أيضا لمشاكل في النظر، فقد تصاب العين أثناء الصفع بإصابات ظاهرة وأخرى غير ظاهرة تؤثر على مستوى النظر، كما يتكرر نزيف الأنف لديه، إضافة إلى سقوط الأسنان، خاصة بسبب ضعفها في هذه السن.
وبالنسبة للآثار النفسية قد تكون أخطر من الأثار الصحية، لأن علاجها قد يحتاج فترات أطول وبرامج تأهيل ليستطيع تخطي تلك الأزمة ويستعيد ثقته بنفسه.
على خط مواز، أكد الداعية الإسلامي الشيخ محمود شلبي: إن صفع الوجه ظاهرة أسرية متكررة، تحدث في الكثير من المنازل كتأديب وتربية للطفل، بل أحيانا تكون على سبيل الهزل والمزاح دون الالتفات إلى الآثار السلبية لهذا الفعل المهين، ودون وعي بما أقره الإسلام في هذا الشأن، حيث حرم الصفع على وجه الإنسان صغيرا أو كبيرا، فالرسول الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، نهى عن ضرب الوجه حتى أثناء القتال، لأن صفع الوجه فيه إهانة كبيرة للمضروب.
وتابع، هناك أيضا الكثير من الأدلة الشرعية التي تؤكد على حرمة صفع الوجه سواء للأبناء، أو الزوجة، وفي أثناء القتال، لهذا يجب على الآباء والأمهات الرفق بأبنائهم منذ نعومة أظفارهم، وأن يستخدموا أساليب التربية العلمية التي تخضع لمنهج نفسي مدروس لأن ذلك هو السبيل الوحيد لتنشئة جيل سوي نفسيا وأخلاقيا.
آخر الأخبار