احتشد الجمهور اللبناني وأهل الفن من الموسيقيين ونجوم الدراما مساء الجمعة بمسرح "أريسكو بالاس" في بيروت، لضمان بقاء "صوت الموسيقى أعلى" وصون حرية التعبير، تضامنا مع فرقة "مشروع ليلى" التي ألغي حفلها في مهرجان "بيبلوس".أقيم الحفل في نفس اليوم الذي كانت ستحيي فيه "مشروع ليلى" حفلها، وتطوع نحو 47 فناناً وممثلاً وكوميدياً وعازفاً للمشاركة، إضافة إلى أعضاء فرق موسيقية أرادت التضامن، أدى الجميع مختارات من أعمال "مشروع ليلى" وأخرى تعبّر عن الحريات. الفئات العمرية التي شاركت في الحفل لم تكن شبابية فقط، بل فئات أخرى وصلت إلى السبعين عاماً، لأن الحرية هاجس الجميع صغارا وكبارا.ألقت الفنانة ندى أبو فرحات، كلمة جاء فيها: "نحن كل تلميذة تريد أن تتعلم في جامعتها الوطنية، نحن كل ناشطة ستكتب رأيها رغم الملاحقات من المعلوماتية، نحن كل شخص يشعر ألا مكان له في هذا البلد، ونحن كل شخص فهم ان مكانه لا يأتي إلا من التضامن مع الآخر، نحن كل شخص فهم أنه لم يعد في إمكاننا أن نقف لوحدنا في وجه هذا النظام، نحن كل شخص يشهد يومياً على إهانة إيمانه، إيمانه في بلد لا تموت فيه الناس على أبواب المستشفيات بسبب الفقر وفي بلد لا تخسر فيه المرأة أولادها بسبب قوانين رجعية". وتابعت: "نحن كل إنسان وإنسانة تشهد يومياً على إهانة إيمانها ولكنها رغم ذلك لا تستخدم العنف أو تهدد بإراقة الدماء، نحن كل إنسان وإنسانة تهان ورغم ذلك تحيي حفلاً، لأن إيمانها قوي وجميل وأقوى من الخوف"، لافتة إلى أنّ "هذا الحفل يشبه البلد الذي نريده، في بلد يوجد فيه مكان للجميع، في بلد يوجد فيه مكان لـ"مشروع ليلى"، مضيفة: "نتضامن اليوم مع حريتنا وحرية "مشروع ليلى"، أتينا للقول إننا لا نريد "بيّ للكل" أو "خيّ للكل"، بل نريد أشخاصاً يؤدون دورهم ويؤمنون حقوقاً للجميع. أتينا للقول لا نريد سلاحاً بلا ضوابط، نريد حرية بلا ضوابط، أتينا للقول إننا لا نريد التضحية بمكتسباتنا، بل بمكتسباتهم هم، لا نريد أن نكون عنصريين بلبنانيتنا بل نريد ان نكون أحراراً مهما كانت جنسيتنا. اليوم مساء سيكون صوت "مشروع ليلى" في كل لبنان، وغداً صباحاً سنطلق معركة الحريات، حرية "مشروع ليلى" وحرية كل مشاريعنا".وتلت الكلمة الافتتاحية، كلمة باسم "مشروع ليلى" ألقتها إحدى المشاركات في تنظيم الحفل، وتضمنت: "كان يفترض أن نحتفل بمناسبة مرور 10 سنوات على تأسيس فرقتنا في مسرح جبيل كبرنا فيه وغيّر حياتنا. كان يفترض ان نحتفل مع عائلاتنا ورفاقنا وجمهورنا بلون كل أغنياتنا. الليلة لم تعد عن "مشروع ليلى"، ولا عن أعياد وسنويات، الليلة عن المناضلة لمستقبل من حيث الرقابة والرقابة الذاتية حتى لا تمنعنا من التعبير عن أنفسنا".ولم تقتصر الحملة على التعبير عن الحرية من "أريسكو بالاس" فحسب، بل انتقلت عند التاسعة مساء إلى سائر المطاعم والاستراحات والسيارات والبيوت وصولاً إلى "التواصل الاجتماعي"، فجاء وقعها وصداها عاليين وموحدين، بعنوان: "القمع مش مشروع".في التاسع من أغسطس، كان يُفترض أن يقف شباب فرقة "مشروع ليلى" وجمهورها في جبيل، لو لم "تُجبر" لجنة المهرجانات الدولية على قرار المنع "منعاً لإراقة الدماء!"، لكنّ حفل الفرقة لم يُلغَ، بل تشعّب من جبيل إلى سائر المناطق اللبنانية، ليس بسبب هذه الغيرة على فرقة موسيقية تملك خطاً فنياً خاصاً، بل بسبب الخوف على ما تبقّى لنا من حريات في هذا الوطن الحر والمتعدد.يقول المحامي أيمن رعد، أحد منظمي الحفل لصحيفة "النهار" اللبنانية، "انّ هناك نصوصاً في القانون تحدّد أين تنتهي الحرية، ومَن يحدّد معيار الحرية هو القضاء حصراً"، مضيفاً: "رغم أنه تم تقديم الاخبار ضد فرقة "مشروع ليلى" في جبيل وخضع أعضاء الفرقة للتحقيق، صدرت إشارة من النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون بعدم وجود منع على أي أغنية من أغنيات الفرقة".لكنّه يلفت إلى أنّ "هذا التحرّك يتخطّى الفرقة الموسيقية، أردنا تسجيل موقف سياسي اعتراضي على قمع الحريات، ونترك نتيجة هذه الصرخة للأيام كي نرى نتائجها على الأرض. نقوم بواجبنا، ونأمل أن نشهد تعديلاً في بعض القوانين المتعلقة بحرية التعبير وأن يصبح بعض القضاة الذين يأخذون قرارات جريئة جداً في موضوع الحريات أكثرية".سواء كنت تعلم بوجود فرقة "مشروع ليلى" أم لا، منظمو الحفل أرادوا أن يوجّهوا رسالة واحدة: "لكل شخص الحرية في التعبير عما لا يحبه، ولكن ليس له الحق في منع الشخص الآخر من ممارسة حريته إلا عبر قرار قضائي".