السبت 12 أكتوبر 2024
28°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأولى

ضحايا زلزال سورية ... المساعدات ضلَّت طريقها في نفق المواقف السياسية

Time
الثلاثاء 07 فبراير 2023
View
5
السياسة
قديما قال شوقي "يا نائح الطلح أشباه عوادينا" أي همنا واحد وحزننا واحد، وإن كان الشاعر يشكو الفراق والغربة، فما أشبه ما قال شوقي قديما ببارحة الزلزال المدمر الذي ضرب سورية وتركيا، فكلاهما في الهم سواء، والمساعدة للإنسانية التي اندثرت تحت الانقاض في البلدين، هنا ليس للجنس ولا للعرق أو الأصل والموطن أو الموقف السياسي أي مكان، لكن حجم المساعدات التي قدمت إلى البلدين، تعيدك إلى قول الشاعر نفسه: فَإِن يَكُ الجِنسُ يا اِبنَ الطَلحِ فَرَّقَنا.... إِنَّ المَصائِبَ يَجمَعنَ المُصابينا؟ وبمعنى آخر : كيف تجمعنا نكبة الزلزال وتفرق بيننا المساعدات على فوهة المواقف السياسية.
ومن دون مواربة، فإن المساعدات الدولية التي قدمت لسورية كانت متواضعة مقارنة بتلك التي تم تقديمها إلى تركيا التي تأثّرت أيضاً بالزلزال نفسه، وذلك لخلفيات سياسية مرتبطة بالعلاقة مع النظام السوري ورئيسه بشّار الأسد، إضافةً إلى عائق العقوبات، ففي الوقت الذي أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن "45 دولة عرضت مساعدة أنقرة"، فإن عدد الدول التي عرضت مساعدة سورية لم يتجاوز حتى كتابة التقرير 6 دول وفق ما نقلت وكالتا "رويترز" و"أ ف ب"، عن الدول التي عرضت مساعدة دمشق.
ورغم ان بعض الدول أعلن "التواصل" مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات عبرها للسوريين، إلّا أن الأمر قد يحتاج وقتاً، في حين أن المساعدات مباشرة إلى تركيا، وعمليات الإغاثة لا يُمكن أن تنتظر انتهاء المعاملات البروتوكولية مع المنظمات الأممية لتقديم المساعدات.
فالأنفاس تحت الأنقاض معدودة بين الحياة والموت.
وثمة أصوات تطالب بتجاوز عقبة السياسة وتوجيه الأنظار نحو الكارثة التي حلّت بالسوريين، والمسارعة إلى إرسال المساعدات لهم، وهم الذين أنهكتهم الحرب قرابة عقد من الزمان.
في هذا الإطار، قال مسؤولون كبار من منظمة الصحة العالمية أمس، إن الاحتياجات الإنسانية لسورية وصلت إلى أعلى مستوياتها بعد الزلزال.
وذكرت أديلهيد مارشانج، كبيرة مسؤولي الطوارئ في المنظمة، أن تركيا لديها قدرة قوية على التعامل مع الأزمة لكن الاحتياجات الأساسية التي لن تُلبى على المديين القريب والمتوسط ستكون في سورية التي تعاني بالفعل من أزمة إنسانية منذ سنوات بسبب الحرب الأهلية وتفشي الكوليرا.
وقالت إن نحو 23 مليون شخص، من بينهم 1.4 مليون طفل، من المرجح أن يتعرضوا للخطر في كلا البلدين بعد الزلزال وتوابعه التي حولت آلاف المباني إلى أنقاض.
الغريب في الأمر أن ثمة دولا عرضت مساعدة أنقرة دون دمشق، كاليونان، وإيطاليا، وإسبانيا، وتايوان، وأوكرانيا، وسويسرا، وباكستان وغيرها، وحدها المانيا التي عرضت مساعدة سورية، إذ قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن بلادها ستقدم مليون يورو إضافية لمؤسسة "مالتيزر إنترناشونال"، وإنها تعمل على إتاحة المزيد من المساعدات المالية لشركاء آخرين في مجال العمل الإنساني لمساعدة ضحايا الزلزال في سورية.
وكان موقف الصين إيجابيا إذ أكد التلفزيون المركزي إن الصليب الأحمر الصيني سيقدّم مساعدة طارئة قيمتها 200 ألف دولار لكل من تركيا وسورية، لكنّه أشار إلى أن بيجينغ ستقدم دفعة أولى قدرها 40 مليون يوان مساعدات طارئة لجهود الإغاثة في تركية، فيما لم يتجاوز عدد الدول العربية التي عرضت مساعدة سورية سوى ست دول الجزائر والعراق ومصر والامارات وايران وروسيا.
في المقابل، عرض عدد من الدول الأوروبية المساعدة المباشرة على تركيا، بينها فرنسا، بولندا، السويد، اليونان، إسبانيا وإيطاليا، التي سترسل المساعدات وفرق الإغاثة.
وفيما، أعلنت بريطانيا أنها تتواصل مع الأمم المتحدة بشأن تقديم الدعم لسورية، قالت الحكومة البريطانية إن 76 متخصصاً في البحث والإنقاذ بالإضافة إلى أربعة كلاب ومعدات إنقاذ وصلت إلى تركيا وسيقيم فريق طوارئ طبية بريطاني الوضع على الأرض.
ولجهة الولايات المتحدة، أشار المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إلى أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن طلب من كبار موظفيه صباح أمس تحديد التمويل الذي قد يكون متاحا لمساعدة تركيا والمنظمات غير الحكومية العاملة على الأرض في سورية.
لكن على صعيد المساعدات المخصّصة لتركيا، قال الرئيس الأميركي جو بايدن على حسابه الرسمي على تويتر "طلبت من أجهزتي أن تواصل متابعة الوضع عن كثب بالتنسيق مع تركيا وتقديم كل المساعدة الضرورية أيّا كانت".
وأوضح بايدن أن "فرقنا تنتشر بسرعة للشروع في دعم جهود البحث والإنقاذ في تركيا والاستجابة لحاجات الجرحى والنازحين جراء الزلزال".
وهكذا عندما يتعلق الأمر بتركيا تكون المساعدات مباشرة وعاجلة، وعندما يتعلق الوضع بسورية فالمساعدات تضل طريقها أو تذهب للمنظمات الدولية، فيما الناس يقضون نحبهم بين طرفة عين وانتباهتها تحت أنقاض الزلازل ولا من منقذ أو مجيب.
آخر الأخبار