ضرورة عرض المسائل الإجرائية في الجرائم الإلكترونية

جاسم الخطاف

شهد العالم تطوراً كبيراً ونقلة نوعية في كيفية التواصل بين البشر والإقبال المتزايد على تلك المواقع، فالناس يختلفون في طباعهم، ونحن هنا لسنا بصدد إظهار القصور، إنما لطرح المسائل الإجرائية في الجرائم الإلكترونية المتداولة في ساحات القضاء، لإفادة المهتمين وكيفية التصرف في الوقائع الإفتراضية المختلفة التي تهم كل المجتمع، وكذلك العاملين في المجال القانوني، لإن عصر التطور التكنولوجي في عالم التواصل الاجتماعي يتزايد، ويحتاج إلى معرفة أمور قد تشكل جريمة معاقب عليها قانوناً، بالإضافة إلى ما يترتب على ذلك من تعويض إن كان له مقتضى.
لذا فمن الأهمية إلقاء الضوء على موضوع الجرائم الإلكترونية التي قد يغفل عنها الكثير، وللأسف يقع في مشكلات قانونية ومساءلة دون أن يتوقع ذلك، ونتناول بعض الوقائع الإفتراضية التي تواجه العديد، سواء عمداً أو بغير عمد. الكثير يعرف "تويتر" والتغريدات وقد يجد البعض في هذا الموقع متنفساً لإبداء رأيه في بعض الأمور، أو الرد على بعض الأفراد، أو انتقاد شخصيات عامة، ويكون النقد في شخصهم أو أدائهم.
والجدير بالذكر أن حق النقد ليس مطلقاً اذ أن قانون الجرائم الإلكترونية قيد هذا الحق بهدف حماية الأفراد والشخصيات العامة من التعرض لهم بألفاظ تمس عرضهم، أو شخصهم وتسيء إليهم.
ونفترض تعرضت لموقف من ذلك بأن نشر أحد المغردين تغريدة تهدف الإساءة إليك في شخصك، ووصفك بوصف يسيء إلى شخصك، وينتقص من قدرك أمام أهلك، وعشيرتك فماذا تفعل إزاء ذلك؟
أولاً: عليك أن تطبع نسخة من التغريدة مبين فيها الحساب الإلكتروني لهذا الشخص المغرد، ومبين فيها التغريدة بوضوح، سواء ذكرك بالاسم، أو بالإشارة، والتاريخ.
ثانياً: الخطوة الثانية إعداد الشكوى باسم النائب العام لأن الإختصاص بالفصل في الجرائم الإلكترونية والإدعاء فيها للنيابة العامة استثناء، رغم كونها تشكل جنحة، وليست جناية.
ثالثاً: يجب أن تتضمن الشكوى اسمك واسم الحساب الإلكتروني للمغرد، وقد تعرف اسمه، أو لا تعرفه، فإن مباحث الجرائم الإلكترونية سوف تتوصل إلى اسم صاحب الحساب، وتتضمن الشكوى الوقائع ومضمون التغريدة، وبيان مدى اتصال هذه التغريدة بالشاكي، وأن المغرد يقصدك شخصياً، ويطلب في الشكوى الهدف منها تقديم صاحب الحساب المشكو في حقه للمحاكمة لمعاقبته قانوناً.
رابعاً: تتولى نيابة الجرائم الإلكترونية التحقيق في الشكوى باستدعاء الشاكي، وتحرير محضر بأقواله، ثم تستدعي المشكو في حقه لمواجهته بما هو منسوب إليه، ومن ثم بيان الواقعة المنسوبة إليه تحديداً والرد عليها.
خامساً: الخطوة التالية يتم عادة إخلاء سبيل المشكو في حقه بكفالة مالية مع منعه من السفر، حتى يتم الفصل في القضية.
سادساً: تقديم المشكو في حقه للمحاكمة بأن يحيل وكيل النيابة المتهم بمذكرة إلى المحكمة المختصة دائرة الجنح الخاصة، وتحديد جلسة لنظر القضية وإخطار الطرفين بالجلسة.
سابعاً: وفي الجلسة المحددة لنظر القضية أمام القاضي يمكنك الحضور والإدعاء مدنياً بطلب تعويض مالي عما لحق بك من أضرار، أدبية أو مادية، نتيجة خطأ المشكو في حقه والإدعاء مدنياً يسدد عنه رسم قضائي ( 125 د.ك ) عن مبلغ 5001 د.ك موقت.
ثامناً: ينظر القاضي القضية ويستمع لدفاع المتهم، وكذلك يقرأ صحيفة الادعاء مدنياً المقدمة من الشاكي، ثم يقضي بالحكم، إما بالإدانة والعقاب مع التعويض المدني الموقت، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة، واما بالبراءة في حال عدم ثبوت الاتهام.
تاسعاً: إذا كان الحكم بالإدانة فإنه يحق لك رفع دعوى مدنية يطلب فيها تعويضا ماليا نهائيا وفق ما أصابك من الضرر المادي أو الأدبي.
وقد يطعن المتهم بطريق الاستئناف في الحكم الجزائي فالصادر ضده خلال 20 يوما من تاريخ الحكم.
عاشراً: وقد يكون الحكم غيابياً أي أن المتهم لم يحضر بالجلسة المحددة لنظر القضية، وفي هذه الحالة يحق له الطعن بطريق المعارضة خلال سبعة أيام من تاريخ علمه بالحكم بإعلانه، أو القبض عليه.
حادي عشر: إذا لم يحضر بجلسة المعارضة تعتبر كأن لم تكن ويحتسب ميعاد الإستئناف (20 يوما) من تاريخ اعتبار المعارضة كأن لم تكن، فإذا لم يطعن بالإستئناف يعتبر الحكم نهائيا، ولا يجوز له بعد ذلك الطعن بأي شكل من أشكال الطعون.
ثاني عشر: من الجرائم الإلكترونية أيضاً ما يغرد به البعض بالغلط في الذات الأميرية، بالإنتقاد أو السب، أو غير ذلك، فإنه يعرض نفسه للمحاكمة جنائياً، فليحذر كل مستخدم لأدوات التواصل الاجتماعي من هذه الجرائم، وكذلك التعرض بالإساءة إلى كيان الدولة، والدين، والذات الإلهية.
ثالث عشر: يمكن لأي شخص أن يتقدم ببلاغ إلى النائب العام ضد صاحب الحساب الإلكتروني في الجرائم العامة المذكورة آنفاً، مثل الإساءة للذات الإلهية، أو الذات الأميرية، أو الدين، ويكون للنيابة العامة صفة الخصم في هذه الجرائم ممثلة للمجتمع.
رابع عشر: كذلك الحال لرسائل الـ"واتساب" والـ"ماسنجر"، تعتبر جنح سب وقذف، وإساءة استخدام هاتف، وتعرض صاحبها للمساءلة القانونية، وتكون العقوبة بحد أقصى ثلاث سنوات، والغرامة، أو أحدهما، ويحق للشاكي التعويض المدني عما أصابه من ضرر أدبي أو مادي.
وسوف نتناول في مقالات أخرى مقبلة، بإذن الله، قضايا عن إجراءات التقاضي لوقائع نوعية افتراضية كالتأمينات الاجتماعية، ثم قضايا الإسكان، وغيرها من القضايا التي تهم المجتمع والعاملين في المجال القانوني، والمسائل الإجرائية في الجرائم الإلكترونية.

مدير ادارة البحوث السياسية التشريعية في مكتب وزير الدولة لشؤون مجلس الامة