كتب - مفرح حجاب:قدمت فرقة مسرح الخليج العربي، مسرحية " طاهرة" في الدسمة مساء أول من أمس، ضمن المسابقة الرسمية للدورة 22 من مهرجان الكويت المسرحي وسط حضور جماهيري كبير تقدمه الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالإنابة د.عيسى الأنصاري وكوكبة من الضيوف والمهتمين بالمسرح في الكويت. المسرحية من تأليف د.حمد الرومي، إخراج هاني الهزاع، بطولة أحلام حسن، إبراهيم الشيخلي، محمد الكليبي، ماجد البلوشي، محمد بوشهري، غدير حسن وغيرهم.يتناول العرض قضية أزلية لكنها خطيرة، وقد جاء طرحها هذه المرة بشكل مختلف في كل التفاصيل، وهي قضية تكافؤ النسب في الزواج وكم من فتاة دفعت عمرها ثمنا لمثل هذه العادات وكم من فتاة فقدت دفء بيتها وأولادها وتم طلاقها بحجة عدم تكافؤ النسب دون مراعاة لإنسانيتها وخيارها وحياتها. تدور أحداث المسرحية حول الفتاة "طاهرة"، التي يتنمر عليها المجتمع منذ أن كانت طفلة في المدرسة من خلال المعلمة ثم الحجر على مستقبلها وتزويجها من قبل أسرتها وكلما تقدم إليها شاباً اعترضوا عليه، ورغم أن "طاهرة" أحبت "أيوب" بائع الرقي، الذي تم رفضه هو الآخر، لكنه رفض أن يتزوجها دون علم أسرتها رغم انها من قدمت له العرض، وهي كانت تقتل كل الشخصيات التي واجهتها بشكل أو بآخر سواء والدها أو عمها أو أخيها، الذي حاول الاستيلاء على بيت الأسرة بعد وفاة والدها وكذلك "أيوب" حبيبها لأنها ستحرم منه، وكانت تحتفظ بالجثث في المنزل واشتهرت بأن رائحة المنزل غير عادية إلى أن واجهت "عبدالستار"، الذي أحبها من طرف واحد واكتشف الأمر، وقال لها رغم انني أحبك لكن لن أسكت وفي النهاية تم إعدامها.بدأ المشهد الأول من العرض مع فتاة يتم لف محيطها بقماش أبيض ليعبر عن مدى طهارة ونقاء "طاهرة" وانتهى على حبل المشنقة ويلف حول جسدها قماش أسود، وهذا يعني ان الإنسان مهما واجه من ضغوط في الحياة فلا مبرر للقتل، لكن ولأن القضية خطيرة أثارت انتباه القاعة منذ البداية وحتى النهاية، لأن وجع "طاهرة" هو وجع مفجع بسبب التضييق عليها وسلب إرادتها ونحر إنسانيتها ولذلك كانت تقتل الأشخاص دون ارادة حقيقية منها، رغم ان جريمة القتل تبدو وكأن طهارتها كانت سببا في ألا تكون طاهرة، فالمرأة رغم حالة الفقر واليتم فقدت العزوة أيضا بسبب هذا الظلم. أداء الممثلين والسينوغرافيا والتناغم بينهما جعل المتفرج يشاهد ما يشبه فيلم سينمائي بسبب الإنسيابية على المسرح في الأداء، وكان المخرج شديد الحساسية والانضباط في تحريك الممثلين وخلق قيمة فنية من جمال الأداء كما انه صنع صدمة جمالية عندما اختزل الفكرة وأصبح ثائرا على النص، وكان الجميل في العرض انه تخلى عن المحلية تماما في طرح قضيته مستغلا براعة الثنائي أحلام حسن وإبراهيم الشيخلي في التمثيل وقدم فرجة مسرحية بشكل متناغم على الخشبة من خلال كسر تقليدية الطرح.وأضافت السينوغرافيا التي تتحرك على المسرح جماليات مذهلة للعرض المسرحي وتم توظيفها مع أزياء الشخصيات التي كانت تحركها مع التناغم في الألوان بين الفضي والأسود، كذلك التنوع والنقلات التي مر بها العرض زادت المتعة وخرج جمهور العرض سعيدا بالفكرة والأداء.يبقى في النهاية أن كل الأعمال الإنسانية في المسرح لها وقع مختلف على الإنسان، حتى وان تكررت ولذلك كل أعمال شكسبير مازالت موجودة حتى الآن، لأنه قدم قضايا إنسانية مهمة في المسرح، الأمر المهم ان فرقة مسرح الخليج العربي، منذ تأسيسها وحتى الآن لم تقدم يوما أي عمل مسرحي بسيط بل اعتادت دائما تقديم كل ما هو متميز.

أحلام حسن "طاهرة"

إبراهيم الشيخلي في عرض فرقة "الخليج العربي" (تصوير – إيهاب قرطال)