الجمعة 23 مايو 2025
42°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

طرائف العرب مع المجانين

Time
الأحد 19 مايو 2019
View
70
السياسة
إعداد – إسلام مصطفى:

يحفل التاريخ العربي بالنوادر، التي قلما يوجد مثلها في أمم أخرى، نظرا لما يتمتع به العرب من خفة ظل، حتى أنهم سخروا الشعر في كثير من هذه المواقف فتحولت بها إلى نادرة، "السياسة" طافت
عبر تاريخ العرب قديمه وحديثه وقطفت بعض هذه النوادر لتقدمها للقارئ حتى ترسم على ملامحه البسمات.

المجنون هو الشخص الذي ذهب عقله وأصبح لا يعلم ما التصرفات التي يقوم بها، ولذلك فكل الأفعال التي تصدر منه تكون عبارة عن طرائف ونوادر، ومنذ قديم الأزمنة عاش الناس نوادر وطرائف مع المجانين، وكان للعرب النصيب الأكبر من تلك الطرف، أو ربما لأنهم دونوها ونقلوها إلينا في كتب الأدب الساخر، وأصبحت من التراث الأدبي الفكاهي.
معروف أن المجانين لا يجادلون، وأكبر دليل على ذلك الطرفة الواردة عن عهد الرشيد، الذي أرسل وزيره الذي يُدعى ثمامة إلى دار المجانين لتفقد أحوالهم، ورأى هناك شابا حسن المظهر سمح الوجه ويبدو أنه صحيح العقل، فأحب أن يحادثه ليعرف حكايته، ولكن قاطعة بعبارة، قائلًا: أريد أن أسألك سؤالًا، فقال له الوزير وهو يقول في نفسه يبدو أنه عاقل: هات سؤالك. فقال له الشاب: متى يجد النائم لذة النوم؟ فقال له الوزير: حين يستيقظ، فقال الشاب: كيف يجد اللذة وقد زال سببها؟ فقال الوزير: بل يجد اللذة قبل النوم، فنظر إليه الشاب وهو يحرك عينيه يمينًا ويسارًا، واعترضه متسائلًا: وكيف يجد اللذة بشيء لم يذق طعمه بعد؟ احتار الوزير، وظل يقول في نفسه: ليتني لم أحدثه، ونظر إلى الشاب وقال له: بل يجدها حال النوم، فقال له المجنون: إن النائم لا شعور له، فكيف تكون لذة بلا شعور؟ شحب وجه الوزير وضرب كفا على كف بعدما احتار في أن يجد جوابا، وانصرف قائلًا: قسمًا بربي لن أجادل مجنونًا أبدًا.
وذات يوم، مر رجل قبيح الوجه بأحد المجانين، وكان قد خرج من علة شديدة جعلت وجهه مصفرا، ودنا من المجنون وقال له: ما لي أراك مصفرًا؟ فقال المجنون: رأيتك فذكرت ذنوبي. فسأله الرجل: وما الذي ذكرك بذنوبك عند رؤيتي؟ فنظر إليه محملقًا في وجهه وقال له: خفت أن يعاقبني الله فيمسخني قردًا مثلك.
وحكى هارون المخزومي أنه ذات يوم رأى مجنونين يتنازعان على رغيف خبز، وكان أحدهما يقول للآخر: هذا أنت تأكله، فيرد عليه الآخر ووجهه مشحون بالغضب: لا، بل أنت تأكله، فذهب إليهما المخزومي عله يحل ذلك الإشكال، وقال لهما: أنا آكله. فنظرا إليه المجنونان، وقالا له: يا أحمق، إنه من أدم، أي أنه مخلوط ببعض من جلد الإنسان، فقال لهما: وما هو الجلد المخلوط معه؟ قالا له: جلد الحلق والعنق، فلما ففطن إلى أنهما لن يتراجعا عن جنونهما، تركهما وذهب، فناديا عليه وقالا له: يا مجنون، لولا أننا لم نحب الجلد لكنا أكلناه من حين.
والأغرب من المجانين في طرائف العرب، أولئك الذين يظن أنهم من أعقل العقلاء، مثلما كان سعيد العامري الذي قال له أحد الأشخاص يومًا ما: لقد رزقك الله بكثرة المال، فقال له: إني بعتك مالي كله بحبة واحدة من عقل غفار الموسوس، فقال له الرجل: ما الذي رأيت من عقله؟ فاعتدل العامري في جلسته وقال: رأيته يومًا وقد وقف عنده رجلان، أحدهما سكران، وكان كلما ضربه الصاحي يضرب الصاحي، وعندما سألته: لماذا لا تضرب وتشتم من شتمك، فأجابني: الرجل الصاحي معه شيطان، وأنا لا أقوى عليه، وبينما أحادثه إذ بالسكران يشتمني، ويقول لي: يا ابن الفاعلة أتحرضه علي؟ وفر هاربًا
بعدما ضربني ضربة أوقعتني على الأرض، وما زال الموسوس واقفًا في مكانه ويضربه الصاحي، وقال: يا مجنون عد إلى هنا،أمن هذا خفت؟

آخر الأخبار