الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

طق المربوط يخاف المسؤول!

Time
الثلاثاء 29 أغسطس 2023
View
109
السياسة

القوة أو السلطة هي القدرة على التأثير بتصرفات الآخرين، ولفهم القوة بعامة لا بد من استكشاف المصادر الأساسية لها، وهي القوة التنظيمية في المؤسسة، والقوة الشخصية، أو قوة الفرد.
فالقوة التنظيمية تكمن في السلطة التي منحتها المؤسسة للفرد شرعيا تحت مسمى الإشرافي، أو القيادي، والذي يمارس دوره في توجيه الموظفين مستخدما ستراتيجياته الخاصة في الإدارة، كالتحفيز والثواب والعقاب، أو حتى كما نقول بالعامية "طق المربوط يخاف المفتلت".
فأولا وأخيرا إنجاز المهمات في إطار الجودة وعامل الوقت أمر يحاسب عليه الإشرافي، قبل الموظف، لذلك لا بد من استخدام السلطة.
أما قوة الفرد، فهناك من هم خبراء يمتلكون قدرة التأثير على الآخرين، من خلال امتلاك المعرفة، والخبرة النادرة، وبالتالي يعتبرون مرجعا لا يمكن الاستغناء عنه.
وكعادة الباحثين في السلوك المؤسسي لم يتركوا شيئا للصدف، بل درسوا هذا السلوك، وفرشوا لنا بساط العملية التنظيمية في سبيل تحقيق قيادة ناجحة فعالة، فتم وضع بعض "التكتيكات" للتأثير على الآخرين بكل أريحية للطرفين، وكان استعمال المنطق، وذكر الأدلة مترئسا عملية التأثير.
والنوع الثاني هو التأثير عن طريق النداءات الملهمة، واستخدام العواطف لإثارة الحماسة التي من شأنها التأثير، وبشكل فعال على بقية أعضاء الفريق، كما نراها دائما عندما يشجع الكابتن فريقه قبل بداية المباراة، كذلك مبدأ التأثير بالتحفيز، كما يحفز أولياء الأمور أبناءهم على الدراسة مقابل تحقيق رغبتهم، وكلما كانت الدرجات المحصلة مرتفعة زادت قيمة المكافأة.
ربما الأنواع سالفة البيان إيجابية، ولا تلحق ضررا بالآخرين، ولا يوجد فيها ظلم، لكن هناك نوع من أنواع التأثير، وهو "المناشدات التصاعدية"، وهي عندما يكون الموظف على صلة بطريقة ما بالإدارة العليا، فيخطر مسؤوله أنه قد كلف مهمة ما، وهذا للعلم فقط.
هذا النوع من التأثير خطر جدا لأنه تم تهميش المسؤول، واذ أصبح الموظف أقوى منه، مما أفقد المؤسسة هيبة الهيكل التنظيمي، وتكمن الخطورة كذلك عندما تنتفي صلة الموظف بالقيادة العليا فماذا سيكون مصيره؟
مثال آخر على هذا النوع من التأثير عندما يخطر الابن والدته أنه ذاهب مع اصدقائه، وأنه سبق وحصل على موافقة والده، اذن اخطارها تحصيل حاصل، وللمتملقين أثر على متخذي القرار، فنجد هذه الفئة يتقربون من الإدارة العليا لفترة قبل تقديم طلبهم، وقد يحرج متخذي القرار من عدم الرضوخ لهم، كما أن هناك خطرا آخر من أنواع التأثير، وهو استخدام العلاقات الشخصية والنفوذ للتأثير للحصول على خدمة، غالبا تكون غير مستحقة.
ومع اختلاف "تكتيكات" التأثير تختلف ردود الفعل، اذ يحدث الالتزام عندما يكون الأفراد متفقين ومقتنعين تمامًا مع الإجراءات المتخذة، والقرارات الصادرة، ولديهم الدافع لبذل جهد إضافي للوصول إلى الهدف بنجاح.
كما يحدث الامتثال والخضوع عندما يكون الأشخاص غير مبالين، ولا يبذلون سوى الحد الأدنى من الجهد اللازم لإكمال الهدف، وتحدث المقاومة عندما يعارض الأفراد الطلب من خلال رفضه، أو الجدال ضد تنفيذ المهمة، وهذا هو أسوأ رد فعل على تكتيك التأثير.
أعتقد أن الباحثين لم يتصوروا أن أشد الأنواع التأثير في مجتمعنا هو التأثير باستخدام العلاقات الشخصية، اذ أصبحت "الواسطة" غلافا لملف السيرة الذاتية للباحث عن وظيفة، رغم حصوله على درجة علمية عالية، وللمتقدم على ترقية رغم أحقيته، ولمريض رغم حاجته لموعد وعلاج.
لم يتصور المهتمون بالسلوك المؤسسي أن المجتمع، وبسبب سوء استخدام منصات التواصل الاجتماعي، صنع من أشخاص بلا تعليم ولا رؤية، ولا هدف وبأسماء مستعارة مؤثرين على الرأي العام.
سبقنى الباحثون في دراسات تنير طريق البشرية، وكما قال العالم إسحاق نيوتين: "إن كنت قد رأيت أكثر من غيري، فذلك يرجع إلى وقوفي على أكتاف العمالقة الذين سبقوني"، لكن اختارنا الوقوف على الأطلال والاستعانة "بقوة الأشخاص"، لتحقيق المطالب، فتحول الأمر من سِلْطَة إلى سَلَطَة.
كاتبة كويتية

م.أفراح جاسم السعيدي

[email protected]

آخر الأخبار