عائشة السيفي…تعزف القصائد على أوتار الجمال
أضاءت رابطة الأدباء شعراً وإلقاءً
مدحت علام
الشاعرة العمانية عائشة السيفي… تكتب الشعر من خلال مزاج إنساني يبدو في تكنيكه الأدبي منحازاً إلى الجمال، ومتفاعلاً كل التفاعل مع روح الحياة، ومنصرفاً بمفرداته ومكوناته الخيالية، إلى المشاعر المنسجمة مع القصيدة الجادة، المخلصة لمعانيها، والمعبّرة عن خصوصية كاتبتها.
من هنا جاءت الشاعرة… من الصراع النفسي الذي ينتج المعنى، ومن التمرد على قوالب جامدة، الذي يتفتّح على مساحة شاسعة من التجديد والإتيان بلغة شعرية هادرة مستعرة بالبهاء والتألّق. وفي هذا النسق الشعري المتوهّج بالجمال… حضرت الشاعرة إلى الكويت ومعها ما تقوله من الشعر، بصفتها ضيفة مهرجان صيفي ثقافي في دورته الـ15، لتلقي ما تيسّر لها من قصائد في مسرح الدكتورة سعاد الصباح برابطة الأدباء الكويتيين، وفي حضور حاشد، ضمّ نخبة من الأدباء والمثقفين والجمهور، بالإضافة إلى الحضور الرسمي لأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالإنابة الدكتور محمد الجسار، والسفير العماني لدى الكويت الدكتور صالح بن عامر الخروصي.
والسيفي، التي استطاعت خلال رحلتها غير الطويلة نسبياً مع الشعر- مقارنة بشعراء آخرين- انتزاع لقب أمير الشعراء من رجاله، الذين استحوذوا عليه منذ انطلاق المسابقة عام 2007م بتنظيم لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بإمارة أبوظبي كل عامين، كي تتوّج في الدورة العاشرة من المهرجان في مارس الماضي أميرة الشعراء.
وتضمنت الأمسية إنشاد الشعر، الذي ألقته السيفي بروح إنسانية شفافة، وبقدرة على ابتكار صور شعرية بليغة، تعبّر عن مكنونها الشعري الذي تتماهي فيه المفردات المتوهجة بالحيوية والحركة، فيما تناسقت الكلمات الشعرية التي تضمنتها قصائد الشاعرة، مع الإلقاء الهادئ الجميل الذي تتميز به السيفي، ومن القصائد التي ألقتها السيفي: أفكر في رحلة الأرض، سأحب جداً بعد هذا اليوم، يوم الخميس، أنا عورة، خلعتُ وجهي، يا سالم، وكن خيرا يا حبيبي، صبيحة موتي، لم يكن شاعرا، الحبيبُ الذي في الكويت، ولدت في إبريل، شاعرة الغلابة، في الثلاثين من نخلها.
وجاءت قصائد الأمسية في سياق ما تتطلع إليه الشاعرة في طرح القضايا الجمالية التي تخصّ الحياة والناس، ومن ثم فإنها، حلّقت بالحضور في أجواء حالمة، وفضاءات مزدحمة بالألق، والترقّب والأمل والطمأنينة، والتواصل مع مفردات شعرية أخذت الحضور إلى حالات متناغمة مع الواقع والخيال معاً.
وفي سياق الأمسية… تحدّثت السيفي، عن مشوارها الشعري الذي قطعته بجهد واجتهاد إلى أن وصلت إلى مستويات شعرية متميز في بلدها عمان، وصولاً إلى مستويات خليجية وعربية أخرى.
ومن خلال حديثها المتنقّل بين الإجابة عن الأسئلة المطروحة عليها وإلقاء الشعر، قالت السيفي إنها من مواليد مدينة نزوى، وقد درسَت الهندسة المدنية في جامعة السلطان قابوس، وحصلت على شهادة الماجستير في كلية لندن الجامعية في تخصص الهندسة والتنمية الدولية.
وأوضحت أنها بدأت نشر نصوصها عام 2005 عبر الصحف العمانية والعربية. وشاركت في مهرجانات عربية ودولية في آسيا، أوروبا وإفريقيا.
فيما أبدت سعادتها بوجودها في الكويت، وقالت: الكويت بلد يعجّ بالأصدقاء الذين أعرفهم والكثير من المتابعين الذين كانوا يتلقّون قصائدي ويساندونني ويؤمنون بتجربتي ولم يروني، وسعيدة بوقوفي على المنبر لألتقي بالكثير من الأسماء التي تابعت أعمالي وهي الآن حاضرة، لتستمع إلى قصائدي". وأضافت: "فوزي بلقب أميرة الشعراء هي تجربة فارقة فما قبلها يختلف تماماً عمّا بعدها، حيث فتحت لي الكثير من الأبواب والمشاريع الثقافية المختلفة التي أعمل عليها الآن، وعرفت الكثير من الشعراء على تجربة شاعرة قادمة من عمان من بلد، ربما لا يعرف الكثير عن تنوعه الثقافي والحضاري والإنساني والمعرفي، وهذا اللقب ساعدني على إثبات أن الشاعرة تستطيع اعتلاء منابر الشعر، كما ساعدتني على أن أقدم بلدي بطريقة غير مألوفة، وبصوت شعري لا يشبه الأصوات الأخرى.
وفيما يخص مهنتها قالت: "الهندسة جعلتني أقف على حركة العالم، كيف يدور، أقف على الحياة الإنسانية بكل مباهجها ومشكلاتها، في الهندسة أجدُ قصائدي الشعرية، أستلهمها من المواقف التي أعيشها في حياتي العملية".
في حين تحدثت السيفي عن سفرها إلى لندن، لنيل رسالة الماجستير في الهندسة، وقالت: "ذهبت إلى العاصمة البريطانية برغبةٍ كبيرةٍ في عيش حياةٍ لا تشبهني".