لا تعد المخاوف المتعلقة بأن يتسبب التطور التكنولوجي في فقدان الناس لوظائفهم وليدة اليوم، ففي القرن الثامن عشر اقتحم الجيران منزل الإنكليزي جيمس هارجريفز مخترع عجلة الغزل، ودمروا الآلة وأثاث منزله أيضًا، خوفًا من أن تتسبب هذه الآلة في فقدانهم لوظائفهم. وعلى مدى قرون ظهرت العديد من التنبؤات التي أشارت إلى أن الآلات سوف تتسبب في بطالة البشر، وهو السيناريو الذي يطلق عليه الاقتصاديون اسم "البطالة التكنولوجية"، إلا أن تلك التنبؤات كانت خاطئة، وذلك بحسب ما ذكره "دانيال سسكيند" في كتابه "عالم بلا عمل" .ورغم أن التكنولوجيا كانت سببًا في إلغاء بعض الوظائف، إلا أن وظائف جديدة ظهرت بفضل التطور التكنولوجي، وربما تكون الآلات قد حلت محل النساجين إلا أن هناك وظائف جديدة باتت متاحة مثل مديري التسويق والمبرمجين ومصممي الأزياء.وساعدت التكنولوجيا العمال لأن يكونوا أكثر إنتاجية، مما ساهم في تحقيق ازدهار اقتصادي غير مسبوق، فقد نما الاقتصاد الأمريكي بمقدار 15 ألف مرة بين عامي 1700 و2000.
ربما لم تكن مخاوف البشر من أن تحل التكنولوجيا محلهم في مكان العمل صحيحة في الماضي، ورغم ذلك فإن الأمر يبدو مختلفًا هذه المرة حيث يقول ساسكيند إن الآلات تزداد ذكاءً، وإنها ستحل محل البشر في العديد من الوظائف، ومن المحتمل أن تحل محل الأطباء وعمال البناء وخبراء التأمين، مما يؤدي إلى إنهاء ما أطلق عليه ساسكيند اسم "عصر العمل".ويعطي ساسكيند أدلة على تحقق المخاوف من أن تحل التكنولوجيا محل البشر في المستقبل، حيث يشير إلى أن جامعة "ستانفورد" لديها آلة يمكنها أن تستخدم بيانات 130 ألف حالة، لتحديد ما إذا كان النمش مؤشرًا على الإصابة بالسرطان، كما يمكن لبرنامج "غوغل" تشخيص أكثر من 50 مرضًا من أمراض العيون.