الجمعة 19 سبتمبر 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأولى   /   المحلية

عبد الله المبارك رجل دولة صنع نهضة الكويت وبنى مؤسساتها

Time
السبت 15 يونيو 2019
السياسة
* مسيرة حياة عبد الله المبارك توضح أنه كان من رواد التحديث والتقدم في سائر مجالات الحياة
* احترم نفسه واحترم المواقع الرسمية التي شغلها وتصرف وهو خارج السلطة وفقاً لهذا الاعتبار
* يشهد السياسيون المطلعون بالأيادي البيضاء لعبدالله المبارك في توطيد العلاقات الكويتية- العربية
* ألغى تأشيرات دخول العرب إلى الكويت وقال:"لا يجوز أن يحتاج العرب إلى تأشيرة لزيارة بلدانهم"
* تربى في بيئة قبلية صحراوية استقى منها سجاياه وقيمه وأخلاقه ومبادئه القويمة
* طرد 5 من التجار اليهود واحتج بشدة لاحتساء موظفين بريطانيين الخمور


تحل هذه الأيام الذكرى الثامنة والعشرون لرحيل نائب حاكم الكويت الشيخ عبد الله المبارك، في وقت تبقى فيه بصماته واضحة على جسد الوطن في مختلف مؤسساته، فالرجل العام – وفق د. سعاد الصباح - يعيش في سجل الوطن بقدر ما تبقى إنجازاته شاهدة على ما قدّم لبلاده، ويعيش في ذاكرة الشعب بقدر ارتباط ممارساته بالمبادئ والقيم الأخلاقية لهذا الشعب".
وتقول في كتابها (عبد الله مبارك الصباح في صور): "يبقى اسم عبد الله المبارك في ذاكرة الكويت نموذجاً لشموخ الرجل العام، ولكبرياء السلطة وهيبتها، لأنه احترم نفسه واحترم المواقع التي شغلها في حكومة بلاده، وتصرف –وهو خارج السلطة- وفقاً لهذا الاعتبار، لذلك، فرض على الآخرين احترامه وتقديره، فقد كان كبيراً في الحكم، وأكبر وهو خارجه".
ولد الشيخ عبد الله المبارك على الأرجح في 23 أغسطس 1914، وقد عشق الكويت منذ الصغر، ودافع عنها وذاد عن حياضها، فاضطلع بمهام الرجال منذ أن كان في الثانية عشرة من العمر ، حتى وصل إلى مكانته المرموقة قائداً للأمن العام والجيش والشرطة والطيران والمعارف ومؤسسا للإذاعة والنوادي الأدبية ثم نائبا للحاكم على مدى عشر سنوات إبان حكم الشيخ عبدالله السالم الذي كان يغيب كثيرا في الخارج فيتولى مهمة إدارة الدولة الشيخ عبدالله المبارك. وهو يعد من مؤسّسي الكويت الحديثة، وممن خطّطوا وشَيَّدوا وعَمَّروا وأقاموا الدعائم الأساسية لنهضتها.
وبهذه المناسبة، صدرت مؤخراً الترجمة الفرنسية من كتاب (صقر الخليج.. عبد الله مبارك الصباح)، حيث قامت إحدى دور النشر في باريس بترجمته وإصدار الكتاب ليكون في متناول الناطقين باللغة الفرنسية. وتأتي هذه الترجمة تأكيداً لأهمية هذا الرجل العربية والعالمية، حيث صدرت الطبعة العربية الخامسة من الكتاب عام 2014، وتبعتها الترجمة الإنجليزية عام 2016.
في الكتاب توثق د. سعاد الصباح مسيرة زوجها، وقد ضمنته أدق تفاصيل حياته منذ ما قبل ولادته بقليل وحتى ما بعد وفاته بقليل، وما رافق ذلك من أحداث شملت معظم سنوات القرن العشرين، وما كان لها من أثر كبير في رسم خريطة الكويت سياسياً واقتصادياً وإنسانياً فضلاً عن رسمها جغرافياً أيضاً، مع الإشارة للأحداث العالمية الكبرى أو الإقليمية المهمة، ذات الأثر.
ينقسم الكتاب إلى عدة فصول تتضمن سرداً للوقائع وصوراً للوثائق التي تم الاعتماد عليها في توثيق ما ورد في الكتاب، سواء كانت أجنبية أم عربية، بالإضافة إلى مقتطفات من تعليقات الصحافة العربية على الكتاب.
تقدم الكاتبة في هذا الكتاب الضخم حياة زوجها عبدالله مبارك كأنما تسرد سيرة وطن في رجل، لتتعلم الأجيال الشابة منه -كما تشير المؤلفة - مبادئ الفروسية والرجولة والشجاعة والكرم والوطنية، على اعتبار أن عبدالله المبارك كان منارة عالية، وبرجاً من أبراج الكويت يدل المسافرين والسفن والبحارة ويفتح لهم طريق السلامة إلى موانئ القرن الواحد والعشرين.
وتقول د. سعاد الصباح عن كتابها هذا في طبعته الجديدة: "إن هدفي الوحيد هو إظهار وجه الحقيقة لمرحلة مهمة في تاريخ الكويت". وكان سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد قد أشاد في رسالة وجهها إلى د. سعاد الصباح بمناقب الشيخ عبدالله المبارك وبدوره البارز في نهضة الكويت.
وكتبت د.سعاد الصباح في مقدمة كتابها: "عبدالله مبارك الصباح كتابٌ بألوف الصفحات والعناوين، لا بدّ للأجيال الكويتية الشابة أن تقرأه؛ لتتعلم مبادئ الفروسية، والرجولة، والشجاعة والكرم، والوطنية، وهو منارةٌ عالية، وبرجٌ من أبراج الكويت، يدلّ المسافرينَ، والسفنَ، والبحّارةَ، ويفتح لهم طريق السلامة إلى موانئ القرن الواحد والعشرين".
وسلطت د. سعاد الصباح الضوء على حياة رفيق دربها في كتاب آخر أصدرته حمل عنوان (عبد الله مبارك الصباح في صور)، فقالت في مستهل الكتاب: ".. نشأ الشيخ عبد الله المبارك وتربى في بيئة قبلية صحراوية، واستقى من هذه البيئة سجاياه وقيمه وأخلاقه ومبادئه القويمة التي كانت نبراساً له في طفولته، كما كانت أرضية صلبة وقف عليها بثبات في شبابه، ومنها استمد قوته وتميزه كرجل دولة حين باشر مسؤولياته الحكومية المتعددة. وقد تركت هذه النشأة آثارها في خلقه وطباعه، فكان صبوراً قادراً على تحمل الشدائد، ومقداماً لا يهاب الأخطار، وسيرته مفعمة بالأحداث التي تشير إلى شجاعته الشخصية".
ولأنه قد تولى مسؤولية القبائل في المنطقة "غرزت فيه البادية أيضاً أخلاق الكرم والإيثار، فكان لا يبخل بشيء، ولا يخيب رجاء محتاج أو طالب حاجة حتى إن البعض وصفه بالتبذير، والحقيقة أن هناك فارقاً كبيراً بين الكرم والإسراف، فالكرم هو خُلق يتطبع به الإنسان منذ الصغر، ويعيش معه حتى الممات غنياً كان أو فقيراً، وهو كان كريماً منذ صغره حسب عادات البادية"، كما تولى القضاء في النزاعات القبلية وقام بحماية الحدود من المتسللين عبر البوادي.
يشهد السياسيون المطلعون على مرحلة الخمسينيات والستينيات بالأيادي البيضاء لعبدالله المبارك في توطيد العلاقات الكويتية العربية من جهة، والعربية العربية من جهة أخرى، وكذلك انضمام الكويت إلى جامعة الدول العربية قبل الاستقلال، ومواجهة الأطماع العراقية ابان فترة حكم عبدالكريم قاسم، وكذلك مواجهة آثار الصراع العالمي على منطقة الخليج.
وقد حاز الشيخ على أوسمة الشرف من الدرجة الأولى من معظم البلاد العربية، ومن ذلك تكريم الرئيس المصري محمد نجيب للشيخ بوسام رفيع، وأقام الرئيس المصري جمال عبد الناصر للشيخ عبد الله المبارك مأدبة عشاء بمنزله بمنشية البكري قّلده فيها أعلى الأوسمة المصرية، وكانت تلك الزيارة بداية لعلاقة وطيدة بين الرجلين.. بالإضافة إلى أوسمة تقلدها من القيادات في المغرب ولبنان وسوريا ولبنان ودول عربية أخرى كما قامت الحكومة البريطانية عام 1945 بمنحه وسام الإمبراطورية الهندية بدرجة رفيق نظرا لجهوده في الحرب العالمة الثانية..
شرع الشيخ عبدالله المبارك في العمل العام في سن مبكرة نسبياً منذ العام 1926، وذلك عندما كُلّف حراسة إحدى بوابات سور الكويت، ونجح في مهمته تلك نجاحاً مبهراً بكل حزم وذكاء، واستمر نشاطه في دوائر الحكم الكويتي بعد ذلك ما يقارب 35 عاماً منفّذاً أو صانعاً للقرار.
وتروي د.سعاد الصباح في كتابها (صقر الخليج) موقفاً حازماً للشيخ عبد الله المبارك في إلغاء تأشيرات دخول العرب إلى الكويت، تقول: ".. قام الشيخ بإلغاء تأشيرات الدخول للكويت بالنسبة للعرب؛ وله موقف مشهود بخصوص هذا الموضوع، ففي عام 1947، عندما وصلت الرحلة الأولى لشركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية من بيروت إلى الكويت، أمر الوكيل السياسي بأن يحصل الزوار العرب على تأشيرات دخول، وتبين أن الطائرة تحمل أشخاصاً يحملون تأشيرات حصلوا عليها من السفارات البريطانية في بلادهم، وآخرين من دون تأشيرات، فأمر الشيخ عبدالله بدخول من لا يحملون تأشيرة، ومنع دخول الحاملين لها. وقال: "كلنا بلاد عربية؛ لا يجوز أن يحتاج العرب إلى تأشيرة لزيارة بلدانهم". وكانت طلبات العرب الراغبين في زيارة الكويت وقتذاك ترسل إلى مكتب الوكيل السياسي للحصول على الموافقة؛ لذلك، فعندما أعلن الشيخ عبدالله إلغاء تأشيرات الدخول بالنسبة للعرب، ارتدى الوكيل زيه العسكري وذهب لمقابلة أمير البلاد مبدياً استياءه، فاتصل الحاكم بالشيخ عبدالله -الذي كان خارج الكويت- وأخبره بما حدث وبأن الوكيل السياسي سيكون في استقباله بالمطار، وأن عليه توضيح الأمر له، ثم الحضور لمقابلته لإبلاغه بالنتيجة. وبالفعل، استقبل الوكيل السياسي الشيخ عبدالله في المطار -وكان معه سكرتير الحكومة عبدالله الملا- واقترح عليه الذهاب معاً لمقابلة الحاكم، فطلب الشيخ منه أن يذهبا أولاً إلى مكتبه بدائرة الأمن العام، وسأله الشيخ عن أسباب تدخله في أمور تدخل في صميم الشؤون العربية، وعما إذا كان هذا التدخل بناء على تكليف رسمي من حكومته أو مبادرة شخصية منه، فأجاب الوكيل السياسي بأنه يتحدث بصفته الشخصية، وأنه لم يكن يقصد التدخل في الشؤون الداخلية للكويت. وعندئذ سأله الشيخ لماذا ذهب إذن لمقابلة الحاكم بالزي العسكري، مما يعطي الانطباع بأنه موفد في مهمة رسمية، وانتهى الأمر باعتذار الوكيل السياسي، ولم يغير الشيخ قراره".
لاحقت الشائعات الشيخ عبدالله المبارك كثيراً، وروّج بعضهم أنه يرنو لسدة الحكم، ومن أكبر الأدلة على بطلان تلك الدعاوى قيام الشيخ عبدالله المبارك باستقبال الشيخ عبدالله السالم القادم من الهند قبيل تنصيبه أميراً على الكويت بأيام قليلة في العام 1950 بعد وفاة الشيخ أحمد الجابر..
بعد الثقة التي حازها عبدالله المبارك من أمير الكويت بدأ في العام 1951 بتعميق مفاهيم بناء الدولة الحديثة، وذلك لظهور بوادر الطفرة النفطية، ومن ذلك أنه أشرف على إنشاء ميناء الأحمدي، وقام بزيارة تاريخية إلى لندن، وترأس إذاعة الكويت مع انطلاق بثها لأول مرة من مبنى الشرطة والأمن العام، وقد استمر حتى العام 1960 رئيساً لها.
لقد كان الدور الأكبر للشيخ في حقبة السنوات العشر السابقة للاستقلال، ويبدو أن الله قدّر له أن يكون هناك رابط بينه وبين وطنه في مرحلة حاسمة من التطور لكليهما، فقد كان الشيخ مقبلا على الأربعينيات من العمر، وهي مرحلة الرجولة والقدرة على العطاء، في وقت كانت الكويت تتفجر حيوية ونشاطاً، وتتدفق بالخير والنماء، وتفاعل الرجل مع متطلبات المرحلة من أجل بناء مؤسسات الدولة الحديثة.
ومما عرف عن الشيخ عبدالله المبارك آنذاك حزمه والتزامه الأخلاقي، فقد قام العام 1953 بطرد خمسة من التجار اليهود إلى خارج الكويت، أبرزهم أنور كوهين، وحذر إدارة النادي الثقافي من الاستقطاب السياسي، وخلال ملاحقته عدداً من المهربين عام 1954 تعرض لحادث خطير نجا منه بفضل الله، وفي العام ذاته قدم احتجاجاً شديد اللهجة إلى بريطانيا بسبب احتساء بعض الموظفين البريطانيين الخمور على الملأ، وهو ما يتنافى مع تعاليم الإسلام والعادات العربية الأصيلة التي تحكم أبناء الكويت، وفي العام ذاته تم تعيينه قائداً عاماً للجيش الكويتي الذي وضع لبناته قبل ذلك بسنوات، وفي العام 1959 احتج لدى بريطانيا بسبب اللافتات الإنجليزية الماسّة بالآداب.
تقول د.سعاد الصباح: "لم يكن من قبيل المصادفة أن الشيخ عبد الله المبارك لم يسافر قط إلى إيران أو الهند وباكستان خلافاً لما كان معهوداً في هذه الفترة، وأن زياراته الكثيرة تركزت على العراق وسورية ولبنان ومصر والسعودية وبلدان الخليج الأخرى. واحتل لبنان مكانة خاصة في قلب الشيخ، وكانت زياراته لهذا البلد مشحونة بالنشاطات الرسمية والاجتماعية والشخصية مع كثير من الهيئات والأفراد، وتعرّف عن قرب على عدد من رؤساء الوزراء (..) وكان من الطبيعي أن تتوطد علاقة الكويت بالسعودية، وهي علاقة تاريخية تعود إلى عهد الراحلين الشيخ مبارك الكبير والملك عبد العزيز آل سعود، وقد تعززت هذه العلاقة بحكم الصداقة الوثيقة التي ربطت الشيخ عبد الله المبارك بالملك سعود".
وعلى صعيد التطوير الأمني لم يخلُ العام 1957 من إنجازات، حيث أصدر الشيخ عبدالله المبارك قراراً خاصاً بتعديل حدود ميناء الأحمدي لتوسيعه، ثم صدر مرسوم أميري بدمج "قوات الأمن" و"قوات الحدود" برئاسة الشيخ عبدالله المبارك.
وفي العام الأخير للشيخ عبدالله المبارك في دوائر الحكم الرسمية أي في العام 1960 أفصح الشيخ عن رغبته في شراء ست طائرات تدريب نفاثة من بريطانيا، وحاز على الوشاح الأكبر للقديس مرقص من قبل بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وتم دمج هيئة التنظيم وهيئة المجلس الأعلى في هيئة واحدة مكونة من سمو الشيخ عبدالله المبارك وسمو الشيخ سعد العبدالله و8 أعضاء من خارج أسرة الصباح.
بعد ذلك، وعلى إثر مجموعة من الملاحظات التي أبداها الشيخ عبدالله المبارك قرر التنحى عن جميع مناصبه الرسمية وقدم استقالته إلى الشيخ عبدالله السالم ثم سافر مع عائلته للإقامة في بيروت، رغم رفض المجلس الأعلى لها في البداية وتوقع بريطانيا عودته للحكم.
في العام 1960 تزوج الشيخ عبدالله المبارك من سعاد محمد الصباح، ورزق بأول أطفاله (مبارك) منها في 29 أغسطس 1961، وقد أنجبت منه أيضاً محمد في 1971، وأمنية في 1972، ومبارك في 1978، وشيماء في 1980.
بعد ابتعاد الشيخ عبدالله المبارك عن أضواء الحكم، بقيت الكويت في قلبه وعقله، فقد كان حرص أن يرفع اسمها عالياً ويضيء شموعها في المحافل العربية والدولية، ومن ذلك قيام سموه في العام 1963 بزيارة إلى الفاتيكان بدعوة من البابا، وإهداؤه الجيش المصري 100 سيارة جيب، ولقاؤه في العام 1965 بالرئيس العراقي عبد السلام عارف في مصر، وإرساله في العام 1966 شيكاً بمبلغ مليون دولار للرئيس المصري جمال عبد الناصر تاركًا للرئيس أمر توجيهه إلى أي غرض من أغراض النفع العام، وتبرعه في العام 1967 بمساعدات طبية لمصر، وفي العام 1973 بمبلغ مليون دولار لصالح المجهود الحربي، وكان لله قضاؤه في العام ذاته، حيث ودّع الشيخ عبدالله المبارك ابنه البكر في مصر، وأودعها ثراه حزيناً مصاباً.
رغم طول الغياب، لم تخرج الكويت من فكر عبدالله المبارك، فقد عاد في العام 1978 مع أسرته للإقامة في الكويت، وفي العام 1983 أرسل خطاباً إلى الشيخ جابر الأحمد يعبّر فيه عن قلقه وهواجسه حول الأوضاع في الكويت آنذاك، وتكرر ذلك في العام 1990، بعدما غادر سموه الكويت في 15 يونيو 1990 إلى لندن، حيث وجه من هناك خطاباً في أكتوبر إلى سمو الشيخ جابر الأحمد في الطائف على إثر أحداث غزو الكويت عبر فيه عن ألمه، وأسدى له بعض النصائح.
إن مسيرة حياة عبد الله المبارك توضح بجلاء أنه كان رائداً من رواد التحديث والتقدم في سائر مجالات الحياة، فعلى مستوى الفكر والتخطيط، امتلك الشيخ نظرة شاملة للأمور، فكان يحيط بأي موضوع من كل جوانبه، نلحظ ذلك مثلاً في خطته لبناء الجيش، وكيف سعى لاستكمال تطوير القدرات العسكرية للكويت في مختلف جوانبها من سلاح وعتاد وذخيرة وبشر وتدريب، ونلحظه أيضاً في إدراكه لمضمون الاستقلال الوطني باعتباره بناء المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية القادرة على الإنجاز والأداء، وكذلك إدراكه أن بناء المؤسسات يتطلب توفير الكوادر والعناصر البشرية المؤهلة لإدارتها، ومن ثم، اهتم بالتعليم وإرسال البعثات الخارجية لكي يتعرف شباب الكويت على علوم العصر ونظمه.
وعلى مستوى الممارسة والتطبيق، تمتع الشيخ بالنظرة الواقعية والقدرة على المواءمة بين ما تطلبته العلاقة القانونية مع بريطانيا من توازنات، والسعي في ذات الوقت لتوسيع دائرة حرية الحركة الخارجية للكويت.
وتحين لحظات الألم الصعبة، ويأتي الخبر الحزين، في 15 يونيو 1991، حيث تفيض الروح إلى خالقها أثناء وجود الشيخ عبدالله المبارك في لندن، ويوارى الثرى في مقبرة الصليبخات بالكويت في اليوم التالي.
بوداع عبدالله المبارك جسداً، أفلت شمس مشرقة في تاريخ الكويت، كانت فيها المرحلة التاريخية هي الأكثر اضطراباً وخطراً لشعب كتب الله له أن يواجه مصيره، ولكنه سبحانه وتعالى هيأ له رجالاً كعبد الله المبارك يديرون له دفة السفينة إلى بر الأمان.


الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم ونائب حاكم الكويت المرحوم الشيخ عبد الله المبارك والأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد وسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد خلال زيارة خارجية


الأمير الراحل عبدالله السالم والشيخ عبدالله المبارك

آخر الأخبار