الجمعة 04 يوليو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

عبدالرحيم درويش: دعني أتألم وأحزن... ولتذهب إلى بيتك سعيداً

Time
الأربعاء 20 فبراير 2019
View
5
السياسة
القاهرة – أحمد أمين:


يعتبر روايته "سارة العسكر وأصداء الخيال" مشروع عمره، رغم أن له الكثير من الأعمال الأدبية الأخرى، حيث يرى أنه استطاع من خلالها أن يكتب تاريخ مصر، و يعرض من خلال أحداثها ما عاشه المصريون من انتصارات وانكسارات على مدى نصف قرن.
عن روايته وعالمها والقضايا التي يسخر لها قلمه في أعماله وجديده التقت "السياسة" الكاتب الدكتور عبد الرحيم درويش، استاذ ورئيس قسم الإعلام بعدد من الجامعات المصرية:
أين تقع رواية "سارة العسكر" في مشوارك الأدبي؟
هي العمل الرابع لي بعد"نفوس متمردة" التي حصلت على جائزة أفضل رواية في قطر 2006، ونشرت في حلقات مسلسلة بجريدة "الشرق" القطرية، وبعدها طرحت رواية "اسمي رباب"، ثم "النزيل الجديد" أما رواية "سارة عسكر وأصداء الخيال" فقد بدأت فعليا كتابتها سنة 2011 كحلم كنت أود تحقيقه.
أي حلم؟
كنت أحلم بكتابة تاريخ مصر منذ عهد عبد الناصر حتى ثورة 25 يناير في رواية تتضمن كل هذه الأحداث، وهو ما فعلته، مستعينا بروح الراحل نجيب محفوظ التي كتب بها ثلاثية القاهرة "بين القصرين ،قصر الشوق والسكرية". هذه الثلاثية التي قرأتها وأنا على اعتاب الجامعة عندما التحقت بكلية الإعلام في العام الذي حصل فيه محفوظ على جائزة نوبل، خصوصا أني كنت مفتونا به وقرأت له وأنا في المرحلة الثانوية "اللص والكلاب" و"زقاق المدق" فمن خلال أعماله أدركت معنى الاشتراكية والرمزية، وكيف يمكن التعبير عن مصر بالحارة، وكانت سعادتي لا توصف عندما التقيته.
كيف كان لقاؤك به؟
وجدته حنونا جدا، استقبلني في مكتبه بمؤسسة "الأهرام" وعندما شعر بأني لم أشبع من حواره، دعاني للقاء به في فندق الشيراتون مرة أخرى، وقتها حلمت بأن يكون لدي مشروع العمر في عمل روائي يتناول تاريخ مصر بعد ما جرى من أحداث في ثلاثية نجيب محفوظ.
ماذا تعلمت منه؟
إن"نوبل" لم يحصل عليها بالتشبه بالغرب، وإنما حصل عليها بالحارة المصرية وبالفتوات وبالجمالية و بالأزهر والحسين، هذا التميز الثقافي في حد ذاته مكسب، وهو ما أعمل عليه لكن من خلال عالمي الخاص بالطبقات الفقيرة المهمشة.
ما الأحداث التي تناولتها الرواية؟
تبدأ بثورة يناير ورحيل مبارك عن الحكم، وبطريقة "الفلاش باك" أسرد من خلال الأحداث تاريخ مصر بتسليط الضوء على الطبقة المهمشة، فإذا كان إحسان عبد القدوس قد كتب عن الطبقة البرجوازية، ومحفوظ عن الشريحة الفقيرة من الطبقة الوسطى، فقد تناولت الطبقة الفقيرة المعدمة التي لم يتم انصافها في عهد عبد الناصر و السادات و مبارك،رغم الوعود بالرخاء، في الوقت الذي نال الثراء الفاحش من الطبقات العليا، فتناولت عبر أحداث الرواية كل هذه الأحداث وما مرت به مصر من هزيمة 67 وانتصار 73 ثم الانفتاح وغيرها من الأحداث حتى قامت ثورة 25 يناير 2011.
إلى أي مدى يأخذ بطل الرواية من عالمك الشخصي؟
يحمل مني كثيرا، لكني بالطبع لم أعش في كل هذه الأزمنة التي تناولتها الرواية، لكن القراءة أعطت لي أعمارا أخرى، بجانب حكايات أمي التي كشفت لي أشياء ساعدتني في نسج أحداث هذه الرواية، فأنا بالفعل مثل بطل الرواية، كنت الأول على الجمهورية في الثانوية العامة كواحد من ابناء الطبقة المطحونة.
هل كنت تتخذ من بطل روايتك"عبد الله المصري" رمزا لمصر؟
الرموز التي تمثل مصر كثيرة، المصنع الذي عمل به كانت تحيطه النقوش الفرعونية والإسلامية بالشكل الذي جعل البعض يرى أنه يرمز أيضا لمصر، وكيف يوجد به امرأة مثل سارة العسكر التي لا تعرف كيف تقرأ "الفاكس" لكنها تستطيع بأموالها أن تحصل على الماجستير؟ كنموذج لتوحش رأس المال، لذلك أرى أن عبد الله المصري كان رمزا لكل مصري عانى وتحمل وشد الحزام على بطنه و مر بمراحل من الانتصارات والانتكاسات.
ماذا عن سارة، حب عمره؟
قد تكون رمزا لحب مصر التي لا نحصل على حبها، فعبد الله المصري لم يفز بها رغم أنه صاحب الحق كشاب تفوق رغم ظروفه الصعبة، علاوة على أنها تمثل له حب العمر، لكن في السباق عليها مع أدهم الخربوطلي ابن الطبقة الغنية الذي يتميز بالغباء، فاز بها، رغم أن كل السباقات التي نافسه فيها، كان الفوز للمصري.
روايتك حافلة بالأحداث التي تصل بها إلى حد الملحمة؟
بالفعل هي ملحمة لأنها تحوي كل الأطياف السياسية في المجتمع المصري، الاشتراكيين، الإسلاميين، اليساريين، الملحدين، لم أترك تيارا إلا وكان له نصيب في هذه الرواية، حتى "حزب الكنبة" أي الذين لا يفعلون أي شيء. وتناولت كذلك كل العهود السياسية وكيف بكت أمه لموت عبد الناصر رغم أنها تخاف من السياسة، وكيف فرح هو بالنصر رغم كرهه للسادات الذي كان سببا في فصله من عمله كمعيد بالجامعة، وما فعله الانفتاح في مصر.ثم عصر مبارك وما شهده من انتشار الظلم والفقر المدقع، وحتى قيام ثورة يناير التي كانت بمثابة الأمل الذي انتظره الكثيرون بحثا عن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فقد انصفت الثورة عمال المصنع وساعدتهم على امتلاك أسهمه.
لماذا تمردت على التابوهات في هذه الرواية؟
لدي قناعة بأن الرواية التي لا تكسر التابوهات تفقد قيمتها، لأن الفن الحقيقي يدعو إلى التحرر، فأنا عندما أكتب أشعر أن لي جناحين أحلق بهما في سماء الأدب، وأود أن أخرج من ذاتي، قد أعري ذاتي بما أكتبه عن نفسي أو عن شخصية أحبها، أخرج من كل القيود، والفقر أحيانا يخرج صاحبه من الدين، كذلك السياسة، إذا خضع المبدع لقيودها فلن يكتب أدبا، هذه القيود كسرها القرآن الكريم، فقد كسر قيود الجنس في سورة "يوسف" عندما راودت امرأة العزيز يوسف عن نفسه، وكسر قيود الدين عندما تحدث عن الأوثان وكيف يتعامل الكفار معها على أنها آلهة "إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم" وكذلك بحديث الكفار والمتشككين عن الدين، وكسر قيود السياسة عندما تحدث عن الحاكم فرعون وظلمه، لذلك أرى أن الأدب الحقيقي عليه أن يكسر هذه القيود، لكن بلا إغراق أو إسفاف أو تفريط.
قدمت المرأة بشكل سلبي جدا كما حدث مع شخصيتي "سارة العسكر" و" حنان" لماذا؟
لا أنكر أنني قدمت سارة كنموذج سلبي للمرأة تمثل في ما تحمله من شر كبير، وأيضا حنان التي جسدت بها الرأسمالية البشعة، لكن بجانبهما هناك نماذج عظيمة مثل أم البطل بهية التي كافحت وعلمت ابنها رغم كل الصعوبات التي أحاطت بها، وهناك شكرية خطيبته وتضحياتها من أجل الوطن.
هل استغرقت طويلا في كتاباتها؟
لقد انهكتني وأرهقتني فكريا وماديا، حيث استغرقت فيها 4 سنوات من بداية كتابتها 2011 وحتى صدورها في أخر سنة 2014، ولكني أحمد الله على ما حققته من نجاح، لدرجة أن دار النشر أعادت طبعها ثلاث مرات.
ما الذي تتمناه لهذه الرواية؟
هذه الرواية كتبتها لتكون صوت من لا صوت له، لذلك اتمنى طبعها طبعات رخيصة شعبية حتى تصل إلى كل مصري وعربي، خصوصا أنني كتبتها في ثلاث دول، مصر والأردن والإمارات.
كيف تتعامل مع شخصيات أعمالك؟
أنا كاتب ديمقراطي،لا أتلاعب بشخصياتي تلاعب الدمى، ولكني أدعو الشخصيات وأشاهدها من الخارج، من دون أن يكون لي سلطة ولا سيطرة عليهم، فالشخصية تقودني، فقط أترك لها قلمي فتتحدث على لسانه كما تشاء وتتصرف كما يحلو لها، لدرجة تجعلني أشعر بأني أشاهدها كما يشاهدها القارئ، أما الحبكة فتأتي تلقائيا.
هل هناك قضايا معينة تسخر قلمك لها؟
أنا ماركسي الأمل واقعي التفكير، أقدم أدبا يجعل القارئ يعيش في حلم، فالناس تذهب إلى الفن و الإبداع هربا من ذواتها لتعيش واقعا أفضل من واقعها، لذلك أقدم لهم الأمل، واتبنى شعار السينما الأميركية "دعني أصرخ وأبكي وأتألم وأحزن، ولكن اذهب بي الى البيت سعيدا".
هل تحرص على ذلك في كتاباتك؟
ليس دائما، فرواية "نفوس متمردة" مؤلمة والنهاية مؤلمة، لكن فيها بصيص أمل، أيضا في "سارة العسكر" كانت الثورة هي الأمل.
كيف ترى الساحة الثقافية؟
أصبحت دور النشر فيها تتعامل بمنطق المكسب والخسارة، فارتفعت أسعار الكتب بشكل مغال فيه، أيضا من الصعب أن تجد ناشرا مغامرا وجريئا ينشر للأسماء غير المعروفة والشباب حتى لو كانت لديها موهبة كبيرة.
ما أمنياتك؟
ألا تتوقف مسيرتي في الكتابة وفي العطاء،فأنا أشعر بأنني سأموت إذا توقفت، وإذا كان الماء والهواء نعيش بهما مع الطعام، فأنا لا يمكن أنا أعيش من دون أن أكتب، لأني أتنفس الكتابة، لدرجة أني أخشي أن أموت قبل أن أخرج ما بجعبتي الأدبية من سهام أتمنى أن تصيب أهدافها، فأنا لا أكتب لنفسي بقدر ما أكتب لغيري ومن أجله، فمن يدري فقد تكون كلماتي نورا يضيء الظلمات وآمالا تحيي موت البائسين اليائسين، و طلقات على الفساد تصيبه في مقتل أو تعيقه عن ظلمه.
ماذا عن مشروعك المقبل؟
لدي مشروعان أعمل عليهما "دورة الأيام" و"موت الأحلام"، كما صدرت لي رواية "شيطان يسكن في بيتي" شاركت بها في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
آخر الأخبار