عبدالعزيز آرتي ... يروي قصته مع التراث بالألوان

كتب - جمال بخيت:

الرؤية التشكيلية عند الفنان عبدالعزيز ارتي، تبدو متحركة في اتجاهات فنية عدة، ابرزها ذلك الاهتمام الذي يوليه ارتي لمسألة التراث في تجلياته الفنية، وان هذه الرؤية دائما ما تتحرك وفق مؤثرات ودوافع فنية يدخل في نسيجها الاحساس بالماضي الذي يريد الفنان ان يطرحه من خلال مضامين وكشوفات تقنية جذابة. مع اختلاف أساليب الحياة وطرق التعبير عنها عبر الفنان التشكيلي الكويتي عبدالعزيز آرتي عن أسلوب حياته وقصته من دون كلمات حيث تكفلت ريشته بذلك من خلال لوحاته التي قدمها في معرض بعنوان "قصتي". وخطت ريشة آرتي بألوان الفرح والبهجة 35 لوحة فنية احتضنتها "وجهة آرت"في تظاهرة فنية رعاها الأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب الدكتور بدر الدويش تأكيدا على دور المجلس في رعاية الفنانين.
وشكلت لوحات الفنان قصة وحقبة عاشها في الكويت وفي رحلاته حول العالم والطبيعة وفي رحلاته الخاصة في أعماق نفسه، حيث أكد آرتي انتماءه للماضي فمثلت معظم لوحاته حقبة الخمسينات والستينات ليأخذ الحضور إلى عبق تلك الفترة الجميلة من ماضي وتاريخ الكويت.
تتخذ اساليب ارتي انطلاقة من رسم العمائر القديمة والشوارع والاسواق والمباني، وهو خير موثق ومسجل لهذه المناطق قبل التحول الحضاري الذي اصابها، واصبحت كلها تتسم بالحداثة والتطور الجمالي، ولا يتوقف ارتي عند كل هذه الابداعات، بل يعرج الى رسم البحر والمراكب ويرصد القديم من "على السيف قديما" وهي لوحة تمثل جانبا من التاريخ القديم لهذه البقعة التي تحولت الآن الى قصر السيف العامر، وظلت بعض مظاهر هذه التراثيات من المراكب موجودة بشكلها العصري، وبلغة الباستيل رسم ارتي "الدوحة" ونقعة حديثة وسفينة والنقعة ليلا في الكويت.
يقول ارتي: الحياة مذهلة وتركيبة مدهشة، صنعها الخالق وهي زاخرة بالمعاني والاحداث المدهشة والمختلفة، حب، وفاء، مرض، صداقة، امان، حزن، غدر ورحيل الى الابد، الحياة رحلة رائعة رغم ما فيها من صعوبات، بالفعل رحلة طويلة بدأها ارتي ووثق خلالها آلاف المطارح والاماكن والاحداث طوال اكثر من ثلاثين عاما في دروب الفن التشكيلي، وسجل بذلك شاهدا معاصرا على روعة الماضي القريب والبعيد وشاهدا على رحلة التطور الفني من مشاهد وعمارة قديمة ومعاينة القديم والحديث.
استطاع الفنان ان يواصل تجاربه التشكيلية المتنوعة بين واقعه وماضيه، وكذلك بعض التنوعات التي رسمها خلال حقبة التسعينات من القرن الماضي، حالفه فيها الامتداد التسجيلي واستطاع ان يضع له موطنا داخل دائرة فناني التشكيل التسجيليين، باعتبار انه امتداد لإبداعات فناني الريادة في هذا المجال والذين وثقوا ما كان يدور من اشكال تراثية وبيئية تطورت مع الاعمال وفنون المعاصرة، ورسم ارتي الاماكن والاسواق التي تزخر بها الكويت، الشارع الجديد عام 1994 وساحة الصفاة 1997 ولوحة شارع فهد السالم وحي قديم (شرق) 1995 وخلال سنوات استطاع هذا الفنان المتخصص ان يستعيد جانبا من الديرة، فتارة يرسم الاسواق والشوارع والاماكن التي تشرح للمتلقي حكايات من الزمن الجميل. الى جانب بعض المنحوتات الواقعية.