عبدالله الجيران .. في "جانب مظلم" يُقدِّم قراءة لونية للواقع

كتب- جمال بخيت:

"جانب مظلم" صياغة فنية رسمها التشكيلي عبدالله الجيران المعروف بأسلوبه السيريالي الواقعي، وبعض محطات من السخرية الناقدة، التي تعبرعن أشكاليات مجتمعية يقدمها في ثوب تشكيلي يعبر عن هذه الإشكاليات في وقفات إسقاطية تتجلى فيها مناحي الاسقاط النفسي، وبذلك ينتهج الجيران منهجية الرمز، وعلى المتلقي ان يعانق اللوحات ويتفحص الجوانب المختلفة من الاسقاطات الجمالية.
يرى الجيران ان رسم جوانب تستحق إلقاء الضوء عليها تؤدي الى تغير المنهج الذي يحمل سلبيات عدة، فضلا عن تحريك ذائقة العقل المتأمل لنواحي القصور الموجودة.
وقال: "جانب مظلم هي محاولة لكشف الواقع بأسلوب سيريالي، هو أقرب للواقعية،ويكشف بعض الحكايات التي تحتاج الى اظهارها للعلن، ومعالجتها، وهذه رسالة اي فنان يؤثر فيه المجتمع وقضاياه وإشكالياته".
عبدالله الجيران يقترب من دائرة النقد المجتمعي بأسلوبه المعبر، كفنان يرى العالم من خلال ريشة احترافية تتجلى في رسم الشخصيات والوجوه وملامحها وتعبيراتها، فضلا عن رصد الجانب الفني من تكنيك الألوان والظلال، وأكتمال دائرة الإضاءة في رصده للمواضيع التي تتجلى فيها افكار تستحق التأمل،ولهذا يرسم بلغة نقدية محاولا ايصال رسالة الى الناس كي تصبح هي دائرة الاهتمام لديهم، ومن خلالها تأتي العلاقة الجمالية الفنية مع المتلقي.
وهو يتبع منهج السيرالية التي تخلصت من مبادئ الرسم التقليدية في التركيبات الغربية لأجسام غير مرتبطة ببعضها بعضا، ويعمل على خلق إحساس بعدم الواقعية إذ أنها تعتمد على الا شعور. معروف ان السيريالية ركزت على المضمون وليس الشكل، ولهذا تبدو لوحات المرسومة بهذا المنهج غامضة ومعقدة، لكنها في الحقيقة تشكل منبعاً فنياً لاكتشافات تشكيلية رمزية لا نهاية لها، تحمل المضامين الفكرية والانفعالية التي تحتاج إلى ترجمة من الجمهور المتذوق، كي يدرك مغزاها حسب خبراته الماضية.
الانفعالات التي تعتمدعليها السيريالية تظهر ما خلف الحقيقة البصرية الظاهرة، إذ أن المظهر الخارجي الذي انشغل فيه الفنانون في حقبات كثيرة لا يمثل كل الحقيقة، لانه يخفي الحالة النفسية الداخلية.
تعليقا على ذلك يقول الجيران: ‹›ان الفنان السيريالي يكاد يكون نصف نائم، ويسمح ليده وفرشاته أن تصورا إحساسيه العضلية، وخواطره المتتابعة من دون عائق، وفي هذه الحالة تكون اللوحة أكثر صدقاً".
اضاف: "يدعو بيان السيرياليين الذي كتبه أندريه بريتون في باريس عام 1924 إلى إطلاق سراح الخيال، اي كأن الإنسان في عالم خاص من الرؤى، يعود من خلاله إلى فطرته البدائية، فيرى العالم ليس اكثر من الغاز تتبدى في صورة "رموز" لا يمكن تفسيرها إلا بمنطق ما فوق الواقع".
هناك عالم مختلف رسمه الجيران وطرح تساؤلات عدة وإسقاطات رمزية المباشرة وغير مباشرة، من خلال صياغات استطاع فيها ان يضع ريشته في مرمي الحالة الوجدانية والرسالة المجتمعية التي أراد إيصالها الي المتلقي.
تظل أعمال الجيران داعمة للوعي، ومؤثرة في الوجدان من خلال ريشة فنية رفيعة تؤرخ لجوانب السلب والإيجاب التي يراها بعيون تشكيلي يرسم الحياة والواقع بحرفية عالية.