محمد الفوزانيقول الدكتور محمد الجوادي: "إن أكثر من ثلاث مرات عبر التاريخ كانت لندن على وشك الدخول في الاسلام، لكن الله لم يشأ، وهي لم تستقل بكنيستها الانجيليكية الا لتقترب من الاسلام.ومن أهم محطات تاريخ لندن مع الإسلام أيام عبد الله كويليام، الذي عُيّن "شيخًا للإسلام" في بريطانيا وجزرها، حيث حمل على عاتقه مهمة نشر الإسلام على أراضي إنكلترا منذ إسلامه وتأسيسه أول مسجد فيها. وإليكم قصته: ولد ويليام هنري عبد الله كويليام عام 1856 في إنكلترا، وبدأ العمل كمحام للفقراء 1878، بعد تخرجه في معهد ليفربول، وحصل على لقب "المدعي العام غير الرسمي" من صحيفة "ليفربول كورير"، ونال اللقب بسبب جهوده ونضاله من أجل حقوق الناس، كما نشرت الصحيفة.وفي عام 1887، زار المغرب وكانت نقطة تحول في حياته، و بداية حقبة جديدة في إنكلترا، فأسلم خلال الزيارة وكان عمره 31 عامًا، وسُمّي عبد الله. وفور عودته بدأ بالدعوة إلى الإسلام في ليفربول.وكان كويليام يقول إنه "لم يشأ ان يبقى وحده مسلمًا في البلاد، لأنه رأى الإسلام منقذًا للمجتمعات من الظلم ومحررًا لها"، فأسس مركز ليفربول الإسلامي، وأول مسجد في البلاد، وأدى المركز دور المدرسة ليسهم بسد ثغرة كبيرة في ذلك الحين، ويعمل على نشر الإسلام بين البريطانيين مباشرة.ساعد كويليام نحو 600 بريطاني، بما في ذلك كُتّاب ونُبلاء، على اعتناق الإسلام خلال العصر الفيكتوري، وبنجمةٍ وقمر، زيّن مركز ليفربول الإسلامي، الذي ردّد فيه الشهادتين كل من اعتنق الإسلام في ذلك الحين.وضع كويليام مؤلفات عدة، طُبِعَت ووُزّعت بعنوان"المعتقد الاسلامي"، وكانت تهدف لتحقيق الفهم الأفضل للإسلام، وصدرت أول طبعة من كتابه "دين الإسلام" 1889، الذي كان له بالغ الأثر بقبول عدد من البريطانيين للإسلام، وبدأ كويليام بدعم من المسلمين الماليزيين والهنود، بنشر "مجلة العالم الإسلامي" الشهرية 1893.دعا السلطان عبد الحميد الثاني كويليام إلى إسطنبول 1891، تقديرًا لجهوده وشهرته التي اتسعت في الآفاق، وعيّن السلطان كويليام1894 أول "شيخ إسلام" في بريطانيا وجزرها، وفي العام نفسه، افتتح كويليام مسجدًا في لاغوس بنيجيريا نيابة عن السلطان عبد الحميد الثاني، وزُيّن المسجد بزخارف تحمل اسم الخليفة.كانت أول فتوى لكويليام وهو في منصب "شيخ الإسلام" 1896، وكانت عن وضع المسلمين المصريين الذين قاتلوا إلى جانب البريطانيين ضد المسلمين السودانيين، موضحًا في فتواه" أنه يحظر على المسلمين المصريين محاربة المسلمين السودانيين في صفوف البريطانيين".توقف كويليام عن عمله بعد تعرضه هو وأقاربه للهجوم، وغادر إنكلترا في عام 1908، وعاد إليها بعد ست سنوات ليواصل حياته فيها باسم صديقه القديم هارون مصطفى ليون، توفي كويليام في 28 إبريل 1932، ودفن في مقبرة "بروكوود" في بالقرب من لندن، بعد أن كرّس 45 عامًا من حياته للإسلام، تعرّض خلالها للضغط والهجوم، وسجّل اسم كقدوة ومصدر فخر للأجيال القادمة.وقد أجريت مئات الدراسات حول كويليام، من بينها التي قادها البروفسور في جامعة "كارديف" للدراسات الإسلامية رون جيفيز، الذي أوضح أن عائلة كويليام كانت منذ نعومة أظفاره لديها تقاليد مسيحية وتذهب إلى الكنيسة بانتظام، كان أهم سبب لتفضيل كويليام للإسلام، معارضته لشرب الكحول، كما تأثر أيضا بتحول انفصال الكاثوليك والبروتستانت إلى عنف في شوارع ليفربول، مع موافقة رجال الدين المسيحي على عدم ضرورة المساواة العميقة في العصر الفيكتوري.وقد أشار جيفيز إلى أن مركز ليفربول الإسلامي الذي أسسه كويليام احتوى أيضًا متحفًا ثقافيًا ودارًا للأيتام ومدرستين للبنين والبنات، ومطبعة، ولكنه حين بدأ الدعوة إلى الإسلام، أُخلِيَ مركزُه وسُوّي بالأرض.إمام وخطيب
[email protected]