الاثنين 05 مايو 2025
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

"عذراء الشاشة" ماجدة الصباحي... الأكثر دلالاً وجمالاً في جيلها

Time
السبت 02 مايو 2020
View
5
السياسة
نجمات الشباك 08 من 14

القاهرة - آية ياسر:

تبدو أحلامنا في كثير من الأحيان أبعد من النجوم، لكنها تظل تغرينا بضوئها اللامع نتمنى أن نحققها، لكن لا يتشبث الجميع بأحلامهم، ويطاردونها دون كلل أو يأس، مثلما فعلت عفاف ذات الخمسة عشر ربيعًا، التي لم تجد سوى الشوك في بداية دربها، يدمي قلبها الغض؛ فواجهت مصيرها بشجاعة، محطمة حواجز اليأس والخوف، لتصير لاحقًا نجمة شباك، وواحدة من أهم السينمائيات في العالم العربي... إنها الفنانة الكبيرة ماجدة الصباحي.

* نشأت في عائلة عريقة رفضت عملها بالفن... وغيَّرت اسمها بسبب التمثيل
* "قُبلة" مفاجئة من عمر الشريف في "شاطئ الأسرار" أشعلت غضب أهلها
* أعلنت خطبتها على "شيبوب"... وأسرتها رفضت زواجها من رشدي أباظة
* عاشت قصة حب مع إيهاب نافع... واعترف لها بعمله في المخابرات المصرية
* جمال عبدالناصر قدَّم لها هدية... ورقصة "تانغو" شهدت انفصالها عن والد ابنتها
* مذكراتها تسببت لها في أزمة كبيرة... واعتناق اليهودية تهمة لاحقتها


ماجدة مع ابنتها


ماجدة وإيهاب نافع وابنتهما غادة


حصلت ابنة محافظة طنطا، لتوها على شهادة البكالوريا الفرنسية، وجاءتها فرصة عمرها وحلمها القديم، حيث عرض عليها المخرج سيف الدين شوكت، المشاركة في فيلم "الناصح" أمام نجم الكوميديا الكبير إسماعيل ياسين، لكن عائلة الصبَّاحي العريقة، التي تنتمي إليها وقفت عائقًا أمام تحقيق الحلم، ورفضت عملها بالتمثيل، فوالدها كان من كبار موظفي وزارة المواصلات، وأسرتها تمتلك العديد من الأملاك ولها عادات وتقاليد متشددة، علاوة على تاريخ طويل في النضال الوطني، فجدها كان رئيسًا لمجلس شورى القوانين قبل أن يكون هناك برلمان، لذا استنكرت عائلتها أن تكون لهم حفيدة تعمل في السينما، ومع هذا لم تستسلم عفاف وفكّرت في حل لأزمتها، وواتتها فكرة تغيير اسمها على "تتر" أول فيلم لها إلى ماجدة، حتى لا يعرفها أحد من أسرتها.
شاركت في الفيلم ومضى التصوير على خير، بعدها علمت الأسرة وبدأت الخلافات مع فريق عمل الفيلم؛ فتعطل العرض عامًا كاملاً قبل أن تنجح الوساطة التي استقدمتها ماجدة، بدعم من والدتها في تهدئة الأمور وإقناع الأسرة بالموافقة على عرض الفيلم.
في هذا الوقت طرق الحب قلبها، حبيبها لم يكن سوى صديق شقيقها، كانت تنظر له خلسة حتى تبادلا أطراف الحديث، واعترف أحدهما للآخر بحبه، واتفقا على الزواج، وحين تقدم لخطبتها كان قلب ماجدة يرقص فرحًا، لكن سرعان ما تبددت فرحتها بخيبة أمل، إذ رفضت أسرتها لأن شقيقتها الكبرى لم تتزوج بعد.
صعدت ماجدة سلم النجومية والشهرة بسرعة البرق وساعدها جمالها الأنثوي ورقتها المفرطة ونبرة صوتها النادرة "المبحوحة" على أن تصير نجمة شباك محبوبة لدى الجمهور، ومخرجي ومنتجي الأفلام على حد سواء، الذين أطلقوا عليها لقبي "عذراء الشاشة"، و"كوكب السينما العربية".

"المراهقات"
أثناء تصوير فيلم "شاطئ الأسرار"، وجدت نفسها في موقف حرج، فقد اتفق بطل الفيلم عمر الشريف سرًا مع المخرج عاطف سالم بأن يفاجئها بقبلة أثناء تصوير المشهد، وما أن حدث ذلك حتى اكتسى وجه ماجدة، بحمرة الخجل، ووضح الغضب في صوتها، وهي تعنّف بطل الفيلم ومخرجه، وانسحبت من الستديو وامتنعت عن التصوير لأسبوع كامل، ولمّا عادت أصرت على حذف المشهد، وبعد محاولات عدة وافقت على عرضه.
الغريب أن الفنانة ماجدة التي رفضت قبلة عمر الشريف، فوجئ الوسط الفني بإعلان خطبتها للممثل سعيد أبو بكر، الذي اشتهر بشخصية "شيبوب" في فيلم "عنترة بن شداد"، لكن هذه العلاقة لم تدم طويلا، فكما جاء إعلان الخطوبة مفاجأة، كان فسخها بعد فترة بسيطة مفاجأة أيضا، من دون الكشف عن السبب، فأثارت الجدل، وبعدها رفضت قبلة الفنان فريد الأطرش لها في فيلم "من أجل حبي"، بحجة رفضها لهذا الأمر منه أو من غيره، ليفاجأ الجميع بها توافق على أن يُقبّلها رشدي أباظة في فيلم "المراهقات" لتثير الجدل مجدداً. لكن المقربين منها كانوا على علم بسبب موافقتها على قبلة أباظة، لأنها كانت تعلم أنه وقع في حبها وأن قبلاته ستكون حقيقية وصدق حدسها، فما هي إلا أيام حتى صارحها بحبه وتقدم لطلبها للزواج، لكن أسرتها عارضت، قالوا له إنه صديق حميم؛ لكن حياته الخاصة يعلمها الجميع؛ لذلك لن تحتمل ماجدة العيش معه وستعاني إن تزوجا.
لكن الأقدار أخفت لها مفاجأة غير متوقعة؛ فقد طرق الحب قلبها مجددًا، في حفل نظمته السفارة الروسية بالقاهرة، عندما التقت عيناها الساحرتين بعيني إيهاب نافع، الفنان والطيار الخاص بالرئيس جمال عبدالناصر، اشتعلت شرارة الحب بينهما وتأججت في نفسيهما، حين أصر الشاب الأنيق على توصيلها إلى المنزل.
أحبت ماجدة في إيهاب كونه إنسانًا لطيفًا وهادئًا يحترم الناس، فشعرت بالارتياح نحوه. وكانت همسات الشاب الوسيم الفارع الطول تتساقط على قلبها بردًا وسلامًا وتبعث في نفسها الغبطة والنشوة، فعرفتُ معه الحب للمرة الأولى كما لم تعرفه من قبل، فوقع في قلبها عميقاً حتى وهي تغمض عيناها لتنام، ولم تكد تمضي أيام معدودات على تلك التوصيلة حتى زار الفنان والطيار الشاب منزل عائلتها وطلب يدها من والدها، الذي وافق هذه المرة على الفور وأقيم حفل الخطوبة على ظهر باخرة نيلية، وتكلّف حينها 5 آلاف جنيه وهو رقم باهظ بحسابات ذلك الوقت، وما هي إلا شهور حتى كان حفل زفافها في فيلا بالدقي، حيث تألقت نجمة الشباك الفاتنة في فستان زفافها، وأحيا العرس من المطربين والمطربات شريفة فاضل، مها صبري، هدى سلطان، شفيق جلال، ورقصت نجوى فؤاد وسهير زكي، وحضر العديد من الصحافيين ووكالات الأنباء، وفي الصباح التالي لليلة الزفاف، أرسل الرئيس جمال عبدالناصر، هدية الزواج، وكانت عبارة عن "ماكيت مركب ناصر"، ظلّت تحتفظ به ماجدة لسنوات طويلة، وخلال فترة زواجهما رزقا بابنتها الوحيدة غادة، وجمعت ماجدة وإيهاب أفلام سينما ناجحة، منها "الحقيقة العارية"، "القبلة الأخيرة" و"هجرة الرسول".

عميل مزدوج
لم تعلم ماجدة، أنها تزوجت ضابطًا في المخابرات، فكل ما كانت تعرفه أنه محبًا للرئيس جمال عبدالناصر ومؤمن به كزعيم، وأن الأخير لم يكن يطمئن للطيران مع طيار غيره، لكنها تفاجئت به يعترف لها ذات يوم بأنه كان عميلاً مخابراتيًا مزدوجًا، فقد كان صديقًا لقائد القوات الإسرائيلية في ذلك الوقت عيزرا وايزمان، الذي أصبح رئيسًا لإسرائيل فيما بعد، كان يسهّل دخوله لإسرائيل للقيام بالمهام السياسية المُكلف بها من المخابرات العامة المصرية، ويساعده اعتقادًا منه بأنه عميل لإسرائيل يحصل منه على المعلومات العسكرية المصرية، ولكن في الحقيقة كانت المخابرات المصرية كلفته بمهمة التأكد من أن الممر الذي تقيمه إسرائيل بطول 7 كيلو متر للطائرات السريعة تم إنشاؤه أم لا؟!
ورغم قصة الحب الجميلة التي جمعت بين قلبيهما، إلا أن زواجهما لم يصمد أكثر من أربع سنوات، أمام اختلاف طباعهما وغيرة زوج الفنانة عليها، التي تأججت بعد أن اضطر إيهاب نافع إلى مغادرة مصر والسفر إلى لبنان، ما أزعج ماجدة، ورفضت المغادرة معه، لينتهى زواجهما نهاية درامية أشبه ما تكون بمشهد في أحد الأفلام؛ فحدث الطلاق بينهما أثناء تأديتهما لرقصة "تانغو" خلال تناولهما العشاء في أحد مطاعم بيروت، لكن صداقتهما استمرت طويلاً حتى اللحظات الأخيرة من حياة إيهاب، حيث ظلت "عذراء الشاشة" إلى جواره أثناء مرضه الشديد وتلقيه العلاج في مستشفى القوات الجوية؛ حتى توقف قلبه عن الخفقان.
اشتهرت نجمة الشباك ماجدة الصباحي، بتأديتها لأدوار لا تخلو من الدلال الأنثوي والإغراء الهادئ، لكن تمردت على تلك الصورة واختارت تقديم أعمال مهمة متنوعة؛ مثل "انتصار الإسلام" و"بلال مؤذن الرسول"، و"الله معنا"، و"جميلة"، الذي حققت من خلاله شعبية كبيرة على مستوى العالم، إذ جسدت فيه شخصية المناضلة جميلة بوحيرد، كما قدمت شخصية "ليلى" في فيلم "قيس وليلى". وخلال مشوارها السينمائي كونت ماجدة، ثنائيات فنية مع العديد من النجوم، فقدمت مع إسماعيل ياسين أفلام "ليلة الدخلة"، "فلفل"، "الآنسة حنفي"، وغنى لها عبدالحليم حافظ "أهواك" في فيلم "بنات اليوم"، وشاركت رشدي أباظة بطولة أفلام "المراهقات"، "دنيا البنات"، "حواء على الطريق"، و"زوجة لخمسة رجال"، كما قدمت مع فريد الأطرش فيلمي "لحن الخلود"، و"من أجل حبي"، ومع يحيى شاهين أفلام "مرت الأيام"، "هذا الرجل أحبه"، "أين عمري"، و"عشاق الليل".
نجحت ماجدة بذكاء أيضًا في أن تقصد منطقة أخرى مختلفة من مناطق التمثيل، فقدمت دور الفتاة البسيطة "نعيمة" بائعة الجرائد بفيلم "بائعة الجرائد"، و"الفلاحة" في فيلم "النداهة". وغيرها من أفلام مثلت إضافة حقيقية لتاريخ السينما العربية ومن أشهر الأفلام التي أثرت بها ماجدة الصباحي مكتبة السينما "الآنسة حنفي، بنات اليوم، العمر لحظة، الغريب، النداهة، المراهقات، أنف وثلاث عيون، بائعة الجرائد" وغيرها من الأفلام التي تجاوز عددها السبعين فيلمًا.
لم تتوقف طموحاتها وأحلامها، بعد أن ارتقت سلم الشهرة بين فنانات عصرها، فأنشأت شركة إنتاج خاصة بها تحمل اسم "أفلام ماجدة" في عمارة "الإيموبيليا" الشهيرة، وعلى الرغم من عشق ماجدة للسينما منذ نعومة أظفارها؛ لكنها رفضت العمل في المسرح، لرغبتها في ألا تكرر ما تقدمه يوميًا على خشبة المسرح، وكانت لها تجربة وحيدة في الإخراج من خلال فيلم "من أحب؟".
وفي عمر الـ63 كان آخر أفلامها "ونسيت أني امرأة" عن قصة الكاتب إحسان عبدالقدوس العام 1994، ثم اعتزلت التمثيل بعدها، واختفت عن الأضواء لفترة طويلة.

إجادة العبرية
أصيبت ماجدة، بصدمة شديدة وقعت على رأسها كالصاعقة، حين ادعت بعض الصحف، أنها يهودية الديانة، رغم كون أسرتها مسلمة، وأنها هي نفسها شيدت مسجدًا بمنطقة الدقي. لم تعرف الفنانة الشهيرة من أين جاء الصحافيون بهذه المعلومة الغريبة، لعلهم استنتجوا ذلك بعد أن سكنت شقة كانت مؤجرة في السابق لحساب المركز الثقافي التابع للسفارة الإسرائيلية بالقاهرة، وربطوا بين ذلك وكونها درست في مدرسة يهودية، وتجيد اللغة العبرية.
واجهت ماجدة ذلك بأن التزمت الصمت، ولم ترد على شائعات الصحف، لكن سرعان ما نفى مستشارها الإعلامي تلك الأكذوبة.
أزمة جديدة زلزلت حياة النجمة الشهيرة والمنتجة السينمائية، حين قررت نشر مذكراتها، وأوكلت للكاتب الصحافي السيد الحراني صياغتها، وتفاجئت ماجدة بعاصفة غضب من ابنتها الوحيدة غادة إيهاب نافع، واعتراضها على ما تضمه المذكرات من أسرار خاصة بالعلاقات النسائية لوالدها إيهاب نافع، الذي تزوج 13 مرة، أشهرها زيجته من أرملة رجل المخابرات رفعت الجمال، الشهير بـ"رأفت الهجان".
وما كشفته المذكرات عن أن زوج الابنة غادة، نصب على والدها الفنان الراحل، مما عجل بوفاته، خصوصا بعدما ساندته ابنته الوحيدة ضد والدها، لتحدث قطيعة بين الأم وابنتها، ووصلت حدة غضب غادة، التي دخلت مجال التمثيل منذ سنوات طويلة ولكنها فشلت في تحقيق النجاح كوالدتها، إلى الشجار العنيف مع كاتب المذكرات، الذي اتهمها بعد ذلك بالتعدي عليه، وحرر محضرًا بذلك.
على مدار سنوات عملها الفني تعددت أسفارها، إلى دول العالم؛ حيث شاركت في عضوية لجنة التحكيم بمهرجان الهند السينمائي عام 1964، ثم إلى روسيا عام 1967، لتشارك في عضوية لجنة التحكيم الدولية في مهرجان موسكو السينمائي الدولي، خلال عرض فيلمها "جميلة"، وفي موسكو نظم الإتحاد النسائي السوفيتي حفل استقبال لها مع المخرج يوسف شاهين، وخلال تواجدها في أسبوع الفيلم المصري في مقديشو العام 1988 قابلت الرئيس الصومالي محمد سياد بري مع وفد الفنانين.
سافرت ماجدة أيضًا إلى ألمانيا؛ حيث تم تكريمها في برلين، والتقت كثيرًا من المشاهير حول العالم، منهم أول رائد فضاء روسي وأول إنسان يصل إلى الفضاء خلال الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الأميركية، وقابلت بشكل رسمي رئيس جمهورية الفلبين. كما مثّلت "كوكب السينما العربية" مصر في عدد من المهرجانات العالمية والإقليمية وشاركت في لجان التحكيم وحصلت على العديد من الجوائز منها جائزة النيل في مجال الفنون، اختيرت أيضا لعضوية لجنة السينما بالمجالس القومية المتخصصة، ثم حصلت على جائزة وزارة الثقافة والإرشاد، وشغلت منصب الرئيسة الفخرية والرائدة لجمعية السينمائيات المصريات التي أشهرت في العام 1990، وحملت اسمها دار عرض تم افتتاحها في العام 1992 في ميدان حلوان بمصر ودار عرض أخرى باسمها في الخرطوم.

رحيل هادئ
توارت ماجدة عن الأنظار، واقتصر ظهورها على المناسبات العائلية والخاصة جدًا، إلى أن حضرت آخر تكريم لها في "عيد الفن" العام 2014؛ حينما كرمها الرئيس السابق المستشار عدلي منصور، وبعدها كرمها وزير الثقافة في احتفالات 6 أكتوبر، لكنها تغيبت عن الحضور لتدهور صحتها، وتسلمت درع تكريمها ابنتها غادة.
وكان آخر ظهور لها في عزاء المخرج الراحل منيب الشافعي، قبل أن يداهمها الموت، ظهر الخميس، 16 يناير 2020، عن عمر ناهز 89 عامًا، بعد غياب طويل عن السينما والأضواء، ليسدل الستار على حياة "عذراء الشاشة" و"كوكب السينما العربية" والممثلة الأكثر دلالاً وجمالاً بين نجمات جيلها، والمنتجة السينمائية، الحافلة بالعطاء الفني، زخرت مسيرتها بعشرات الأفلام الاجتماعية والوطنية والدينية؛ حيث قدمت ما يزيد على 70 فيلم سينمائي، على مدار 45 عامًا هو عمر مشوارها السينمائي الذي تربعت على عرشه كنجمة شباك.
آخر الأخبار