كتب - فالح العنزي:حظي عشاق التجارب السينمائية الشابة بفرصة جديدة لمشاهدة فيلمي "الشهيد الحي" و"اعطني قلم" الفائزين بالمركزين الثاني والثالث لأفضل فيلم وثائقي طويل ضمن مسابقة مهرجان الكويت الدولي السينمائي بنسخته الثالثة، ويتناول كل فيلم فكرة منفردة وقصة خاصة إما مستوحاة من الواقع أو تم اسقاطها عليه، وتم عرض الفيلمين في مسرح المكتبة الوطنية ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي بدورته الحالية.نتوقف عند فيلم "الشهيد الحي" للمخرج الشاب ثنيان الرشود، الذي اجتهد فيه المخرج الشاب ليسجل بصمة واضحة وكبيرة في فيلم اعتمد على ابطال سطروا اكبر التضحيات في الغزو العراقي، ابطالا ربما يختلفون في كل شيء الا في أمر وحيد وهو التضحية، الفيلم من انتاج العام 2017 ويعتبر من الأفلام الوثائقية الطويلة، التي تعتمد على سرد الحقيقة مهما كانت قسوتها، ويحسب للمخرج الشاب بحثه الدؤوب لسبر اغوار من شهد تلك اللحظات العصيبة في حياته.
رصد الفيلم بكل دقة تفاصيل تلك الأشهر السبعة المميتة والقاتلة، نبش في زوايا لم يسبق لأحد ان تطرق لها وهذا ما يميز الأفلام الوثائقية وهو الوصول الى مناطق جديدة والخروج بمعلومات تذكر للمرة الأولى، وتبقى الرؤية الاخراجية التي نفذها المخرج الشاب متماشية مع طبيعة الحدث والقصة، واعتقد ان الفكرة قبل التنفيذ هو من منح الفيلم جائزة المركز الثاني في مسابقة مهرجان الكويت الدولي السينمائي بنسخته الثالثة، حيث لم يعتمد المخرج على التصوير بقدر ما اعتمد على العنصر البشري، الصوت الحقيقي، السرد للحظات العصيبة من دون تجرد، فدائما الاشخاص الذين عاشوا الحقيقة هم الاصدق في نقلها، لذا يسجل فيلم "الشهيد الحي" اسمه في سجل الافلام الوثائقية الملحمية، التي تنقل للأجيال المقبلة الدور الكبير والجبار للكويتيين في مواجهة المعتدين، لحظات مفجعة ومؤلمة ترجمها المخرج الشاب بحرفية الى صورة تنطق وتحس وتشعر على الرغم من انه ربما ولد بعد الغزو بسنوات. أما فيلم "اعطني قلم" للمخرجة الشابة ميس الفيلكاوي، فتوافرت فيه عناصر كثيرة جعلته يفوز بجائزة الأفلام الوثائقية الطويلة في المهرجان السينمائي السابق، في مقدمتها التصوير الذي لم يخرج من اطار كاميرا الهاتف المحمول، التي طوعتها الفيلكاوي في تقديم فيلم وثائقي متكامل من جميع الزوايا، خصوصا الجودة ونقاء الصورة ووضوح الصوت، فإذا كان فيلم "الشهيد الحي" يحمل بعدا وطنيا فإن "اعطني قلم" يحمل بعدا انسانيا من أجل كسر الجهل بسلاح العلم، رسالة سامية من شابة صغيرة تفتق ذهنها وآمنت بأن كل شيء يمكن ان نتهاون فيه او نتكاسل او لا ندرك ضرورته واهميته الا التعليم فهو سلاح الإنسان مهما كانت ظروفه ومعاناته ومعيشته، لان الجهل موت غير مرئي، تقول المخرجة ميس الفيلكاوي في مناسبة سابقة عن فيلمها: "هو تجربتي الأولى عندما فاز الفيلم بالجائزة لم أكن أتوقع الحصول على هذا الفوز، لأنها التجربة الأولى لي في الإخراج، ولم أدرس الاخراج لكنني معلمة كانت لي رؤية حول قضية الجهل في عالمنا العربي وقلة التعليم"، يميز الفيلم هو أن التصوير كان عبر الهاتف النقال ولم يتم التدخل فيه بأي عوامل تكنولوجية لكنه كان معبرا بشكل جاد عن قضية مهمة وقد يكون النجاح حافزا لها للاستمرار، ربما يعتبر بعض النقاد ان مثل هذه الأفلام لا يمكن تصنيفها بالمفهوم العلمي والسينمائي كفيلم، بل يمكن تصنيفها في قائمة الكليب، لكن في ظل التكنولوجيا الحديثة وانتقال العالم المتطور ليكون "داتا" داخل جهاز الموبايل يجب ان تسقط كل محاولات تهميش هذه التجارب النوعية والجيدة للهواة، خصوصا عندما تكون المادة المقدمة والمحتوى على درجة عالية من ناحية الجودة والتكنيك والتقنية.

مشهد من "اعطني قلم" (تصوير: بسام أبو شنب)