السبت 28 سبتمبر 2024
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

عزت القمحاوي: استمتع بالحرية حين أتمرد على قوالب الكتابة

Time
الاثنين 09 يوليو 2018
View
5
السياسة
القاهرة - آية ياسر:

بدأ مشواره الأدبي في بداية التسعينات، وتنوعت أعماله الأدبية بين الرواية والقصص القصيرة والنصوص، ليتمرد أحيانًا على القوالب الأدبية والأشكال التقليدية.كتاباته لا تخلو من الحس الفانتازي والهواجس والتساؤلات الوجودية، تحضر الأماكن بقوة في أعماله ؛ حيث يبدع في وصف التفاصيل.إنه الروائي المصري "عزت القمحاوي" الذي أصدر ثلاثة عشر كتابًا حتى الآن منها ست روايات، ثلاث مجموعات قصص قصيرة، وكتابا نصوص.أبرز أعماله : "مدينة اللذة، الأيك في المباهج والأحزان، غرفة ترى النيل، الحارس، بيت الديب، يكفي أننا معًا". فاز القمحاوي بجائزة نجيب محفوظ في 2012 عن روايته "بيت الديب"، كما وصلت روايته "يكفى أننا معا" إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب. حول ذلك كان لـ"السياسة " معه هذا الحوار:
كيف تلقيت وصول روايتك "يكفى أننا معا" إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب؟ وما ملابسات ترشحها للجائزة؟
من الطبيعي أن يفرح الكاتب بتقدير يأتي من قارئ واحد، حتى ولو كان ذلك في مكالمة هاتفية يعبر فيها عن إعجابه بعمل من أعماله، وبالتالي يسعده كذلك أن تلتقي ذائقة مجموعة من النقاد هم أعضاء لجنة تحكيم جائزة على اعتبار أن هذا العمل جيدًا ويستحق التقدير.أما عن ملابسات الترشيح فإن الدار المصرية اللبنانية تنجز عملها على كتبها بشكل احترافي وكريم، وقد رأت الدار أن ترشح الرواية، وقد وافقت على ذلك، ويسعدني ما حدث للرواية حتى الآن، في الجائزة، وعلى مستوى تقدير القراء.

الهواجس الوجودية
طرحت في الرواية تساؤلات تتعلق بالإطار الاجتماعى، والسياسى، هلاّ حدثتنا عنها؟
كل كاتب لديه مجموعة من الهواجس الوجودية لا يتخلى عنها، ورغم أن "يكفي أننا معًا" تبدو مختلفة في سياق أعمالي الأخرى، كونها قصة حب تبدو بسيطة، من حيث عدد الشخصيات والمعمار الروائي بشكل عام، إلا أن فيها مخاوفي من التقدم في السن والوحدة والمرض، إنها المخاوف والهواجس التي يمنحها الروائي لأبطاله، وقد تحملها في الرواية جمال منصور، المحامي الستيني الخائف من تقبل غرام باحثة الفنون الشابة. في الرواية كذلك وبشكل خفيف جدًا إشارات إلى الانسداد السياسي الحالي، والانفصال بين الواقع وتطلعات الشباب للحب والحرية.
كيف تمكنت من رسم أدق تفاصيل عوالم الفن فى روما، وشوارعها؟
إن كنت ترين ذلك، فهذا يجعلني مغتبطًا.أهتم عادة بالمكان، وأكتب عن الأماكن التي أعرفها، وأنا أحب الأماكن الإيطالية التي حملت إليها بطلي الرواية، وأعرفها جيدًا. أسعدني أن أجد مؤخرًا في القاهرة مطعمًا للمأكولات الإيطالية يروج لنفسه بعنوان الرواية، ويضع غلافها أمام رواده واعدًا بمتعة مماثلة لرواده، هذا أعطاني إحساسًا جميلاً، مثل الفوز بجائزة. على أنني لم أحمل البطلين إلى إيطاليا اعتباطًا؛ بل بناءًا على رؤية للسفر، كتبتها من قبل، فهو عندي موت لذيذ يعود الإنسان منه؛ ففيه مميزات الموت من حيث الانعتاق من المسؤوليات، مثل: الخفة والانقطاع عن كل ما يثقل الإنسان ويقيد انطلاقه.وقد خططت خديجة للرحلة لتحمل جمال بعيدًا عن تردده ومخاوفه الاجتماعية من فارق السن بينهما، وفي بداية وصوله بدا واضحًا أنه تحرر وصار أكثر إقدامًا، لكن متاعب الجسد لم تلبث أن ظهرت، فلم يستطع مجاراة الشابة في حيويتها، وبدلاً من أن تردم الرحلة هوة العمر بينهما فاقمتها، لكن القارئ كان قد تعرف معهما على المكان.
لماذا غلبت على الرواية التساؤلات والشك والحوارات الفلسفية الداخلية؟
تلك هي بعض ملامح أسلوبي، التي لا أستطيع ولا أحب التخلي عنها؛ فأنا ابن تيار الوعي، وهذا ليس مجرد خيار أدبي، بل سببه تكويني النفسي، فأنا شخص جواني، أحب العزلة وأكون أثناءها في أحسن حالاتي، والعزلة تفرض الأسئلة والتأملات كما تساعد على التقاط التفاصيل الصغيرة في المكان.

تغيير العالم
كيف اختلف معالجتك لعالم الريف في مجموعتك القصصية الأولى "حدث في بلاد التراب والطين" وروايتك "بيت الديب"؟
هناك الكثير من الاخلافات بين الكتابين؛ من حيث الشكل الفني، فالقصة فن دقيق جدًا لا يحتمل الفضفضة، القصة مثل القصيدة لا تحمل إلا الشديد الضروري، الرواية لديها الفرصة للسرد الهادئ.من جهة أخرى هناك فاصل زمني كبير بين عمري في الحالتين، أي مسافة في الوعي والإحساس.في بداية رحلة الكتابة يشعر الكاتب أنه يستطيع تغيير العالم، لهذا ركزت المجموعة على حالات الظلم، وخصوصًا الظلم الذي تتعرض له المرأة، هكذا سيطر حس الدفاع عن المظلومين على المجموعة القصصة، في "بيت الديب" صار الكاتب أكثر تواضعًا وأقل ثقة في قدرة الكتابة على التغيير السريع، وأصبح من الممكن رؤية الحياة في تشابكها، لهذا جاءت الصورة أكثر شمولية، وجاءت القرية أكثر ارتباطًا ببقية المجتمع، وأصبح الظلم في القرية مرتبطًا بظاهرة السلطة في شكلها العام.
صف لنا تجربتك مع الفنتازيا والميثولوجيا في رواية مدينة اللذة؟
أنا لا أتنازل عن الحس الفنتازي في أي من أعمالي، هناك دائمًا ذلك الملمح الذي يجعل الحياة أكثر خفة ويجعلنا أكثر احتمالاً لها، لكن خط الفنتازيا يضيق ويتسع مثلما تضيق وتتسع عروق المعادن في التكوينات الصخرية من مكان إلى مكان، لكن في مدينة اللذة بالتحديد العالم كله فانتازي، المدينة خيالية تمامًا، لكن يمكن ربطها بنظير واقعي.استعنت فيها بتراث الإنسانية الفانتازي، وهو بالمناسبة متشابه ومتقاطع في أحيان كثيرة، ومن يقرأ الملاحم مثل: البهابهارتا الهندية وملحمة غلغامش وأساطير الدانمارك والقصص الفرعونية يجد تشابهات كثيرة بينها وبينها وبين قصص الكتاب المقدس. عندما قرأ الناقد صبحي حديدي مدينة اللذة، اعتبرها صغيرة جدًا على موضوعها وشديدة الكثافة مثل قصيدة، وقال إنه لا يراها رواية بقدر ما يراها مانيفيستو لأعمالي التي ستأتي لاحقًا. وأظن أنه كان مصيبًا جدًا، فالخط الفانتازي العجائبي تواصل في "الحارس" وفي رواية الأجيال "بيت الديب" وكذلك في "غرفة ترى النيل" وفي قصص قصيرة.

متعة الكاتب
لماذا وصف بعض النقاد كتابك "الأيك في المباهج والأحزان" بأنه غير مسبوق في اللغة العربية؟
كان شيئًا مبهجًا لي في الحقيقة، وأعتقد أن ذلك الوصف جاء من طبيعة الأسلوب وجرأة الموضوع، من حيث الأسلوب يشمل الكتاب على الحكاية والتأمل الفكري والقراءة النقدية لأعمال أدبية وفنية، فيه الأدب والسياسة وعادات المجتمع، في خلطة كتابة لا يمكن وضعها داخل نوع نقدي أو سردي، يعتمد الانتقال من حكاية إلى اقتباس من كتاب إلى واقعة تاريخية على التداعي الحر.وكما تعلمين، يهتم الكتاب بالحواس، وفيه جرأة في التناول. عادة أكتب دون أن أكترث بأي شيء سوى متعتي الخاصة، ولهذا جاء الكتاب صادقًا، وحقق انتشارًا.صدرت الطبعة الأولى من الكتاب العام 2002 وإلى اليوم أرى كتابات جديدة عنه، وهذا يسعدني جدًا، فقد مر باختبار الزمن دون أن يتقادم.
يتنوع إنتاجك الأدبي بين الرواية والقصص القصيرة والنصوص، في أي قالب تجد ذاتك الأدبية بشكل أفضل؟
لم أفكر في هذا من قبل، ربما أشعر أنني على حريتي أكثر في الكتب المتمردة على القوالب الأدبية مثل الأيك، وكتاب الغواية وذهب وزجاج. مع ذلك لا أذهب إلى نوع معين بتصميم عقلي، بل الروح هي التي تختار.بعد أن ابتعدت عن القصة القصيرة وجدت قصص المجموعة "السماء على نحو وشيك" تداهمني، وجلست أكتبها بحب شديد، ثم عدت إلى الرواية في "يكفي أننا معًا".
كيف ترى واقع أدباء جيلك؟
الكتابة عمل فردي، لا أميل لمسألة التجييل التي برزت مع جيل الستينات المصري والعربي، كانت هناك أسباب، فذلك الجيل كان مولده الثقافي مرتبطًا بتحول 23 يوليو في مصر ثم هزيمة يونيو بعكس المخضرمين الذين بدأوا قبل هذا التحول من أمثال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وحتى يوسف إدريس. بعد الستينيات أصبح الحديث عن الجيل عادة أكثر منه حقيقة.
هل لديك أي أعمال جديدة؟
انتهيت من رواية جديدة منذ أشهر، وكان من الممكن أن تصدر في معرض الكتاب في مصر، لكنني لا أربط نفسي بمواسم نشر، حيث أكتب بسرعة وأناقش ببطء شديد، ولا أترك العمل من يدي إلا بعد أن تنتهي قدرتي على الدفع به إلى الأمام أكثر من ذلك.
آخر الأخبار