الجمعة 27 سبتمبر 2024
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

عمان وإيران والحوار الهادف

Time
السبت 27 مايو 2023
View
10
السياسة
د. أحمد بن سالم باتميرا

ترتبط سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية بعلاقات قديمة تاريخية، شكلت ردود فعل بين مد وجزر من البعض، لكنها ظلت علاقات طيبة وواقعية مبنية على فرضية الجغرافيا والتاريخ، وحسن الجوار، وعدم التدخل في شؤون الغير.
وكلا البلدين وقفا في الماضي والحاضر مع بعضهما بعضا، فالجيرة والخليج العربي ومضيق هرمز وحقل "هنغام" ركائز متينة لتلك الروابط المتبادلة التي استمرت على وفاق تام من دون انقطاع منذ بدء العلاقات الديبلوماسية 1971.
واليوم تتجد هذه العلاقات بزيارة السلطان هيثم بن طارق لإيران بدعوة من الرئيس الإيراني الدكتور إبراهيم رئيسي.
زيارة تحمل الكثير من الرسائل التي تمتن العلاقات التاريخية بين مسقط وطهران، فسلطنة عمان هي غصن الزيتون المتجدد وحمامة السلام، ولها إسهاماتها العديدة في رأب الصدع بالمنطقة، وتهدئة النزاعات، وحل المشكلات بين إيران ودول المنطقة والعالم.
وهذه سياسة عمانية خالصة لا تحيد عنها أبدا، فعمان يسوؤها ان ترى المنطقة في صراع مستمر او حرب ضروس، بل تسعى لتكريس المحبة والسلام والتسامح، والحوار بين الجميع فذلك هو الهدف للسياسة العمانية منذ الأزل.
يجري السلطان محادثات رسمية تشمل العلاقات الطيبة بين البلدين، والأوضاع الاقليمية والدولية، اذ لا يالو جهدا في السعي لاستتباب الأمن والاستقرار في المنطقة، وفي تقريب وجهات النظر، وحل الخلافات بين الأشقاء والأصدقاء، فبوادر الصلح التي أسهمت سلطنة عمان فيه بين المملكة العربية السعودية الشقيقة والجمهورية الإسلامية الايرانية من جهة، وتحسين العلاقات بين القاهرة وطهران من جهة أخرى وحل الخلافات بين مملكة البحرين وإيران، كلها ستكون محور القمة العمانية - الإيرانية بالاضافة الى المواضيع الثنائية ذات الاهتمام المشترك.
وخلال السنوات الماضية ظلت العلاقات العمانية -الإيرانية على تواصل في كل الاتجاهات ومفتوحة مع كل الأشقاء والأصدقاء، وكانت سلطنة عمان الوسيط الأكثر ثقة، لذا سعت نحو تقريب إيران من دول الخليج العربية أحيانا؛ وإطلاق الأسرى الغربيين، وحل الخلاف النووي، وتجنيب المنطقة خطر الحرب بين مجموعة الدول "5 +1"، وما يدور خلف الكواليس إكثر وأكثر للسياسة العمانية، فهي لا تعد ولاتحصى!
اليوم فان العلاقات التاريخية والمستقرة والثابتة على مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير، تزداد رسوخا لكون البلدين يعتمدان في علاقاتهما المصداقية والشفافية، الأمر الذي مكن سلطنة عمان من تأدية أدوار مهمة على المستويين، الإقليمي والدولي، وبعد ان عادت الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية، واعلان السعودية وايران تبادل السفراء من جديد، وامكانية تحسين واعادة العلاقات المصرية - الإيرانية قريبا، وفتح نافذة حوار تركية - سورية بعد الانتخابات التركية، وعودة العلاقات وحل المشكلات بينهما.
وبالتالي رؤية الشرق الأوسط مستقرا، وفي امن ورخاء يجعلنا نتفاءل بأننا نسير في الطريق الصحيح، مع تطبيع هذه العلاقات، وذوبان الجليد الذي استمر طويلا، وأثر كثيرا على التنمية والاستقرار في المنطقة.
لذا تأتي الزيارة السلطان لإيران في ظل نشاط عماني سياسي وحراك عربي تشهده المنطقة، وتقارب في وجهات النظر، لا سيما في إطار سياسة الأبواب المفتوحة التي انتهجتها المملكة العربية السعودية لتعزيز العلاقات مع جميع الدول دون ضرر ولا ضرار.
ولطالما كانت سلطنة عمان الجار المقرّب لإيران في كل المراحل عبر التاريخ، فهي قد أسهمت في تقريب وجهات النظر بين الدول الأخرى، ومن هذا المنطلق يتطلع العالم إلى أن تسفر هذه الزيارة عن الكثير من النتائج الثنائية والاقليمية والدولية.
فسلطنة عمان وايران تسعيان اليوم إلى فتح آفاق رحبة مع بقية دول الإقليم بحوار هادف، وإنهاء الملفات الشائكة، فالاجواء مهيئة لرسائل السلام، وأغصان الزيتون الممتدة، وخلق بيئة مواتية للحوار مع دول المنطقة دون استثناء، والتعويل كثيرا على سياسة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي في تجاوز كل الخلافات وتهيئة الأرضية الملائمة بدعم من سلطنة عمان، لعلاقات إيرانية -عربية نموذجية على الدوام.
وزيارة السلطان هيثم بن طارق إلى طهران لا شك ستعزّز الشراكة والتعاون بين عمان وإيران من جهة، وإيران والدول العربية والاسلامية الأخرى من جهة أخرى في القريب العاجل، وان غدا لناظريه لقريب، والله من وراء القصد!

كاتب ومحلل سياسي عماني

آخر الأخبار