الجمعة 04 أكتوبر 2024
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

عندما يسمع الحكام نقد الآخرين وليس مديحهم

Time
الأحد 25 يونيو 2023
View
6
السياسة
لا تتبدل مسارات الدول الا حين تكون لديها القدرة على التعلم من التجارب الناجحة، والاستماع الى ذوي البصيرة الذين يضعون الأصبع على الجرح، ومن هذه النقطة انطلق الملك سلمان بن عبدالعزيز في عملية الإصلاح التي مثلت انتفاضة كبيرة على ما كان يعيق تقدم المملكة.
فالملك يعمل بالمبدأ الذي كرره عام 2017، وهو "رحم الله من أهدى إلي عيوبي، إذا رأيتم أو رأى إخواني المواطنون وهم يسمعونني الآن أي شيء فيه مصلحة لدينكم قبل كل شيء ولبلادكم، بلاد الحرمين الشريفين، الذين نحن كلنا خدام لها، فأهلاً وسهلاً بكم، وأكرر أبوابنا مفتوحة وهواتفنا مفتوحة وآذاننا صاغية لكل مواطن".
منذ ذلك الوقت، والتوجيهات الحازمة التي أمر بها الملك، والإجراءات التي نفذها الأمير محمد بن سلمان سارت الدولة على السكة الصحيحة، وبدأت مكافحة الفساد الذي كاد يهددها لسنوات، وكانت حديث العالم أجمع لما تميزت به من مساواة الصغير والكبير، ونزع الوجاهة الاجتماعية عن بعض الأمراء.
كما أنني أذكر في هذا المجال أنني كنت في زيارة إلى دبي، والتقيت الشيخ محمد راشد، الذي كان يتحدث عما تحتاجه بلاده، وركز على الأخطاء الواجب تفاديها، فقد عرف عن هذا الرجل أنه يكره المديح، ويصغي لمن يبين مكامن الخلل في المؤسسات، كي يعمل على إصلاحها، لأن الهدف الأساسي هو التنمية والمنافسة على التقدم والتطور، عملا بقول نابليون بونابرت: "قلب رجل الدولة يجب أن يكون في رأسه"، لهذا تميزت الإمارة بخطوات تحتاج في دول أخرى إلى سنين ضوئية كي تصل إليها.
لا شك أن هذا ديدن الحكام الذين يسعون إلى بناء دولة قادرة، إذ لا تفسح مؤسساتها لأي فاسد أن يلوثها، ولهذا منذ سنوات لم نسمع عن أي تجاوزات في دول الخليج، لأن الأصل فيها السعي إلى تمكين الدولة والشعب من القدرة على التواصل مع الحكام عبر سياسة الأبواب المفتوحة، إذ عملا بقول كونفوشيوس: "لم يحدث قط أن وجد حاكم يحب الخير وتعجز رعيته عن حب الاستقامة. ولا حدث قط أن أحب شعب الاستقامة إلا وبدرت أمور الدولة بنجاح".
هذه الدول، وغيرها الكثير في العالم أسست لما يمكن اعتباره قوتها الصلبة من خلال النصح الذي تتلقاه من أصحاب الرأي المجردين عن منافع شخصية، لأن الخير يعم، والشر يخص، وبالتالي فإن تذمر العامة إذا لم يلق آذانا صاغية، تدرك أنين الناس، يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، ويساعد ذلك على ضعف الدولة.
إن الكويت التي بنت منظومة قانونية كانت في وقتها تعتبر حديثة سقطت في براثن الانتهازيين الذين أقروا جملة تشريعات تقوم على ظلم الناس، وإيذاء كل من يشير إلى فساد، أو سلوك مسؤول تثار عليه علامات استفهام، حتى أصبحنا كل يوم نستيقظ على فضيحة، وننام على أخرى في معظم الوزارات والمؤسسات، إن لم يكن كلها، ولهذا لم نعد نستغرب صرخات بعض المواطنين الذين قسا عليهم الزمن، وغدر بهم من بيده القدرة على الإمعان باستغلال نفوذه، ووظيفته.
لقد استطاعت دول الخليج الخروج من هذا المأزق بفتح الأبواب، وإيقاع أقصى العقوبات على المتجاوزين، ولهذا حين نتحدث عن التمثل بهذه الدول، أو بسويسرا أو النرويج، أو السويد، لأن هناك قناعة عامة لدى الكويتيين أن تلك الشعوب ليست أفضل منا، إنما هناك قدرة على التطور لدى المسؤولين فيها، لذا ما ينقص الكويت الرغبة التي إذا توفرت، وكان هناك من ينصح بأمانة، لا بد من أن تتغير الحال، وإلا سنبقى نسير نحو المنحدر.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار