بيروت ـ "السياسة":يبدو بوضوح أن كل المعالجات الآنية للأزمات المستفحلة في لبنان، لا تعدو كونها بمثابة إبر مورفين لا أكثر ولا أقل، بل إنها مواصلة وإصرار من العهد وعصابته على إحراق اللبنانيين في جهنم التي وعدهم بها منذ أشهر، بدليل أنه وبعد تعهد مصرف لبنان باستمرار دعم المحروقات، وإن ارتفع سعر صفيحة البنزين إلى حدود 130 ألف ليرة، إلا أن هذا الإجراء لم يخفف من زحمة طوابير السيارات أمام محطات الوقود، بانتظار اتخاذ الحلول الجذرية لهذه الأزمات، وفي مقدمها تشكيل حكومة جديدة، لا يظهر أن التوافق بشأنها أصبح مكتملاً.ووصفت أوساط سياسية عبر "السياسة"، ما جرى على هذا الصعيد، بأنه "ترقيع بترقيع"، داعية إلى "الإسراع بتأليف حكومة موثوقة وجديرة بثقة الداخل والخارج من أجل المباشرة باتخاذ خطوات عملية للإنقاذ قبل فوات الأوان، لأن الأمور ما عادت تتحمل المزيد من التعطيل وتضييع الوقت".إلى ذلك، وفيما أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إلى أن "الحكومة ستسعر الوقود بسعر ثمانية آلاف ليرة للدولار والفرق بين السعرين يُترجم إلى خسارة تتحملها الحكومة، وأن المصرف سيوفر الدولار لواردات الوقود بسعر السوق"، لفت الرئيس السابق لتجمع الشركات المستوردة للنفط، مارون شماس، إلى أن "المحطات التي لديها مخزون قديم ستبيع المحروقات على سعر 3900 ليرة"، موضحاً أن "التأخر في التسعير أدى للكثير من المشاكل".وأشار شماس، إلى أننا "كشركات سنستمر باستيراد المحروقات، ومبلغ الـ 225 مليون دولار نريد أن نعرف ماذا يتضمن، وربما لن يكفي لنهاية سبتمبر المقبل". وشدّد على أن "الطوابير ستبقى، ويجب إيجاد حل شامل ونهائي وليس جزئيا". وفي عظته، أمس، تحدث البطريرك بشارة الراعي، فقال: "إن المسؤولين لا يريدون حكومة ويتبادلون التهم ليلاً نهاراً".وأضاف مخاطبا المسؤولين: "أوقفوا التلاعب بمشاعر الشعب والعبث بالدولة واختلاق شروط جديدة كلما حُلّت شروط... لقد بات واضحاً أنكم جزء من الانقلاب على الشرعية والدولة، ولا تريدون حكومة مركزية". واعتبر أنّ "غاية المسؤولين من ترك الشعب في دولة قضاؤها تسيس هي دفع الأجيال اللبنانية الجديدة الى الهجرة وتفريغ المجتمع من طاقاته الحية".
ومن جهته، قال المطران إلياس عودة: "يجب أن يساعد شعبنا مسؤوليه على الاستيقاظ من وهم السلطة، لأن المسؤول الحقيقي ليس إلها يستعبد الشعب ويقاصصه ويجوعه ويميته بلا دواء أو غذاء". وأضاف: "الاجتماعات لا تهم اللبناني الذي يريد أن يطعم أولاده ويضيء لياليهم، والشعارات لم تعد ذات معنى فيما الدولة تذيق أبناءها العذاب والذل والموت، وسيتحول لبنان كله إلى رماد بعد بيروت وعكار، والزعماء ما زالوا يجتمعون ويصرحون... شعب لبنان ليس منذورا للموت أو للتصدير".وغرد رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، عبر"تويتر"، كاتباً: "وصلت الرسائل وهي واضحة".وتابع: "الغاز المصري عبر سورية والنفط الايراني عبر البحر او عبر ايران عفوًا سورية او روسيا لست ادري... لكن ما هو الثمن الذي يجب دفعه؟ ايا كان فان الامور تحتاج الى واقعية، والواقعية تحتاج الى حكومة فيها الحد الادنى من المصداقية... مصير الشعوب تقرره انابيب النفط". وأشار عضو تكتّل "الجمهوريّة القويّة" عماد واكيم، عبر "تويتر"، إلى أن "آخر إنجازات العهد، تخصيص 225 مليون دولار من اموال اللبنانيين ولمدة شهر، منهم 50 مليون دعماً للمواطنين، و175 مليون دعماً للمهربين والمحتكرين".وفي تداعيات المشهد اللبناني القاتم، أكدت السفارة البريطانية في بيروت لموقع "CNN"، "سحبها عدد من موظفيها، بسبب أزمة نقص المحروقات والسلع الأساسية في البلاد". وقالت: "السلع الأساسية (الوقود والأدوية والغذاء) أصبحت نادرة بشكل متزايد بسبب الأزمة الاقتصادية".وأضافت، "بسبب المشكلات المتعلقة بموثوقية إمدادات الوقود والتأثير على الخدمات الحيوية في لبنان، تم سحب بعض الموظفين والمعالين في السفارة البريطانية موقتًا".وتابعت السفارة، إن "لبنان يواجه تحديات اقتصادية ومالية وسياسية خطيرة"، مُضيفاً أنه "من المرجح بشدة أن يتكرر العنف بين قوات الأمن والمتظاهرين، بما في ذلك خلال فترة زمنية قصيرة، لا سيما في بؤر التوتر القائمة".