كويتيات عُمانية (الحلقة الرابعة)كتب - د.محسن بن حمود الكندي:تبوأت سلطنة عمان مكانة كبيرة في الصحافة الكويتية منذ بزوغ فجرها في عشرينات القرن الماضي وحتى اليوم، تجسد ذلك في نشر فيض كبيرمن أخبارها وحوارات أدبائها وأنشطة مثقفيها وسياسييها وجوانب من نهضتها وتراثها وفكرها في المجلات والصحف الصادرة أنذاك ولم يتوقف هذا التواصل الفكري والصحافي على مرحلة بعينها بل ظل ذلك ممتدا حتى اليوم.الاهتمام الكبير الذي نالتة عُمان في الصحافة الكويتية يبرز حرص واهتمام الكويت وشعبها بسلطنة العز حضارة وشعبا وتاريخا، هذه السلسلة من التواصل الفكري تستعيدها "السياسة" في حلقات بمناسبة ذكرى عيد السلطنة الـ51، وفيما يلي التفاصيل:
* معجم البابطين تضمن فصلاً للشعراء العرب المعاصرين يعد مدخلا لدراسة الشعر العُماني* المؤسسة جمعت عمالقة الشعر والأدب والثقافة تحت سقفٍ واحد في وقت كانت السياسة تفرقهم* شاركنا في دورات المؤسسة وكنا نطمح في تسمية إحداها باسم شاعر عُمان الكبير أبي مسلم البهلانيليس هذا المقالُ ترفاً ثقافيًّا ولا فخراً ذاتيًّا، ولا مزايدة على المتحقق والمنجز الفكري العُماني، وإنما فصلٌ من فصول تجربتي الثقافية وتبياناً للجهود المتواضعة التي قمتُ بها خدمة لبلدي "عُمان" والتعريف بها في الأوساط الثقافية العربية، فقد شَرفتُ بمعرفةِ مؤسسة البابطين للإبداع الشعري ذائعة الصيت قبل أكثر من ربع قرن، ثم شرّفت بالعمل مندوباً لها في السلطنة خلال الفترة من (1999الى 2004)،وقدّمت خلال هذه الفترة الذهبية من حياتي الثقافية جملة من الكتابات التي أحسبُها مبكرة، وقامت عليها دراساتٍ نقدية وتاريخية سعدتُ بها عندما وجدتها في قوائم المصادر والمراجع لجملةٍ من الأطاريح والرسائل الأكاديمية بل والكتابات الثقافية.ولا أدَّعي مطلقا أن الشعر العُماني غير معروف قبل ما قدَّمته في منشورات هذه المؤسسة بل أحسبُ أن هذه المؤسسة كانت عاملاً من عوامل نشره ضمن منظومة نظائره الآداب العربية الأخرى، وأحسب في نفسي أنها كانت الدافع المعنوي لي نحو كتابة عدد من دراساتي التأريخية والتحليلية والنقدية ومنها كتابي المرجعي" الشعر العُماني في القرن العشرين" وكتابي الأخير " والسطر الأول في النقد الأدبي العُماني الحديث " وبينهما كتب أخرى ليس آخرها الصحافة العُمانية المهاجرة. لا أنسى ذلك اللقاءَ الجميل الذي جمعني بأمين عام المؤسسة الأديب المثقف المسرحي المعروف الأستاذ عبدالعزيز السَريّع الذي زار السلطنة بمعية أستاذي الدكتور إبراهيم غلوم في أكتوبر عام 1990م، وكانت زيارتهما لما كان يسمّى بوزارة التراث القومي والثقافة ولقائهما الرسمي بصاحب السمو السيد فيصل بن عليـ رحمه الله ـ للتعريف بالمؤسسة وإيضاح رؤيتها وتقديم أفق تعاونٍ يخدمُ الثقافة والمثقفين العُمانيين.تم اختياري وتكليفي بالعمل مع المؤسسة والقيام بجمع نماذج الشعر العُماني ومحاولة خلق روابط بين المؤسسة والوسط الثقافي العُماني الذي كان يتشكل في ظل مؤسستين رسميتين معروفتين: النادي الثقافي، والمنتدى الأدبي وبينمهما جهود فردية وتجارب ذاتية ومجالس خاصة كان لها دوراً قبل ميلاد جمعية الأدباء والكتَّاب. كانت هناك ثمة عقبات كأداء واجهتني وأنا بصدد هذا العمل في هذه المؤسسة، فقد وُلِدتْ بُعَيد الحدث الفاجع السياسي الذي هزّ الكيان العربي والعالمي وقسَّم المثقفين العرب إلى شطرين متنافرين وهو احتلال العراق للكويت، ولهذا نجم عن هذا الحدث الفارق تأثيرٌ نفسيٌّ في نفوس النخب العربية قاطبة وبدا صداه في تباين المواقف بين المثقفين العُمانيين شأنهم شأن المثقفين العرب.كانت العقبة كأداء والإقناع صعب لتزمّت بعضهم وعدم تفهمه لدور المؤسسة الثقافي وبُعِدها عن الجانب السياسي، ومع تكرار المحاولة استطعت إقناع بعضهم وجذبهم إلى فضاءات هذه المؤسسة وأنشطتها بعدما اتضحت لهم الرؤية حول طبيعة أنشطتها الثقافية، فصارت مضرب المثل للحضور الثقافي العربي في ذلك الوقت المهم، فأمّ فعالياتها الشعراء والمثقفون والكتاب والصحافيون العرب الأكثر شهرة حتى أنه لم يبق اسماً عربيّا أو مهتماً بالشعر العربي إلا واستجاب لدعوات هذه المؤسسة والكتابة فيها وحضور فعالياتها،فغدا نشاطها وفعلها الثقافي محطَّ رحالهم، ومهوى أفئدتهم.لقد رأيت في محافل البابطين عمالقة الفكر وفخر الإبداع العربي والمشاهير في عالم الشعر والنقد والثقافة والصحافة وسائر أقطاب الكتابة شعراً ونثرا، حضرتُ أمسياتهم الفاخرة في أفخر القاعات العربية.شهدتُ صدوح الشعراء وجدليات النقاد وتعليقات النخب العربية وصراع الأفكار، شهدت القديم والحديث والوسيط والمثير، فكان التفريق بينها صعبا، شهدت عصر العمالقة إن صحّ التعبير: فدوى طوقان، ومحمود درويش، ونزار، والبياتي، وعبدالله البردوني والطيب صالح، ومحمد مفتاح الفيتوري، وأدنيس وإبراهيم العريّض، وأحمد السقاف،وشوقي بغدادي، وإبراهيم أبوسنه، وجابر عصفور، وصلاح فضل، وسليمان العيسى وناصر الدين الأسد، وعبدالسلام المَسَّدي والهادي الطرابلسي، وعزالدين إسماعيل، محمد زكي العشماوي، ومحمود علي مكي، والطاهر مكي، ومحمد عبد المنعم خفاجه، ويوسف خليف، ومحمد مصطفى هدارة،وعلي الباز، وأحمد مختار عمر، وأحمد عمر هاشم، ومحمد حسن عبدالله، وعبداللطيف عبدالحليم "أبوهمَّام"،وأحمد درويش، وعثمان بدري،وعزالدين ميهوبي، وعزالدين المدني، وكمال عمران، وحمادي صمّود، ومحمد لطفي اليوسفي وعبد القادر القط،وغيرهم، ومن الكويت عبدالرزاق البصير، وأحمد السَقاّف، ومحمد غانم الرميحي، وسليمان الشطي، وسليمان العسكري، وسالم خداده، وخليفة الوقيان، وعبدالعزيز السريّع وسلسلة كبيرة من علماء الأدب والشعراء والنقاد. اختصَّت مؤسسة البابطين بالشعر العربي وحده، وأخذت على عاتقها العناية بالشعر والانشغال به جمعاً وتصنيفاً وتحليل خطاب وسعت إلى وضعه في كفة واحدة مستفيدة من جميع تجاربه القديمة والحديثة، واتخذت من مدينة الكويت مقرَّا رئيسيا لها، وأوجدت لها فروعا ًومكاتب في العواصم العربية تقوم بأدوار مركزية تتصل باحتفائيات،وجوائز سنوية وتكريم أعلام الشعر العربي وتصدير خطابه إلى الافاق العالمية، وكانت دوراتها الأساسية تقام كل عامين في احدى العواصم الكبرى، أمّا أنشطتها فهي مستمرة وعهدي بها طيلة الأعوام دون انقطاع.رسمت المؤسسة لنفسها خطاً ثقافيًّا مفاده تلك الرؤية الحالمة التي نبعت من فكر مؤسسها الأستاذ الشاعر الأديب عبدالعزيز سعود البابطين الذي راهن على دور الشعر في حياة العرب، وبنى عزمه على الاهتمام به،وبيان دوره في حياة الأمة باعتباره من أهم الأجناس الأدبية العربية المجسدة لخطاب الحياة.و"البابطين" مؤسسةٌ لم تُعن بالشعر جمعاً وتدويناً وإصداراً فقط،بل سعت إلى أن يكون له كياناً مادياً فيما يُعرف بالحاضنة الثقافية، وقد تجلّت في مكتبة الشعر العربي،وهي مكتبة كبيرة المبنى كلُّ ذخائرها دواوين الشعراء العرب وكنوزهم، وهي اليوم قبلة الباحثين والنقاد والقراء، ولا يمكن لأي باحث في الشعر العربي تجاوزها ففيها من نوادر مخطوطات الشعر وقصائده ودراساته القديمة وأطروحاته الثمينة التي لم تطبع وتسعى المكتبة إلى طباعتها وإخراجها إلى النور بعدما طوتها السنون وطالتها عربات الزمان بالنسيان والهجران.شملت جهود مؤسسة البابطين الأقطار العربية كلّها ولم تحِدْ عُمان عن مثيلاتها العربيات من الحضور والتمثيل في أغلب فعاليات، فوفودها الثقافية جابت الآفاق مع مثيلاتها العربيات وكان ذلك بفعل حضور شعرائها ومثقفيها وكتابها.وقد شرفت بترشيح الكثير منهم باعتباري مندوباً للمؤسسة في السلطنة، فكانت قوائم المثقفين ترسل مني قبيل كلّ فعالية، فجبنا معهم أقطارا عدة.تميزت فعاليات البابطين بالحشد النخبوي الكبير من المثقفين والشعراء والصحافيين العرب الذين يفدون إليها من كلّ حدب وصوب في دعوات فخرية انتقائية، فطابع دورات البابطين اختيار عاصمة لتقيم فيها دوراتها، وفيها يُدعى مالا يقل عن مئة إلى ثلاثمائة شخصية، وعادة ما تحظى برعاية رسمية من قبل رؤساء الدول التي تقام فيها.كانت عُمان حاضرة في فعاليات مؤسسة البابطين عبر ما قدّمناه عنها وما قدّمه غيرنا، وكانت حصيلتنا الجهود الآتية: أولا: العمل مندوب للمؤسسة، والمندوب وظيفيّا بمثابة المسؤول الجغرافي عن عمل المؤسسة الثقافي والعلمي في القطر الذي يكون فيه، وتم تعييني مندوبا لمؤسسة البابطين للإبداع الشعري الكويتية في سلطنة عُمان خلال الفترة (1999 – 2004) بموجب رسالة أمين عام المؤسسة رقم 531 /، بتاريخ 30 / 3 / 1999،وكنت قبلها متعاوناً مع المؤسسة في الفترة 1991- 1998م، واقتصر دوري على أن أكون حلقة وصل تربط المؤسسة بالمثقفين العُمانيين والمشاركة في فعالياتها المقامة وإعداد الترتيبات الخاصة بدعوات الشعراء وترشيحهم للجوائز والندوات وسائر الفعاليات، وأكثر من ذلك الكتابة والتأليف وإبداء الرأي في كثير من القضايا العلمية ذات الاختصاص الأدبي عامة والشعري خاصة. ثانيا: المشاركة في لجان تحكيم جوائز المؤسسة:لجانُ التحكيم في المؤسسة البابطين عنصرٌ قيَميٌّ لا يناله إلا من أوتي خبرة ومكانة علمية، عادة تقدرها المؤسسة وفق ضوابطها المنصوصة في نظامها، ومما أتشرف به إلحاقي بلجان عضوية تحكيم جائزة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري (لجنة تحكيم أفضل ديوان الشعر) وذلك، بموجب رسائل أمين عام المؤسسة أنذاك بتاريخ 8 / 2 / 2010، وكانت حصيلتها تلك اللجنة التي شاركت فيها الأستاذين الكبيرين الناقدين عثمان بدري ووهب رومية عميد كلية الآداب بجامعة دمشق، وقد كانت لقاءاتنا بفندق "بلودان بدمشق" في صيف من عام 2010 مناسبة لإقرار الفائزين وإنهاء عملية الاختيار بمنهجية دقيقة وبرؤية علمية.، وكانت لجنتنا مختصة بتحكيم وترشيح عشرة دواوين من المتقدمين لنيل الجائزة في هذا الفرع وكتابة تقرير مفصّل عن كل ديوان، وعن حيثيات اختياره،وترشحه،وترتيب الفائزين العشرة حسب إبداعهم.ثالثا: المشاركة بالكتابة البحثية: وهي تجربة مبكرة كلفتُ فيها بكتابة مبحث مفصّل عن الشعر العربي المعاصر في سلطنة عُمان، وأوردت فصلاً في معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين وهو مدخل لدراسة الشعر العُماني يقدم رؤية شبه كاملة عن مراحله وقد أصدرته مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، الكويت في 2002.في هذه الدراسة تناولتُ مرجعيات الشعر ومراحله وأعصره وتجارب أعلامه وأغراضه وأنماطه، وانتهيت إلى رسم صورة كلية له في دراسة وصفية استفاد منها من عدد الباحثين وكانت رائدة في وقتها ومفيدة، وقامت عليها الكثير من الدراسات والرسائل الأكاديمية واعتبرتها مرجعاً من مراجعها. رابعاً: اعداد المختارات ومقدمات الشعر: وهي مهمة علمية في غاية الأهمية، فالانتقاء له من الصعوبة بمكان في ظل تجربة واسعة مترامية الأطراف، لأن على القائم بها أن يقرأ إنتاج مراحل شعرية وتجارب متفاوتة، من هنا كان سعي حثيثاً لاختيار الجياد الجواهر من القصائد ذات الشهرة وتحقق البنى الفنية والموضوعية.بلغ عدد الأعمال التي قمت بإعداد تراجم ومختارات شعرية لها ثلاثين شاعراً عمانيًّا وأصدرت فصلا مستقلا في كتاب " مختارات من الشعر العربي الحديث في الخليج والجزيرة العربية، ج5، ط1، إصدار مؤسسة البابطين، الكويت، 1996، ص 447 – 534،وقد اخترت فيها قصائد منتقاة لأبي الصوفي، ولابي وسيم الأزكوي، ولأبي سلام الكندي، ولأبي الفضل الحارثي وغيرهم.وفي مقامٍ آخر قمت أيضاً بإعداد تراجم ومختارات شعرية لخمسة وعشرين شاعراً عمانيّا صدرت فصلاً مستقلا في كتاب "مختارات من الشعر العربي في القرن العشرين، ط1، مؤسسة البابطين، ج3، الكويت، 2001، ص 5 – 109. وقد قدّمنا لهذه المختارات بدراسة تحليلية وصفيه للشعر العُماني في العصر الحديث تناولنا فيها قيمة الشعر العُماني ومكانته في خارطة الشعر العربي،وما تميز به من غزارة مادته، وامتداد حضوره في مساحة جغرافية من عُمان حتى زنجبار، إضافة إلى السمات الفنية لأغلب تجاربه وخروجها من طابع الصنعة والتكلف التي سادت الشعر العربي في العصرين العثماني والمملوكي، وعرّجنا على العوامل التي تضافرت على توجيه الحركة الشعرية العمانية والدفع بها إلى ميدان التطوير.كما تناولنا شقي الشعر العُماني التقليدي والمحدث، ففي الأول أشرنا إلى الأغراض التي بدت في هذا الشعر وهي أغراض ما انفك حضورها عن المتعارف عليه في أغراض الشعر العربي، وركزنا على أغراض العلاقات الإنسانية، والمواقف الفكرية،كالرثاء والغزل والإخوانيات، وشعر الوصف والشعر السياسي الوطني الاستنهاضي،والشعر القومي.وأشرنا إلى حضورها المكثف في تجارب أعلام الشعر كأبي مسلم البهلاني وابن شيخان السالمي المُحقق سعيد بن خلفان الخليلي وغيرهـم من الشعـراء الذيـن اختـرنا لهم،وانتهينا إلى تناول الشق المحدث عبر ما سُمّي بقصيدة التفعيلة،أو شعر قصيدة النثر وأشرنا كذلك إلى ظروف نشأتها ومرجعياتها وميلادها وتكوينها وانبثاقها في خارطة الشعر العُماني، والعوامل التي دفعت بالشعراء إلى التجديد من مثل الاتكاء على مرجعية حضارية خصبة قابلة للتوظيفات، والتناصات الشعرية ومن خلالها استنبطت سائر الرموز الدلالية التي قامت عليها بنية النصِّ الجديد، إضافة إلى ظهور الحركات السياسية التي غذّت النصَّ بملامح ثورية، وحرص فيها الشعراء على إيجاد لغة خطاب شعري يبتعد عن المباشرة، ويتوجه نحو الرمز والغموض والابهام.كما تناولنا عوامل كثيرة منها التأثير بما وجد في الثقافة العربية التي كانت المحفز لشعراء عُمان نحو التجديد كالمنابر الثقافية، ووسائل البث الثقافي،والجمعيات والكيانات الأدبية في الخليج وما كان يدعو فيها شعراؤها المجددون وما يقدمونه من اطروحات نحو تطوير بناء النص شعري.ولم ننس التأثر بالشعر العالمي والمذاهب الأدبية التي أذكتها ثورة الشعر العربي عند رموزه الكبرى كأدونيس والماغوط وغيرهما.وختمنا دراستنا بالقول: إن الشعر العُماني كسائر الشعر العربي تأثر بالنصّ التراثي في طابعه التقليدي، وبنصه الجديد في طابعه المتجدد، ولكنه حافظ على خصوصيته وهويته المنبثقة من بيئته وكيانه وثقافته وحضارته وطبيعة أعلامه. وقد كانت اختياراتنا في هذا العمل قائمة على أسس الشعر المتحقق المؤثر المعروف في المجتمع بقوة بنائه وجودة خطابه، وسمو معانيه وخاصة لدى الشعراء المعروفين، ولم نعمد إلى الخيار الكامل للقصائد لطول بعضها، بل لجأنا إلى مقاطع وأبيات مفردة تحقق شروط جودة الشعر عند هذا الشاعر أو ذاك؛ رغبة منَّا إلى تجسيد الأفضل المؤثر والأطراف والنادر والمتنوع الذي يمكن أن يُقال له شعر، فاخترنا جانباً من قصيدة " الفتح والرضوان في السيف والايمان لأبي مسلم البهلاني، ورائية ابن شيخان في مدح الشيخ اطفيش، وقصيدة لساني مملوء من القول جوهرا لأبي وسيم، وقصيدة " هو المجد لنور الدين السالمي وغيرها من القصائد.هذه المختارات أوجدت قيمة أدبية، فقد عرَّفت بالشعر العُماني ربما المغمور وقتها، وقامت عليها دراسات نقدية عربية أكاديمية وثقافية ورسمت خريطة واضحة لشعر عربي عريق لا يختلف عن نظيره في الأقطار الأخرى بل يتعالق معه قلباً وقالباً مع المحافظة على السمات الخاصة، وأحسب هذه المختارات أول قائمة شعرية يقدّم فيها شعراء عُمانيون على الصعيد العربي ضمن مدونة صادرة من مؤسسة متخصصة. خامساً حضور فعاليات المؤسسة:وفي مجال حضور ندوات المؤسسة، فقد شاركت عُمان في أغلب الندوات بالحضور وبخاصة الندوات والفعاليات المصاحبة كزيارة المعالم وتوزيع الجوائز المخصصة كجائزة الإبداع في مجال الشعر، ونقده، وجائزة التفوق الشعري، وجائزة أحسن قصيدة التي نالها أحسن الشاعر المبدع سيف الرمضاني 1995في العام، كما تجلى حضور عُمان في دورات عدة بينها: القاهرة 1990 والقاهرة 1991والقاهرة 1992 دورة محمود سامي البارودي والمغرب 1994 دورة أبو القاسم الشابي وملتقى محمد بن لعبون بالكويت 1997 وبيروت.ورغم حضور الوفود العمانية وعدم تخلفها كنا نطمح الى المشاركة بأوراق نقدية، أو حتى إدارة الندوات إلا أن عدم استجابة مطالبنا حال دون ذلك.ورغم حضور عُمان في دوريات المؤسسة وأنشطتها إلا أن جهدنا ظل قاصراً عن الإيفاء بحق ما كنت أرنو إليه وتقديمه تجاه بلدي،و بما أراه حقاً لها ومنسجماً مع تراثها الشعري وقيمتها الحضارية الراسخة،وذلك للأسباب عدة تتعلق بمبادئ رسمها صاحب المؤسسة.ولم تحظ اقتراحاتنا بتخصيص دورة لشاعرنا العُماني أبو مسلم البهلاني بالقبول وتحققت مناداتنا باسم عبدالله الخليلي متأخراً، فقد اقترحت على المؤسسة إقامة ندوة عن أي من الشاعرين في مسقط أو زنجبار، ولم يلق اقتراحي موافقة ولا رداً.وظلت المؤسسة مشعلَ ثقافةٍ ينتظره المثقفون ويسألون عنه بشغف ويرسلون إلينا باقتراحاتهم فما أن يهلَّ شهر أكتوبر من كلِّ عام تردُ إلينا خطابات الدعوة وترتيبات الأسفار مع ما يصحبها من حملٍ لإصدارات كثيرة كنتُ أتمنى أن تكون أسفارها لشاعر من بلدي عُمان بمثل ما كنت أتمنى أن تقام إحدى دوراتها عن قطب شعري من أقطابها والأمل معقود على برنامج المؤسسة القادم.أكاديمي وكاتب عماني

معجم البابطين

الشاعر العماني سيف الرمضاني