غزوات الرسول (10)إعداد – إيمان مهران:بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة واستحالة الحياة بمكة المكرمة بسبب إيذاء قريش المستمر للمسلمين ، وبعد الاستقرار النفسي الذي حققه المسلمون، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بضرورة التعرف على المدن والقبائل المجاورة وكذلك الطرق التي تؤدي إلى قريش وغيرها من المدن المحيطة ، من أجل إرساء مفهوم الدين الإسلامي ونشرة لدى تلك القبائل المجاورة ، فكانت هذه هي الرسالة والعقيدة التي أمر الله بها رسوله الكريم.

منذ هزيمة قريش في بدر، وهم يحاولون شن الكثير من الحروب على المسلمين في موقعهم بالمدينة المنورة، لاستعادة الهيبة والمكانة في شبه الجزيرة العربية، بالإضافة إلى استعادة طريق التجارة إلى الشام الذي قطعه المسلمون عليهم، لكن في7 من شوال بالعام الثالث من الهجرة ، أراد المسلمون ملاقاة أعداء الله خارج المدينة ليتمكنوا منهم، وأثناء المعركة استبشر المسلمون بالانتصار على قريش، لكن هناك من خالف أوامر الرسول (ص) وانقلب النصر إلى هزيمة ساحقة، واستشهاد نحو 70 من الصحابة ، فكان الانسحاب هو الحل الوحيد... وهكذا كانت غزوة أحد.بدأت الغزوة عندما عقد رسول الله (ص) مجلسًا لمشاورة المسلمين والصحابة في أمر هجوم قريش وحلفائهم على المدينة، فأشار عليه بعض الصحابة إلى ضرورة الخروج، وقتال المشركين خارج المدينة، وكان هذا الرأي لغالبية الصحابة، أما الرأي الآخر فكان الاستعداد لهم داخل الديار والتحصن والقتال. وكان النبي (ص) يميل إلى هذا الرأي، لكنه أخذ برأي الغالبية حتى لو كان مخالفًا لرأيه؛ أملا في النصر على أعداء الله قبل دخولهم المدينة. على الجانب الآخر اتخذت قريش قرارًا بغزو المدينة لعدة أهداف منها النفسي ومنها التجاري، أما عن السبب التجاري فهو تأمين طريق التجارة إلى الشام، والذي قطعة المسلمون عليهم بالغزوات والانتصارات المتلاحقة، وعن السبب النفسي، فبعد أن هدم المسلمون كبرياءهم وشأنهم في أعين القبائل الآخرى، أرادت قريش استعادة تلك المكانة التي كانت عليها واستئصال المسلمين قبل تعاظم قوتهم.حرض أهالي قتلى قريش في الغزوات التي شنها الرسول (ص) أبو سفيان بن حرب على مهاجمة المسلمين في عقر دارهم بالمدينة المنورة، للثأر منهم لموتاهم ولكرامتهم، فوافق على طلبهم وبدأت قريش الاستعداد للحرب، وبلغ عددهم 3 آلاف مقاتل، وحمل الراية طلحة بن ابي طلحة العبدري فكان أقوى وأعظم فرسان قريش وكانوا يلقبونه بـ"كبش الكتيبة".وخرج ألف مقاتل من المسلمين إلى جبل أحد، ولما وصل الرسول قائدًا لجيش المسلمين أخذ ينظم الصفوف فجعل ظهر الجيش لجبل أحد، وكلف فريقا من الرماة الماهرين وكان عددهم 50 منهم وعلى رأسهم عبد الله بن جبير بحماية ظهر الجيش وأمرهم وأكد عليهم على ألا يتركوا مواقعهم مهما كانت النتيجة.وعندما اقترب الجيشان من ساحة المعركة ، كان لواء قريش بيد طلحة بن أبي طلحة العبدري، فشاهده من جيش المسلمين الزبير بن العوام بسرعة البرق وهاجمه، وقتلة في الحال، وحمل اللواء من بعدة شقيقة عثمان فقتلة حمزة بن عبدالمطلب وتسارع أشقاؤه واحدًا تلو الآخر على حمل اللواء لكنهم قتلوا جميعا على أيدي المسلمين، وسقط لواء الكفار ولم يرفع بعد، واستبشر المسلمون بالنصر والفتح القريب لمكة، وارتفعت معنويات المسلمين، وخارت عزائم الكفار حتى هرولوا من ساحة الحرب عندما أيقنوا بالهزيمة الساحقة.انسحب جيش الكفار قاصدا مكة، وعندما أيقن المسلمون النصر، اعتقد الرماة أن الحرب قد انتهت وتركوا مواقعهم؛ ظنا منهم بعدم عودة المشركين وانسحابهم، وكان ذلك مخالفة لأوامر رسول الله (ص) وقائدهم، بعدم ترك أماكنهم مهما كلفهم الأمر، وانكشف ظهر جيش المسلمين واضطربت صفوفهم، فباغتهم الكفار بقيادة خالد ابن الوليد الذي لم يكن قد أسلم بعد، عندما أيقن بترك المسلمين أماكن الرماة وتخلفهم عن أماكنهم، في هذه اللحظة أمر جيشه بالعودة مرة أخرى إلى صفوف القتال وغزو المسلمين الذين ظنوا بفرار الكفار من مواقعهم، فما كان إلا الهجوم على المسلمين مرة أخرى وقتالهم حتى استشهد من الصحابة 70 شهيدًا في معركة أحد، واستشهد عم الرسول حمزة بن عبد المطلب، ومعه مصعب بن عمير، وسعد بن الربيع، وعبد الله بن حرام، وعبد الله بن جحش، وأنس بن النضير وغيرهم من الصحابة الذين حزن عليهم رسول الله كثيرًا. وأشيع أن الرسول قتل على يد كفار قريش؛ إلا أنه كان قد أصيب وتم نقله إلى المدينة بعدها، بعد أن مني المسلمون بالهزيمة بسبب دهاء خالد ابن الوليد، ومن قبله مخالفة جيش المسلمين لأوامر الرسول".