الخميس 26 يونيو 2025
43°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

غزوة بني لحيان... الثأر والقصاص للشهداء

Time
الخميس 14 مايو 2020
View
420
السياسة
غزوات الرسول

إعداد –شروق مدحت:

بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة واستحالة الحياة بمكة المكرمة بسبب إيذاء قريش المستمر للمسلمين ، وبعد الاستقرار النفسي الذي حققه المسلمون، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بضرورة التعرف على المدن والقبائل المجاورة وكذلك الطرق التي تؤدي إلى قريش وغيرها من المدن المحيطة ، من أجل إرساء مفهوم الدين الإسلامي ونشرة لدى تلك القبائل المجاورة ، فكانت هذه هي الرسالة والعقيدة التي أمر الله بها رسوله الكريم.

أثبتت معركة الخندق قوة المسلمين أمام كفار قريش، وذلك بعد هزيمة الأحزاب وتراجع القبائل العربية، ومن هنا تغيرت موازين القوى السياسية لصالح الجيش الإسلامي، حيث أصبح باستطاعة المسلمين الهجوم على أعدائهم في الأماكن التي يقطنون بها، ولهذا أراد الرسول ( صلى الله عليه وسلم) نشر الدين الإسلامي، وبسط نفوذ الدولة الإسلامية في شمال الجزيرة العربية.
وقعت غزوة بني لحيان في ربيع الأول للسنة السادسة من الهجرة، وتحديداً بعد مرور ستة أشهر من غزوة بني قريظة، ووقعت في مكان يسمى "بطن غران"، وهو يعد موضعا لبني لحيان، يقع على بعد 200 ميل من المدينة المنورة وبالقرب من مكة المكرمة.
قرر الرسول ( صلى الله عليه وسلم) التوجه إلى "بني لحيان" الذين ينتمون إلى قبائل هذيل العدنانية التي هاجرت من مكة واستقرت في شمال الجزيرة العربية، بعد غدرهم بعشرة من أصحاب رسول الله، وتحديدًا في منطقة ماء الرجيع، حيث كان الصحابة في مهمة استطلاعية بتكليف من النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم) وعلى رأسهم عاصم بن ثابت وخالد بن البكير وغيرهم، ولكن تم قتلهم بعد أن منحوهم الوعد بالأمان، حيث أحاطوا بهم من جميع الجهات وطالبوهم بالاستسلام، وعندما رفضوا تبادلوا المعارك القتالية حتى قتلوا، أما وخُبيب بن عدي وزيد بن الدثنة وعبد الله بن طارق ، فقد استجابوا لقول قبيلة بني لحيان واستسلموا بالفعل آملين بوفاء القوم بعهودهم لكنهم خانوا عهودهم وباعوا زيدًا وخُبيبًا لقريشٍ، الذين قتلوهم انتقامًا لقتلى بدرٍ من المشركين، وتم قتل عبد الله بن طارق في الطريق بعد أن حاول الفرار منهم.
تمثل السبب الرئيسي في قيام غزوة بني لحيان في القصاص لشهداء ماء الرجيع، وإثبات قوة المسلمين العسكرية أمام اليهود والمنافقين وقبائل شبه الجزيرة العربية، وحتى يتم بث الخوف والرعب في قلوب من تسول له نفسه الاعتداء على المسلمين. خرج الرسول ( صلى الله عليه وسلم) بمشاركة 200 مقاتل، وعشرين فرسًا تاركًا ابن أم مكتوم (رضي الله عنه) في المدينة المنورة، واستعمل النبي ( صلى الله عليه وسلم) في غزوة "بني لحيان" مبدأ التضليل وذلك حتى يتم إبعاد العيون التي تترقب المسلمين وتعمل على نقل أخبارهم للمشركين، حيث أظهر ( صلى الله عليه وسلم) أنه يريد الذهاب للاقتتال في الشمال وتحديدًا ببلاد الشام، بينما تسكن قبيلة بني لحيان في الجنوب.
ومن هذا المنطلق توجه الرسول ( صلى الله عليه وسلم) بجيشه في الشمال حتى وصلوا إلى منطقة تسمى "البتراء"، ثم غير النبي ( صلى الله عليه وسلم) اتجاهه نحو الجنوب لمواجهة بني لحيان، وعند وصول الجيش الإسلامي إلى المكان الذي يقطن به بني لحيان ويسمى "بطن غران"، وهو واد يقع بين أمج وعسفان، الذي يعد المكان الشاهد على الغدر بالصحابة العشرة، حيث قتلوا في ذلك المكان، وهنا أقام الرسول ( صلى الله عليه وسلم) مع الجيش الإسلامي لمدة يومين للدعاء للشهداء الذين تم الغدر بهم.
بمجرد وصول الأنباء لقبيلة بني لحيان عن خروج الرسول ( صلى الله عليه وسلم) مع جيشه لمقاتلتهم هربوا جميعًا وتحصنوا في رؤوس الجبال، ومن جانبهم توجه الرسول مع جيش المسلمين والصحابة للإقامة في بيوت بني لحيان بعد أن تركوها خاوية، وبعث الرسول ( صلى الله عليه وسلم) لتراقب أفراد بني لحيان لمدة يومين، ولكن لم يتواجد أي أثر لأي منهم، نتيجة هروبهم واختبائهم في أعالي الجبال، وذلك حتى يزداد الخوف والرعب في قلوبهم من المسلمين، وأيضًا حتى يتم تناقل الخبر بين الأعراب وتتضح لديهم قوة المسلمين العسكرية، وفي الوقت نفسه قام الرسول ( صلى الله عليه وسلم) بإرسال أبي بكر الصديق مع عشرة من الفرسان متوجهًا نحو مكة، وذلك كنوع من بث الخوف والرعب في قلوب قريش، وعندما وصل أبو بكر الصديق إلى وادٍ قريب من مكة يسمى "كراع الغميم"، أشيع أن النبي ( صلى الله عليه وسلم) يريد غزو مكة والقضاء على قريش، وبعد أربع عشرة ليلة عاد الرسول ( صلى الله عليه وسلم) بالجيش الإسلامي إلى المدينة المنورة مرددين دعاء السفر:"آيبون تائبون لربنا حامدون".
ومن أبرز الدروس المستفادة من غزوة بني لحيان هو الإصرار على الثأر للصحابة، كما أظهرت وفاء الرسول ( صلى الله عليه وسلم)، وحرصه على أخذ حق أصحابه بعد مرور عامين على غدر الرجيع، كما كشفت الصبر والمشقة التي تحملها الجيش الإسلامي أثناء السير لمواجهة بني لحيان حيث تحملوا الكثير من المشقة والعناء في تلك الغزوة.
آخر الأخبار