السبت 12 يوليو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

فؤاد سزكين من عظماء الإسلام

Time
الأربعاء 27 يناير 2021
View
5
السياسة
محمد الفوزان

"كم من رجل يعد بألف رجل... وكم من ألف يمرون بلا عداد"
"واقعنا اليوم إن أردت وحاولت أن تجعل المسلمين يفهمون عظمة حضارتهم الإسلامية والعربية أصعب من أن تجعل الغرب يفهمها"، هذا ما خلص إليه فؤاد سزكين أحد أبرز من تقصوا الحضارة الغربية والإسلامية في المكتبات الغربية، والذي وجد خلال رحلة بحثه الكثير من الكنوز الإسلامية التي تمت ترجمتها إلى اللغات الأوروبية من دون ذكر أصلها، فأعاد لها الاعتبار وردّها الى أصلها الإسلامي العربي، فأحيا تراث أمّة لم تهتم هي نفسها بإحيائه، وشهد بإنجازاته الغرب قبل الشرق، ومُنح وساماً ألمانياًّ رفيعاً.
وُلد فؤاد سزكين سنة 1924، كان مرتبطاً بالتراث والثقافة الإسلامية، فدرس في قسم الدراسات الشرقية، وتعلّم العربية في ستة أشهر، وفي سنة 1951حصل على درجة الدكتوراه، وكان موضوعها عن صحيح البخاري.
اشتغل سزكين بالتدريس في جامعة اسطنبول، إلى أن حصل انقلاب عسكري على الرئيس عدنان مندريس، ولأن الانقلابيين لم تعجبهم أفكار فؤاد، قرروا إقالته من منصبه.
عندها اضطر إلى مغادرة وطنه الى ألمانيا وتحديداً نحو جامعة"غوته" بفرانكفورت، وسرعان ما حصل منها على درجة الأستاذية عن أبحاثه الرائدة التي أرّخ فيها لتطور العلوم الطبيعية في الحضارة العربية والإسلامية.
عمل سزكين على إعادة الاعتبار للثقافة العربية والإسلامية، وبرفقة فريق من العرب والأتراك والألمان بدأوا بمراجعة الكتب الألمانية، وتمكن هو وفريقه من الوصول إلى آلاف الكتب وفحصها، وتبين لهم أن الكثير منها منقولة ومترجمة عن الكتب العربية.
كان أهم ما اكتشفه سزكين إثباته أن خرائط العالم والخرائط الجزئية الأوروبية، حتى بداية القرن الثامن عشر الميلادي، ترجع إلى أصول عربية وإسلامية، حيث إن الجغرافيين المسلمين والعرب كانوا قد جالوا في أرجاء أفريقيا وأوروبا وآسيا ورسموا خرائط ذات دقة عالية لتلك المناطق.
نشر سزكين موسوعته"تاريخ التراث العربي" في 12 مجلّدا، شملت كثيراً من الاختراعات والاكتشافات والإبداعات التي أنتجها العلماء المسلمون ونقلها عنهم الأوروبيون في التاريخ، والفقه، وعلم الكلام، والفلك، والطب، والفيزياء وغيرها الكثير.
منح فؤاد سزكين من رئيس ألمانيا وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، وحصل على جائزة الملك فيصل للعلوم الاسلامية، وترشح لجائزة نوبل للأدب، لكنه لم يحصل عليها.
أمضى ما تبقى من حياته في مكتبات اسطنبول، وكان منهمكاً بالقراءة وجمع الكتب، خصوصاً أن ألمانيا صادرت مكتبته الضخمة، والتي تحتوي جمعاً هائلاً من الوثائق والمخطوطات بكثير من اللغات، لأنهم اعتبروها من التراث الألماني القومي.
توفي فؤاد سزكين عام 2018، وقد نعاه الرئيس التركي أردوغان في تغريدة له على "تويتر" أكّد فيها أن الراحل كان عالماً كبيراً، واستطاع إحياء الحضارة الإسلامية مجدّداً من خلال الأبحاث والدراسات التي أجراها في مجال تاريخ العلوم الإسلامية.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

إمام وخطيب
[email protected]
آخر الأخبار