فارس الإساءة

طلال السعيد

الفروسية شيء، وقلة الأدب شيء آخر مختلف، وقد تكون قلة الأدب هي نقيض الفروسية، إذ لا يجتمع خلق الفارس والتطاول، فالفارس هو الذي يعرف كيف يتكلم، وأين يقف وما الحدود المسموح بها التي يجب ألا يتجاوزها.
باختصار شديد، الفروسية، هي نبل الاخلاق وشجاعة من دون تهور ورقي في التعامل حتى مع العدو وهذا ما فطر عليه العرب منذ الجاهلية حتى بعث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الاخلاق.
وفي وقتنا الحاضر بعض الدول تعطي الفائقين والمميزين وكبار الضيوف وسام الاستحقاق من درجة فارس كذلك درجت العرب على تسمية ابنائها باسم الفارس ومشتقاته مثل فراس وفرّاس وابوفراس وفرناس تيمنا بمعنى الاسم المشتق من الفروسية وكذلك الأسد كان يكنى بأبي فرّاس، لكن المؤسف أن الدهماء والغوغائيين اصبحوا هم من يطلق الالقاب على من يستحق ولا يستحق وعادة ما يصحب إطلاق اللقب تصفيق وهتاف يفقد المتكلم توازنه وينسيه نفسه، فيتطاول ويتجاوز حدود المسموح ثم يندم إذا وقع تحت طائلة القانون حينها لا ينفعه الندم.
نقول هذا الكلام ونحن لا نقصد واحدا بذاته ولكننا نسأل: هل من اخلاق الفروسية ان يقابل الاحسان باساءة، يصفق لها الحضور؟! فأما أن يكون الحضور لا يفهم ما يقول المتكلم أو أن المتكلم استغل جهل الحضور فجعل منهم مطية يمتطيها للتطاول على الرموز الذين هم تاج على رؤوسنا رضي من رضا وأبى من أبى، فتلك القلوب الرحيمة والنفوس الأبية المتصالحة مع أنفسها لا تحمل ضغينة لأحد ولا تعرف معنى الحقد والحسد، ملوك منذ ولادتهم.
أصحاب تلك القلوب والنفوس واثقون في أنفسهم يتسامحون ويتجاوزون ولا يبالون إلى الخلف، فهل يستحق هؤلاء بعد أن عفوا وتساموا عن الصغائر وترفعوا عن القيل والقال خوفا من الله عز وجل ورأفة بشعبهم وفارسهم الدهماء يقابل الاحسان بالفحش وبالاساءة؟ هل يعرف جمهور المصفقين لماذا هم يصفقون؟
كنا نعول على الوعي الشعبي ونراهن على أن هناك صحوة شعبية بعد كل ما حصل في السنوات الماضية وبخاصة بعد أن عرف الجميع، ماذا يريد بنا كل من عاث في بلدنا فسادا حين كادت الكويت تضيع، واذا بنا ـ مع الاسف الشديد ـ نعود للمربع الاول مع عودة الذين صدرت ضدهم احكام وهربوا من تنفيذها ليعودوا من جديد ليطرحوا البضاعة نفسها التي ادخلت الابرياء السجون وجعلت منهم اصحاب سوابق... زين

[email protected]