فاسد ويتكلم!
لوحظ في السنوات الأخيرة أن معظم المسؤولين السابقين من وزراء وقياديين قد أخذوا من اللقاءات بأنواعها المختلفة، وسيلة لبث سمومهم للجمهور، واتهام المسؤولين الذين أتوا بعدهم بالفساد.
ولو حصرنا هذه اللقاءات لوجدناها لقياديين ذات تسلسل منتظم للجهة، أي أن المسؤول التالي يتهم من كان قبله بالفساد، ومن أتى بعده بتدمير ما بناه، وبالتالي أصبحت لدينا سلسلة متتابعة من قياديين سعوا في الأرض فسادا!
للأسف، إن هؤلاء جعلوا من منتسبي المؤسسة محتوى للعامة، وأصبح الجميع يردد كلماتهم، ويتهم الموظفين بالفساد، ولا يلامون لأنهم استشهدوا بالمثل القائل: "وشهد شاهد من أهلها"، وتمسكوا بما تفوه به أشخاص أساء المعنيون اختيارهم، وأصبحوا قياديين سابقين.
إن من يتصنع الإصلاح هو نفسه من عيّن إشرافيين "من جماعته"، وهو من جامل نائب بمدير مكتب، ووكيل مساعد، وهو من استعان بأبناء عمومته، وهو من جال العالم على درجة رجال الأعمال مع فريقه الخاص على حساب المشاريع، وهو من استعان بمن لا خبرة له!
إن من يتصنع الإصلاح هو نفسه من كان يعطي أوامر، ويمنع ان تُذكر باسمه، هو نفسه تدرج بالوظيفة الاشرافية فالقيادية، فأصدر تعليمات وأدرج خططا غير مدروسة، أو ربما تكون مدروسة للمنفعة الخاصة.
وبعدما أحيل الى التقاعد دفع ثمن هذه التخبطات من جاء بعده، ولا نعلم جاء من جاء هل سيكمل الهدم أم يعيد البناء، أما معالي الوزراء فحدّث ولا حرج، إلا من رحم ربي؟
كل هذه تعتبر صورا متنوعة للفساد، لان الفساد لا يقتصر على الاستيلاء على المال العام فقط، بل يشمل على سوء استخدام السلطة، واستخدام النفوذ الذي منح لك عبر مركزك كقيادي لتحقيق مصالح شخصية.
كفاكم اتهامات فلقد هرمنا، أنتم من جعلتم بيئة العمل طاردة، وأنتم من قتلتم الكفاءات، وأنتم من سلبتم الحقوق، وأنتم من جعلتم من الموظفين البسطاء كبش فداء لصفقاتكم المشبوهة.
كفاكم اتهامات، فلقد أصبحنا نخجل، ونخشى الإفصاح عن جهة عملنا، وكأننا نحن المسؤولون عن اتخاذ القرارات.
كفاكم اتهامات فأنتم من ينطبق عليكم المثل القائل: "كل إناء بما فيه ينضح"!
لذلك، اطلب من الجهات المعنية في الدولة استدعاء أي قيادي سابق صرح بوجود فساد، وتستر عليه، لأنه يعتبر مشاركا في الجريمة، فلا تهاون بكل ما يتعلق بالفساد والاستيلاء على المال العام.
ومن لم يقدم الدليل يجب أن يتعرض المساءلة بالبلاغ الكاذب، لأن سمعة الناس ليست بالأمر الهين "ولو كل من جى ونجر ما بقى بالوادي شجر".
كاتبة كويتية
م.أفراح جاسم السعيدي