الأربعاء 30 أبريل 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
المحلية

فنانون: الغزو أضفى على الكويتيين روحاً من الخصوصية والتفرد

Time
الاثنين 01 أغسطس 2022
View
5
السياسة
ملحمة الصمود الخالدة



كتب - جمال بخيت:

رغم اختلاف طرق التعبير وأساليبه، خصوصا في أوقات الأزمات الصعبة والذكريات المؤلمة، يبقى للفنانين طريقتهم وأسلوبهم الخاص في التعبير رسما وادبا ونحتا، فذكرى الغزو العراقي الغاشم للكويت وما مثله من صدمات ومآسٍ في الجانب السلبي ولحمة وطنية والتفاف حول القيادة، يمكن للفنان اختزاله بلوحة تجمع المتناقضات أو أبيات شعر تجسد المشهد.
ومنذ اللحظات الأولى للاحتلال العراقي، التحم الشعب بمختلف طوائفه وشرائحه وطبقاته والقيادة صفا واحدا لاسترجاع الحقوق، وصنعوا ملحمة وطنية بالوفاء والتضحية والتكافل، وتابعوها بعد هذا الانجاز العظيم بالتحرير وعودة الشرعية بمواصلة العمل الانساني والخيري ليتحول دون سابق نية الى إحدى أدوات قوة الكويت الناعمة.
وعبر مجموعة من الفنانيين التقتهم "السياسة" عن اختلاجاتهم ومشاعرهم بهذه الذكرى، معتبرين أن أحد أهم دور تلعبه " الثقافة " عموما - في العصر الحديث - تأطير السمات الخاصة للشعوب واضفاء روح الخصوصية والتفرد والتأكيد على جذورها التاريخية و الوجودية.
بداية، قالت الفنانة التشكيلية الدكتورة جميلة جوهر، ان تفاعل الفنان التشكيلي كأحد افراد المجتمع مختلف، فالتعبير عن مشاعره وأحاسيسه نحو قضايا مجتمعه يلخصه في لوحاته واعماله التشكيلية، ولا يستطيع ان يكون معزولا او جامد المشاعر تجاه قضايا وطنه.
وأضافت ان "مشاهدتنا كفنانيين لسرقة وطننا بلمح البصر في واقعة هي الأسوأ لنا ككويتيين على مر التاريخ، توقفت خلالها حياتنا في ذلك اليوم المشؤوم اذ نهضنا من النوم على نهب وسلب وضياع وطن، جعلت للفنان الذي عايش هذه الحقبة في تاريخ وطنه ان يعبر عن مكنوناته بكل الطرق.
واوضحت انه من خلال تجربتها وبعد التحرير تمكنت من اسقاط كل هذه المكنونات في نتاج لوحات عبرت عن المأساة التي عشناها، "واود هنا ان استذكر ان التأثير الكبير كان بالنسبة لموضوع الشهداء وكيف رووا بدمائهم الطاهرة ارض الكويت وضحوا في سبيل الوطن. وتابعت "استطعت ان استند على مشاهداتي وقدمت صياغات متنوعة كمشاركة لذكرى ابناء وطني العظماء، إذ رسمت الأثر الضائع ووطن النهار تخليدا لهم ولأرواحهم، وستظل ذكراهم على مر التاريخ ووسنظل نحكي بطولاتهم لأجيالنا التي لم تعاصر هذه المأساة.

الرميضي
من جانبه، قال الأديب والكاتب طلال الرميضي ان الغزو ذكرى أليمة وعلامة فارقة في تاريخ الكويت حيث كانت شاهدا للعالم كيف تلاحم الكويتيون مع قيادتهم وضربوا مثالا على العطاء والايثار.
واضاف ان هذه الذكرى جسدت معنى غدر الجار وكانت درسا للتاريخ وللشعب باهمية التحالف والتكاتف بين جميع اطياف المجتمع وشرائحه، مشيرا الى ان مأساة النظام الصدامي لم تقتصرعلى تدمير الكويت بل دمر العراق واحدث شرخا عميقا بين العرب، لكن اهل الكويت قدموا تضحيات وبطولاتهم يجب ان تؤرخ لتكون عبرة للاجيال القادمة.
وذكر ان نبراس تلك المرحلة الصعبة وضوءها الوحيد هم شهداؤنا وأسرانا الذين تعرضوا لأقصي انواع التعذيب وماعقب ذلك من احداث حتى تحرير الكويت وعودتها حرة، ويجدر بنا في هذه الايام ان تكون هناك فعاليات وانشطة اعلامية مناسبة تسلط الضوء على هذه الاحداث.
واختتم الرميضي حديثه بالقول " الرحمة للابطال... الخلود للشهداء فملاحم الفداء التي سطروها شمعة هداية لمعنى الولاء لديرتنا الغالية".
اما الفنانة التشكيلية شيخة سنان فاعتبرت ذكرى الغزو العراقي هاجسا مركبا لكل كويتي عاش تلك الفترة وذاق مرارتها وقسوتها سواء داخل الكويت او خارجها، فالتاريخ سجله حدثاً جسيماً في جميع أنواع التعبير الوجداني ادباً وشعراً وفناً تشكيلياً ومسرحياً، وجعل لصرخة هذا الوطن الجريح صدى في أعماق الكون.
وقالت "لقد كنت بالكويت ولم اغادرها وعاصرت تلك الأحداث من بدايتها الى ان غمر الدخان الأسود سماء البلاد وشهدت الظلمة في النهار - وبعد الليل يأتينا النور- والحمدلله شهدت اجمل فرحة في العمر وهي فرحة تحرير وطني".
واضافت "ان الغزو حدث هام في تاريخ الكويت ويجب عدم تجاهله اعلامياً حتى يتم ايصاله للأجيال المقبلة"، فهو حدث ينسب لمرحلة معينة من حكم العراق وليس للعراق البلد الشقيق.

الفنان التشكيلي محمد قمبر
بدوره، قال الفنان التشكيلي محمد قمبر ان الغزو والاحتلال العراقي ترك جروحا في النفوس والأجساد، "وكوني مواطنا زادتني محنة الاحتلال قوة وصلابة اكثر، و قد بدأت اخطط وارسم لوحات فيها كثير من الرموز والمواضيع عن الغزو وقد عبرت عن تجربة شعب الكويت ومحنته وصموده في لوحاتي"، حيث انجزت مجموعة كبيرة من اللوحات التي تعبر عن الغزو، منها لوحة "كويت صيف 1990" التي عبرت فيها عن حالة الغضب التي كنت امر بها، ورسمت المقاومة ومظاهرات المواطنين الكويتيين ورفعهم اللافتات ضد المحتل، وهذه اللوحة تم اقتناؤها من مكتبة الرئيس الأميركي جورج بوش الاب، وكذلك لوحة "جنة الشهداء" التي تعبر عن الحرب واثارها من خلال اللون الأحمرالقاني.
وذكر أنه عبّر كذلك بلوحة "معركة القرين" التي تأثر من خلالها ببطولة المقاومة الكويتية للدفاع عن الكرامة والحرية والوطن، مبينا انه رسمها بعناصر واقعية من المنزل والعلم الكويتي الذي رفعه الأبطال المقاومون على المنزل المهدم بشكل تعبيري، بالاضافة الى عدد كبير من اللوحات المعبرة (ما يقارب عشرين لوحة، منها لوحات تعبر عن الاسرى الكويتيين في المعتقلات ولوحات تعبر عن الشهداء ولوحه تعبر عن فجر التحرير"الكويت فجر ٢٦ يناير ١٩٩١" حيث تابعت تلك اللحظات من سطح منزلي، وشعرت أيما سعادة مع بدء خروج الناس الى الشوارع بالأعلام الكويتية وهذه اللحظات مؤثرة من كل النواحي النفسية والفنية. وفي السياق ذاته، قال مدير إدارة النشر في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عبد العزيز المرزوق " بعد صدمة الغزو - التي لم يكن أحد يتوقعها من جار عربي - وبعد فقدان الهوية الكويتية بليلة واحدة، كان أثر هذا الشرخ الوجودي كبيرا على كل الكويتيين".
وأضاف: "إبان الغزو وبعده أصبح للحركة الثقافية في الكويت دور كبير ونشاط استثنائي وغريزي لتأكيد أصالة الشعب الكويتي وتمسكه بوطنه وأرضه فبرزت ثقافة "المقاومة الوطنية" التي استهدفت تعميق دور الحق في استعادة الوطن
والحفاظ عليه وتأكيد وجوده وتفرد كيانه، فأصبحت ثقافة المواطن التي برز دورها في وجه المشككين قبل الغزو سلاحا في مواجهة كل صوت وقلم يريد طمس الكويت كوطن وكيان وهوية لها أبعادها الثقافية والاجتماعية والسياسية التي ترسم ملامح هويتها الخاصة.
آخر الأخبار