الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
في تلك الليلة مات منير: هل ما زال الأبيض لا يليق بكم؟
play icon
كل الآراء

في تلك الليلة مات منير: هل ما زال الأبيض لا يليق بكم؟

Time
الاثنين 07 أغسطس 2023
View
49
السياسة

في ليل 27 - 28 تموز(يوليو) من عام 2015، كانت الليلة الأخيرة لولدي منير على ظهر هذه الأرض، لتنتقل روحه بعد ذلك إلى مكان أفضل بإذن الله.
تلك الليلة كانت من أصعب الليالي، بات فيها مودعاً دنيانا، وتاركا في القلب غصة لعَجْزِنا عن إنقاذه، وقد حاولت جاهداً أنا وأمه والأحبة من حولنا، وبكل الوسائل، لكن الموت كان أسبق.
فكانت محاولة مني أن أوثق تفاصيل ما حدث، يوماً بيوم على السرير الأبيض، وأثبت قدر استطاعتي ما حدث، ودونت حكاية منير مع الطب، لم يكن الموت لنا عدواً، وما كرهنا قدر الله، بل حاولت أن أقدم للعالم شيئا لعله يكون سببا لإنقاذ آخرين، ليستفيدوا من هذه التجربة.
وطبع الكتاب مرات عدة، في الكويت أولا، ثمَّ في دار "الرقي" اللبنانية، ثم في دار "المكتبي"في دمشق والشارقة بعنوان "الأبيض لا يليق بكم"، وفي "دار بن زيد" في بسكرة بوابة جنوب الجزائر، وفي دار أخرى في شمال شرق الجزائر
كذلك نشر في الأردن باسم "الطبيبة الجوالة" في "دار شأن"، كما طبع سابقا في الاردن في اتحاد الكتاب الاردنيين.
ووزعت الكثير من النسخ مجانا، بل كلها تقريبا، وفي كل طبعة كنت أزيد، وأضيف وأصحح، وجاءت الطبعات الأخيرة متضمنة تفاصيل الأحداث، لا سيما تفاصيل المحكمة ولجنة التحقيق.
ومن يصدق أن النسخة الأولى كانت هديتي للقاضي، اذ ذهبت الى مكتبه ووضعت نسخة عند السكرتاريا وفي مقدمتها: حضرة القاضي… أهديك هذه الرواية، وارجو عندما تتقاعد وتجد وقتا لقراءتها، أن تقرأها لتعرف ماذا اقترفت يداك.
أما رئيس لجنة التحقيق في وزارة الصحة، فقال لي عندما أعطيته نسخة بيده "أنت تعطيني النسخة لكي يؤلمني ضميري"، فهو يعرف الحقيقة، مثل مسؤوله وقتها، الذي لاحقه القضاء بعد ذلك، في أمور أخرى ليس لها علاقة بمنير، لأنهم كانوا بالطبع أقوى مني ومن منير.
وكنت أحسب أن الكتاب سيكون ذا فائدة أكبر، وبخاصة أن أحد كبار المسؤولين (اليوم) قال بعد صدور النسخة الأولى من الكتاب، وكان مديرا مهنياً واستاذا للمهنية الطبية، قال: "هذه الرواية جديرة بأن تدرس في كليات الطب"، لما تبينه من علاقة مهمة بين المريض والطبيب، لكنه بعد فترة قصيرة ترقى، وأصبح في مكان أعلى، فرفض أن يذكر الجملة هذه في الطبعة الجديدة…لا ألومه، فالولاء للمنصب مهم طبعا، وهذا من حقه ولا يلام بتاتا.
كنت أحسب أن الكتاب بعد طبعاته الكثيرة سوف يحدث أمرا طيبا في الوسط الطبي والإنساني…لكن علينا أن نعترف: أن قليلا جدا من الناس يقرأون، وأن القلة القليلة منهم يفهمون،
وإذا فهموا، فإن قليلا منهم من يستطيع فعل ما يجب فعله.
كما أن المسؤولين عموما بطبيعة الحال لا يقرأون، وليس عندهم وقت لمطالعة مثل هذه الأمور، وإن أعلموا بها فإنهم يتجاهلونها.
بعد طبع الكتاب آلاف النسخ في نحو 12 طبعة، ووزِّعت نسخ أخرى الكترونيا، أرجو الله أن أتمكن قريباً من طبعة جديدة وتوزيعها مجانا، على أمل أن تحقق غايتها ولو بعد حين، رغم أني أتذكر جيدا أني مرة كنت في كلية الطب في الجامعة أحاضر على طلبة مقرر المهنية والأخلاق الطبية، وكان عددهم فوق المئة، ووزعت الكتاب مجانا، مثل كل سنة على الطلبة، فكتبت إحدى الطالبات على صفحتها في "تويتر"، وهي صادقة "يظنوننا مثقفين، ووزعوا علينا رواية لنقرأها".
إنها أجرأ من غيرها، لاعتقادي أن أكثر من حضر اللقاء لديه التفكير نفسه، ولا ألومها، فلا أحد يقرأ، إلا قليل قليل…لا يهم، المهم أنني كتبت رواية منير، وأنا قرأتها، وعشتها، وعشقتها، وسأبقى أحيا بها، وإن مت كما مات منير.
رحم الله حبيبي ومن تحبون… فهو ما زال حياً في قلبي، كما أن أحبابكم أحياء في قلوبكم، وسامحوني على الإطالة، فأنا أحسب أنكم ستقرأون هذه المقالة رغم طولها…ولكم محبتي جميعاً.

د. طارق البكري

آخر الأخبار