حسن علي كرميضم الخليج العربي ست دول عربية متجاورة ومتلاصقةً، ولا تفصل بينها الا الحدود بحكم الضرورة، فانت في ساعة وربع الساعة تحط رحالك بحفظ الله ورعايته على ارض مطار مسقط، عاصمة عُمان، وهي ابعد نقطة لعواصم دول الخليج.اما الوصول لبقية العواصم فـ"شقخة عصا"، ورغم ذلك كل الدول الخمس تقدمت، بل لعلها قطعت اشواطاً جبارة في النهضة والتقدم الا هذي الكويت، لا تزال كالبطة العرجاء، او كأنها تعيش في عالم اخر، عالم عافه الاخرون، وبقيت الكويت وحدها تنوح من كبواتها، اين نضع الكويت بالمقارنة مع شقيقاتها الخمس؟ بدأت الكويت خطوات جبارة في الاصلاح والتنمية في الوقت الذي كان فيه هؤلاء غائبون او لا يعبأون ولا يؤمنون بالتنمية والنهضة، ولا حتى بوضع طابوقة في سبيل الاعمار، مر على الكويت اكثر من 70 عاماً في التنمية والاعمار والتقدم، وكانت في بادئ الامر نهضة جبارة ومثاراعجاب وحسد وفخر واغتباط، وكانت غالبية شعوب تلك البلدان تأتي الى الكويت للتزود بالزاد والزواد، بدءاً من الخبز والرز وانتهاء بالاجهزة الكهربائية والالكترونية، وحتى الاقمشة.الكويت حتى وقت قريب كانت تعتبر معدة المنطقة، بِمَا حباها الله من موقع قريب وموانئ جاهزة لاستقبال كل انواع البضائع، حتى السيارات باحدث طرازها كانت تستقبلها موانئها، ومنها تصدر الى البلدان المجاورة، وهذا يعني انها كانت تسير في سكة السلامة. لكن البغاة والحاسدون دأبهم النكد على الشعوب الناجحة والامنة والناهضة، فقد كان يرى بعض الجواريين الاشرار ان الكويت بحجمها وشعبها يمكن ابتلاعها كشربة ماء، وكان طبيعيا كويتيا جعل الهاجس الامني الاولوية الاكثر ضرورة، وبناء على ذلك تأخرت التنمية، وتم غلق ابواب البلاد اغلاقاً محكماً. ذلك الوضع انتهى بالغزو، وامن الكويت بات مسؤولية دولية، فالسلام الدولي لن يتحقق الا بتحقيق الامن فاقتصادات العالم مرتبطة بالامن، وكلما ساد الامن ازدهر الاقتصاد وانتعشت الشعوب.من هنا اقول ان الهاجس الامني لا ينبغي ان يبقى اولوية، فيما ضمانات امن الكويت باتت عالمية، فعلاقاتنا مع القوى العظمى رغم، عدم ثقتي، تبقى الضمانة الاكيدة لبقاء واستدامة الكويت، الدولة والنظام والشعب، فاهمية الدول لا تقاس بالمساحة او الثروة، والكويت لم تكن لتتحرر من براثن الغزو العراقي لولا مكانتها في الامن العالمي.ينبغي ان نعي اهمية الكويت كموقع في حساب الامن العالمي، من هنا دعونا نفتح ابوابنا بلا هواجس ومخاوف مصطنعة، لذلك لا بد ان تفتح البلاد ابوابها للمستثمرين الاجانب، وهو الخبر الذي تصدر صحف الاسبوع الماضي، فيما كان ينبغي تفعيل هذا القرار منذ عقود بعيدة.نحن دولة اقتصادها فقير، والنفط ليس ركيزة لاستدامة طويلة، بل كان ينبغي الا نعتمد عليه كمصدر للدخل، ان فتح الابواب للمستثمرين الاجانب، هذا اذا صدقت الاخبار، خطوة متأخرة لكنها مطلوبة، رغم ان بقية اشقائنا الخليجيين سبقونا بفتح الابواب واستقبال المستثمرين من شتى بقاع العالم، من دون حساسية للجنس او الدين، او اللون، او اللغة، بل وفروا لهم كل اسباب وشروط البقاء والعمل والنجاح. ان بقاء الكويت في ذيل القائمة الخليجية لا تفسير له غير ان حكومتنا يتلبسها الخوف، او فقدان الثقة بالنفس، والاخرين، لذا دعونا نفصل السياسة عن بقية الانشطة الاقتصادية والتجارية، فالعالم اليوم بات كتلة اقتصادية واحدة، وما يصنع في اميركا او الصين يظهر في الكويت وفي كل اسواق العالم.دعونا نتحرر من هواجس الدين، والعقد الامنية، فالكويتيون من اكثر شعوب الارض شغفاً بالاسفار والتجوال في العالم، والكويت اقل بلدان العالم انفتاحاً، وهذا التناقض لا شك سببه الحكومة والخوف المصطنع والتذرع بالتقاليد المصطنعة، فالكويت ليست جزيرة معزولة ولا يحيطها سور حديد، لكن بداخلنا صنعنا العزلة.افتحوا ابواب البلاد، وشاركوا العالم، وتخلوا عن مقولة "احنا غير"، ليش احنا غير، احنا ملائكة وموعودين بالجنة؟على سمو رئيس مجلس الوزراء المكلف الشيخ صباح الخالد وهو يضع الخطوط الاولية لحكومته الموعودة ان يضع على رأس برنامج عملها مسألة الانفتاح وتشجيع الاستثمار والغاء نظام الكفيل والتركيبة السكانية، فهل هذا كثير على حكومة اذا ارادت العمل الجاد؟صحافي كويتي
[email protected]