كتب ـ المحرر الثقافي:ضمن الأنشطة الثقافية المصاحبة لمعرض الكويت الدولي للكتاب، أقيمت أمسية عنوانها "في ظلال الغيم"، مزدانة بالمشاعر المتطلعة إلى الحلم والإحساس بالحياة في أجمل صورها، الأمسية أحياها الشعراء علي الحبشان وعائشة العبدالله والشاعر المغربي حسن الوزاني، وأدارتها وشاركت فيها بقصائدها الشاعرة مريم العبدلي.استهلت الأمسية بقصائد الوزاني الذي أنشد قصائده التي اتسمت بروح الدهشة، والتواصل مع الخيال في تنوع دلالته، ليقرأ قصائد "برج الدلو"، و"أحلام ماكلوهان"، و"حارس الزلزال" وغيرها، وبالتالي جاءت صوره الشعرية متقاربة مع ما يود طرحه على المتلقي ليقول:بالصباحات شامخة بانطفاءاتهابالموج بجزرهبالشمس غشت بثلج الألاسكا بالأوطان... بالوطن وحيداً.ويسترسل في قصيدته التي يتحدث فيها عن برج الدلو، مبدياً رؤيته التي تتمحور حول مفاهيم إنسانية عدة ليقول:أنا سليل برج الدلوأقيم ككائن أليف بقرية الكونحيث الأشياء صديقة لأضدادهافيما تبدو قصيدة " أحلام ماكلوهان"، معبّرة عن تجربة عاشها الشاعر، ويريد أن يبثّ تفاصيلها على المتلقي: وحين أفيقيطالبون بالحلم الذاتيفينط من نومهم أبطال آخرونثم أنشدت العبدالله قصائدها، تلك التي تميّزت بالجنوح إلى العاطفة، تلك التي عبرت من خلالها عن تواصل حسي مع الواقع، وبإطلالة شعرية شديدة الجاذبية فتقول في قصيدة لها:نحن وحيدات جداً...وحدسنا أشدّ مرارة،والفراغات بين أصابعنا،مجرّد دموعٍ لا تُرى.نتحدّث مع الأشياء كأنّها تعرفنانمسك الفرشاة لنغطّي السوادبالمساحيق كل صباحوتتواصل مع تلك المشاعر الإنسانية، كي تشرح لنا موقفها من الواقع والحقيقة التي تراها بروح شاعرة، لتقول:في الحقيقة، لا أحد يهتمّ أن يعرف،كيف نفتقُ جلودنا ونعيدُ خياطتهابالجرح نفسهكيف نقطّع أحلامنا بالسكّين بإرادتناوتبدو الصورة أكثر دقة وتفهّماً للواقع حينما تتحدث الشاعرة عن الصمت، الذي تراه تجسيداً للعزلة، والإفراط في تناولها:أعرفُ تماما كيف يكبرُ الصمتفي كفّ امرأة،كيف يتسلق جسدها ويعلوويصير جدراناً وسقفا،كيف تحشرُ قلبها كله في حلقها،ثم تتهاوى من حنجرةٍ تحترق بالكلام.ثم تأتي صرخة التألم، حينما تتمدّد الأشياء أمامها، ولا يمكن بأي حال من الأحول، الصمود أمام تضخمها المفرط:كم نحنُ نتألم؟كافيةً ليتمددّ القلبُ على السّياج،لترتخي الريحُ على ذراعيها،لتهزم زوبعةُ الغريزةِ هدوء الجسد،ليكون المكان آمناً كضمّةِ فراغ..فيما تتماثل الصور الشعرية في قصائد الحبشان، وهو تماثل، قد أقرّته احترافية اختيار الألفاظ، وتناسق الجمل الشعرية، والتواصل المستمر مع الحياة ليقول:
يقولُ لي الغولُ هَذي الطريقفتابع مسيرَكَ نحو الوصول سَيطوي لك الدربُ بُعدَ المدىولا شيءَ غيرُ السرابِ يَجول سَتلوي لك الريحُ أعناقَهاويُرخي لك الليلُ موجَ السُّدول فأَمضي وأَتركُ ما يَدعيولا شيءَ بيني وبيني يَحول وفي سياق هذه القصائد، التي تعبر عن تمكن الشاعر من أدواته الشعرية، يسير الشاعر، على طرقات بعضها وعر وبعضها الآخر ممهد يقول: قالت: رويدَ الليلِ، امهل شوقَهُالليلُ ميعادُ الأهلةِ يا شقي عيناكَ جائعتانِ من طولِ السُرىوعلى ضفاف النصِّ قد لا نلتقي ودِّع سُكارى الحي مثل مقامرٍيرمي بنردِ الخوف رميةَ بيدقِ وانزع رداءَ الصمت، ساوم زفرتيواهمس بصوتٍ خافتٍ: لا تشهقيوتنطلق الرؤى من خلال ما يريد أن يعبّر عنه الحبشان في قصائده، تلك التي اتسمت بالتوهج والحضور ليقول: إلى معناي يا ليلىسئمتُ مطالع الشُعراأرى الأشياءَ لكنّيأرى ما لا يُرى وأرىبأني لستُ ذا ثقةٍمن الإحساس إنْ عثراوفي قصائد العبدلي، هناك الكثير من الصور الشعرية، تلك التي تبدو فيها العواطف الصادقة، في تفاعل مستمر مع الحياة بأكبر قدر من الصدق لتستهل إنشادها بالقول:أن أكون شاعرة مفككةًوصواميل روحي مائعةلست أدري كم جيفةًنَمّت بداخلي؟و أنا ألهث زاحفةًخلف حياة مليئة بعيوب خَلْقية ثم تستقرّ الرؤية، في سياق عدم الاستسلام لكل ما يحيط بالشاعرة من فَقْدٍ وألم كي تقول:لم تُغرِنيالمطاردة قط بقدر ما يفعلالفقد أنا أصير إياي أصير الأقرب إلى جلديكلما فَقدت أو فُقدت".