الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

في عيد عرشه... ملك المواقف الصعبة أعلن الحكمة لجيرانه

Time
الاثنين 31 يوليو 2023
View
54
السياسة
كل مرة يفاجئنا العاهل المغربي الملك محمد السادس، لا سيما في خطاب العرش، بخطوات جبارة من أجل تطوير بلاده، وفي كل مرة، أيضاً، يمد يد العون إلى الأشقاء العرب، خصوصا الجزائر التي لا شك يدرك الجميع الدور الذي أدته المغرب خلال الثورة الجزائرية، واحتضانها لها، وما كابدته في هذا المجال.
ولأن التاريخ لا يمكن أن يمحى بجرة قلم، ولا بممارسات مراهقة، عمل الملك محمد السادس، ومنذ توليه الحكم خلفا للمغفور له الملك الحسن الثاني، رحمه الله، على ترسيخ رؤية متقدمة في العلاقات مع الدولة المجاورة، استنادا الى مفاعيل "المسيرة الخضراء" في عام 1975، وتثبيت الحقوق المشروعة التي لا يساوم أحد عليها في منطقة الصحراء، ولم يلتفت، كما كان والده الراحل، إلى المراهقة السياسية والأمنية التي مارستها الجزائر.
لهذا أكد مرة أخرى في خطاب العرش الأخير بمناسبة توليه الحكم: "يتساءل العديد من الناس عن العلاقات بين المغرب والجزائر؛ وهي علاقات مستقرة، نتطلع لأن تكون أفضل، ونؤكد مرة أخرى، لإخواننا الجزائريين، قيادة وشعبا، أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء؛ وكذا الأهمية البالغة، التي نوليها لروابط المحبة والصداقة، والتبادل والتواصل بين شعبينا".
ولأن كلام الملوك ملك الكلام، فإن ما سطره في الخطاب هو التعبير الأكيد للشعب المغربي كله، في هذا المجال، عن أهمية فتح الحدود بين البلدين الجارين الشقيقين، فهو ليس فيها فائدة للمغرب فقط، إنما للجزائر، بوصف الرباط البوابة الذهبية للقارة الإفريقية، وبالتالي منها تنطلق المبادرات، والجميع يشهد لها كيف تحولت في العقدين الماضيين خلية نحل إقليمية ودولية.
ملك المواقف الشجاعة لم يحد يوما عن الأسس التي بني عليها الاتحاد المغاربي العربي الذي انطلق من الجزائر في قمة زرالدة عام 1988، وتكرس بإعلان قيام اتحاد المغرب العربي في 1989 بمدينة مراكش من خمس دول هي: المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، "من أجل تمتين أواصر الأخوة التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها بعضها بعضا؛ وتحقيق تقدم ورفاهية مجتمعاتها والدفاع عن حقوقها، وفتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها".
للأسف، إن هذا الاتحاد شهد الكثير من المماطلة الجزائرية، ورغم أنه كان منتظرا أن يكون العقيد الليبي المشاغب الراحل معمر القذافي، وأحلامه الفنتازية مصدر قلق، إلا أنه استجاب لدعوة الملك الحسن الثاني، رحمه الله، وتمسك بهذا الاتحاد، فيما الأشقاء في الجزائر قدموا مصلحة مراكز القوى في حزب "جبهة التحرير" على المصلحة الوطنية والإقليمية، وعمدوا إلى التصعيد من خلال عصابات ما سمي "بوليساريو" ودعمهم لإرهابها، لكن العالم أجمع وقف إلى جانب المغرب في حق لا يجادل به أحد.
اليوم يمد الملك محمد السادس اليد مجددا إلى الجزائر، لأنه يدرك أكثر من أي وقت مضى أهمية التعاون بين البلدين، لا سيما في ما يتعلق بتبعات الوضع الدولي وانعكاسه على الإقليم المغربي كله، ولهذا، فإن الكرة اليوم في ملعب الجزائر التي يجب أن ترد التحية الملكية المغربية بأحسن منها، وتدرك أن المملكة اليوم أصبحت قوة تنموية واقتصادية واستثمارية دولية، ولا مفر من التعاون معها، والخروج من شرنقة الأطماع الشخصية التي تتحكم بالشعب الجزائري.

أحمد الجارالله

آخر الأخبار