السبت 20 سبتمبر 2025
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

قارون اغتر بماله وتكبَّر فخسف الله به وبداره الأرض

Time
الخميس 30 مايو 2019
السياسة
إعداد - نورة حافظ:


على مر الأزمنة، تأتي حضارات وتنتهي، لتحل محلها حضارات أخرى، وكم من حضارات زالت ولم يعد لها وجود، وزالت معها اسماؤها وشعوبها، وقد تناول القرآن بعض هذه الحضارات ولولاه لما عرف الكثيرون عنها شيئا، يقول تبارك وتعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) [القصص 58]. وفي هذه الحلقات اليومية تتناول " السياسة " قصص هذه الحضارات والشعوب التي ذكرها القرآن في آياته الخالدة.

قال الله تعالى: "إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ " القصص(77،76، 78)
كان قارون من قوم موسى عليه السلام، دعا الله أن يرزقه المال الوفير فاستجاب له الله فأغناه ورفع شأنه، وبينما كان قومه يعيشون الهوان والفقر والسبى على يد فرعون وجنوده، كان هو من حاشية فرعون صاحب السمو والسطوة، لا يعبأ بآلام قومه ولا يعيرهم اهتماما، لقد نصحه الصالحون من قومه وحذروه أن يلهيه ماله عن شكر الله،لأن الله لا يحب المغرورين المفتونين، وكيف يفتنون والمال و السلطان بيد الله.
تجاهل قارون نصحهم وتمادى في غروره وتجاهل فضل الله وقال لهم: لقد أوتيت هذا المال بما أمتلك من العلم الذى لا يحسنه غيري.
تحدى قارون الناصحين وخرج على قومه في زينته، ويقول الروايات أنه ما كان يلبس سوى ذهبا، متبوعا بخدمه محاطا بكل مظاهر الأبهة والحظوة، فأغتر به من يحبون متاع الدنيا وأحبوا أن يكونوا مثله، فقد غدا قارون وأمواله فتنة، ولكنها لم تفتن الذين رزقهم الله العلم النافع وتوجهوا بالنصح للمفتونين قائلين: لا تتمنوا هذا وتنصرفوا عن الدين فإن ما عند الله من ثواب ونعيم أزكى وأنفع لمن آمن به وعمل صالحا، وتلك نصيحة حقة لا يتقبلها إلا من يجاهدون النفس ويصبرون على الطاعة.
في الوقت نفسه، أمر الله نبيه موسى عليه السلام، أن يدعو فرعون وقومه إلى عبادة الله الواحد والتسليم له فما كان من فرعون وهامان وقارون إلا أن رموه اعتداء بأن المعجزات التى أتى بها ما هى إلا سحر وأنه كاذب لم يرسله الله رسولا: "ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين* إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب". (غافر24،23).
انحاز قارون إلى السلطان والمال على حساب الدين ونصرة الحق فكان حقا عليه العذاب، وأتى أمر الإهلاك فابتلعته الأرض وأمواله التى كان يركن إليها بالأمس وداره العظيمة بكل ما تحمل من مظاهر الثراء والأبهة، فما كان له من أنصار يمنعونه من عذاب الله ولم يستطع أن ينتصر لنفسه.
أما الذين تمنوا منذ وقت قريب منزلته في الدنيا وفتنوا به فصاروا يرددون عبارات التحسر والندم بعد أن تمعنوا فيما أصابه قائلين: إن الله يوسع الرزق على من يشاء من عباده المؤمنين وغير المؤمنين ويضيق على من يشاء وإنا نشكر الله أن أحسن إلينا بالهداية إلى الإيمان والعصمة من الزلل،فلم يمتحنا الله بالإجابة إلى ما تمنيناه من جاه ومال مثل قارون وإذا لفعل بنا مثل ما فعل بقارون، إن الكافرين بنعمة الله لا يفلحون بالنجاة من عذابه.
"فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين * وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون". (القصص 83،82).
آخر الأخبار