كل الآراء
قال لي المحبوب لما زرته مَن ببابي قلت بالباب أنا
الخميس 31 مايو 2018
620
السياسة
مشعل عثمان السعيدهذا البيت من الأبيات العجيبة، لانه بداية قصة بين محب ومحبوبه، يظهر من خلالها قوة هذا الشاعر، وتمكنه من الالفاظ، وهو سعد الشيرازي الذي يقول:قال لي المحبوب لما زرتهمن ببابي قلت بالباب أناقال لي اخطأت تعريف الهوىحينما فرقت فيه بينناومضى عام فلما جئتهاطرق الباب عليه موهناقال لي من أنت قلت انظر فماثم الا انت بالباب هناقال لي احسنت تعريف الهوىوعرفت الحب فادخل يا أنا"هذه الابيات ذكرتني بابيات شبيهة بها للحسين بن منصور الحلاج يقول فيها:"أنا من أهوى ومن اهوى انانحن روحان حللنا بدنانحن مذ كنا على عهد الهوىنضرب الامثال للناس بنافاذا ابصرتي ابصرتهواذا ابصرته ابصرتناايها السائل عن قصتنالو ترانا لم تفرق بينناروحه روحي وروحي روحه من رأى روحين حلت بدناولا شك ان سعد الشيرازي ألم بأبيات الحلاج هذه لان الحلاج قتل العام 309 هـ والشيرازي توفي 678 هـ.ومع ذلك فسعد الشيرازي يعد من مشاهير شعراء القرن السابع الهجري وهو صاحب الابيات الرائجة التي يقول فيها "صوت عربي":تعذر صمت الواجدين فصاحواومن صاح وجدا ما عليه جناحاسروا حديث العشق ما امكن الهوىوان غلب الشوق الشديد فباحواسرى طيف من يجلو بطلعته الدجىوسائر ليل المقبلين صباحيطاف عليهم والخليون نومويسقون من كأس المدامع راحاصيح اشتياقا كلما ذكر الحمىوغاية جهد المستهام صياح ولابد من حي الحبيب زيارةوان ركزت دون الحبيب رماحيقولون لثم الغانيات محرماسفك دماء العاشقين مباحوسعد الشيرازي ،او سعدي ،اختلف الرواة في اسمه واسم ابيه الا انه فارسي الاصل عربي النشأة، نسب الى مدينة شيراز لولادته بها سنة 606 هـ وقيل 589هـ، لقب بالشيخ، عرف بتصوفه وكان شافعيا طبقت شهرته الآفاق وهو القائل ايضا:بكت عيني غداة البين دمعاواخرى بالبكا بخلت علينافعاقبت التي بالدمع ضنتبأن اغمضتها يوم التقيناواسعدت التي بالدمع جادتبان اقررتها بالوصل عيناويعتبر سعدي الشيرازي رمزا للانسانية، لذلك زين مدخل هيئة الامم المتحدة في نيويورك بأقواله الشهيرة:أبناء آدم بعضهم من بعضفي اصلهم خلقوا من جوهر واحدوكذلك قوله رحمه الله:ان اصاب الدهر احد الاعضاء بألماستجابت له باقي الاعضاء بالاضطراب وايضا قوله:ان كنت لا تبالي بمحن الاخرين فأنت لا تستحق ان تكون ادمياوله ديوانا شعر هما: بوستان وكلستان، الاول ديوان شعر نظم فارسي يروي خلاله حكايات بديعة سامية ترمي الى مدينة فاضلة شيدها العام 655 هـ وأهداها الى حاكم شيراز سعد الدين زنكي، والبوستان تعني البستان، اما الثاني "كلستان" فمعناه الروضة والحديقة، وهي مجموعة من الحكايات والقصص والمواعظ مزج الشيرازي فيها ما بين الشعر والنثر، والفارسية والعربية، وقد اتمها سنة 656 هـ واهداها ايضا الى سعد الدين زنكي، وتعتبر اهم واشهر اثاره، وقد ترجمت الى لغات عدة منها الفرنسية واللاتينية والالمانية والتركية والهندية والانكليزية سوى العربية.ومن مواعظ سعدي الشيرازي قوله:عيب علي وعدوان على الناس اذا وعظت وقلبي جلمد قاسرب اعف عني وهب لي ما بكيت اسىاني على فرط ايام مضت اسومن الالقاب التي اشتهر بها: شاعر الانسانية، وذو اللسانين العربي والفارسي، وقد قال في رسول الله صلى الله عليه وسلم:بلغ العلا بكمالهكشف الدجي بجمالهحسنت جميع خصالهصلوا عليه وآلهوعندما اجتاح التتار بغداد وقتلوا الخليفة عبدالله المستعصم بالله، واسقطوا الخلافة العباسية، تأثر تأثرا كبيرا واشتد عليه الحزن لان بغداد حاضرة الاسلام، وبها تلقى دروسه وتعلم على شيوخها فقال في ذلك:نسيم صبا بغداد بعد خرابهاتمنيت لو كانت تمر على قبريلان هلاك النفس عند اولى النهىاحب لهم من عيش منقبض الصدرزجرت طبيبا جس نبضي مداويااليك فما شكواي من مرض يبريلزمت اصطبارا حيث كنت مفارقا فهذا فراق لا يعالج بالصبرتساءلني عما جرى يوم حصرهموذلك مما ليس يدخل في الحصراديرت كؤوس الموت حتى كأنهرؤس الاسارى ترجحن من السكرنوائب دهر ليتني مت قبلهاولم ار عدوان السفيه على الحبرمحابر تبكى بعدهم بسوادهاوبعض قلوب الناس احلك من حبرايا ناصحى بالصبر دعنى وزفرتياموضع صبر والكبود على الجمرتهدم شخصي من مداومة البكاوينهدم الجرف الدوارس بالمخروقفت بعبادان ارقب دجلةكمثل دم قان يسيل الى البحرتوفي سعدي الشيرازي مشرف الدين ابو محمد بن عبدالله في موطنه شيراز 694 هـ وقبره يزار الى اليوم.اكتفي بهذا القدر.جف القلم ونشفت المحبرة، في امان الله.كاتب كويتي