تحقيق ـ ناجح بلال:قرعت إحصاءات رسمية ناقوس الخطر، من تفشي الجنايات المتعلقة بالسرقة والاعتداء على مال الغير في المجتمع، استنادا الى ان النيابة العامة نظرت في 1555 قضية في العام 2019، صعودا من 1424 قضية مشابهة في العام الذي قبله، بينما كان عد القضايا 1355 في 2017، ما يؤكد ان هناك تناميا ملحوظا لهذه القضايا في البلاد، الأمر الذي حذر منه قانونيون وعلماء نفس، شددوا على أن تزايد السرقة وانتشارها ناجم عن ارتباطها الوثيق بتنامي ظاهرة الإدمان وارتفاع معدلات الطلاق وما يترتب عليها من تفكك اسري يدفع ثمنه الأبناء. التفاصيل في ما يلي:
* البارون: ملاحقة تجار المخدرات ونشر الوعي لتخليص المجتمع من الآفات* الشامري: أزمة "كورونا" عمَّقت مآسي الشباب في ظل إغلاق أماكن الترفيه* الزامل: انفصال الآباء قد يقود الأبناء نحو تعاطي المخدرات وارتكاب السرقة* محمود حسن: تعرَّضتُ للسرقة علناً تحت التهديد في منطقة جليب الشيوخ* الرشيدي: السرقة موجودة لكن غير منتشرة في الكويت بلد الأمن والأمان
بيّن الكتاب الإحصائي الصادر عن وزارة العدل، أن قضايا السرقة والاعتداء على مال الغير، شهدت ارتفاعا ملحوظا في البلاد، بتسجيل 1555 قضية نظرتها النيابة العامة في العام 2019. ويوضح الكتاب الاحصائي، أن أحكام المحكمة الكلية في جرائم الاعتداء على مال الغير حسب التهمة بلغت 1204 قضايا خلال العام 2019، واحتلت أحكام الاستيلاء على مال الغير بالقوة المرتبة الأولى بـ557 قضية، فيما جاءت أحكام قضايا السرقة بالكسر أو التسور أو بوسيلة غير عادية في المرتبة الثانية بـ512، وحلت قضايا الحريق المتعمد في المركز الثالث بمعدل 65 قضية، وقضايا دخول مسكن بقصد ارتكاب جريمة حلت رابعا بـ22 قضية، وجاءت في المركز الخامس قضايا السرقة بالاكراه بـ15 قضية، واحتلت قضايا السطو المسلح المركز الخامس بـ15 قضية، ثم قضايا ابتزاز مال الغير بالتهديد في المركز السادس بـ6 قضايا. وجاءت قضايا خيانة الأمانة في المرتبة السابعة بـ4 قضايا، تلتها قضايا السرقة ليلا مع حمل السلاح بـ3 قضايا، وحلت ثامنا قضايا النصب والتدليس بـ3 قضايا، وفي المركز الأخير قضيتان صنفتا ضمن "قضايا أخرى" لكنها تقع ضمن جرائم السرقة. وعلى صعيد الأحكام التي أصدرتها محكمة الاستئناف لقضايا الاعتداء على مال الغير خلال عام 2019 بلغت نحو 1269 فضلا عن تأجيل 68 قضية حسب إحصاءات وزارة العدل في القضايا التي أحيلت للاستئناف. واحتلت قضايا الاستيلاء على مال الغير بالقوة المرتبة الأولى بعدد 642 قضية فيما جاءت قضايا السرقة بالكسر أو التسور أو بوسيلة غير عادية في المرتبة الثانية بعدد 545، وحلت قضايا الحريق العمد في المرتبة الثالثة بعدد 48 قضية وفي المرتبة الرابعة جاءت قضايا دخول مسكن بقصد ارتكاب جريمة فيه بعدد 15 قضايا فيما جاءت قضايا ابتزاز مال الغير بالتهديد في المرتبة الخامسة بعدد 7 قضايا وفي المركز السادس قضايا السرقة بالإكراه التي بلغت 5 أحكام فيما جاءت قضايا سرقة السيارات في المركز السابع بعدد 3 قضايا وبلغت قضايا خيانة الأمانة 2 قصية محكوم فيها لتأتي في المركز الثامن وحل في المركز التاسع أحكام سرقة الاشياء المفقودة بقضية واحدة وقضايا اتلاف مال الغير عمدا أو بقصد الإساءة بقضية واحدة. ملاحقة اللصوصوفي ضوء تلك الأرقام، استطلعت "السياسة" آراء عدد من القانونيين وعلماء النفس ومجموعة من المواطنين والمقيمين، الذين شددوا على أهمية ملاحقة اللصوص وضرورة تركيب كاميرات مراقبة في جميع الشوارع الرئيسية والجانبية، الى جانب تكثيف دوريات الشرطة في معظم المناطق، لاسيما التي تكثر فيها السرقات. كما شددوا على أهمية تفعيل دورالأسرة والمدرسة والمسجد ومؤسسات المجتمع المدني، للحد من معدلات السرقة في البلاد.وفي هذا السياق، يرى الخبير في علم الاجتماع محمد الزامل، أن التفكك الأسري الناتج عن الطلاق، يلقي بظلال سلبية على المجتمع ككل، حيث يمكن للأبناء الذين يعانون من انفصال آبائهم عن أمهاتهم، أن ينقادوا من قبل أصدقاء السوء نحو الجريمة بشكل عام والسرقة بشكل خاص.وقال الزامل إن تزايد حالات السرقة يأتي كذلك مع تزايد العمالة الهامشية التي تدخل البلاد عن طريق تجارة الإقامات، فضلا عن غياب دور مؤسسات المجتمع المدني في مناقشة القضايا المجتمعية، كتزايد معدلات الطلاق والادمان والسرقة. من جانبه، قال أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د.خضر البارون، إن الإدمان أحد الأسباب الرئيسية في تزايد قضايا السرقة، مبينا أن الشاب المدمن إذا لم يجد المال لشراء المخدرات فهو على استعداد لارتكاب أي جريمة مهما كانت من أجل الحصول على الأموال لشراء جرعة هيرويين أو حبوب مخدرة.وأكد البارون أن غياب القدوة وعدم تقويم الأبناء بالسلوكيات الإيجابية منذ الصغر يمكن أن تدفع بهم نحو العنف واتباع الكثير من السلوكيات السلبية، ومنها تعاطي المخدرات أو السرقة، مطالبا بضرورة القضاء على ظاهرة الإدمان من خلال ملاحقة تجار المخدرات، مع ضرورة تكاتف المدرسة والأسرة والمسجد وإلاعلام لنشر الوعي والتحذير من خطورة الأمراض الإجتماعية كافة ومن بينها السرقة. تهديد أمن المجتمعمن جانبه، يقول المحامي فيصل الشامري إن جريمة السرقة من أخطر الجرائم التي تهدد المجتمعات، وقد قرر المشرع لها عقوبات تصل إلى الحبس لمدة سنتين، وقد تصل إلى ثلاث سنوات إذا صاحبتها ظروف مشددة، وترك تقدير الظروف المشددة للقضاء، والتي قد تكون جناية وتصل عقوبتها إلى خمس سنوات. وبين الشامري أن من أهم أسباب السرقة والسلب: تراخي الرقابة الأسرية أو تفككها، وكذلك آفة المخدرات، وأيضاً هناك فراغ وبطالة بسبب عدم الاهتمام والتقصير من مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، ولا شك في أن أزمة كورونا زادت الطين بلة حيث أغلقت جميع الأماكن التي يرتادها الشباب من ملاعب وأماكن ترفيه وتسلية، ونحن إذ نشير إلى التقصير فإن هيئة الشباب والرياضة قصورها بين وواضح!وذكر أن إغلاق هذه المراكز في هذه الأوضاع غير العادية ينشط فيها مروجو المخدرات وتجارها الذين يستغلون الشباب في وقت فراغهم الطويل ومشاعر الكبت والطاقات المنغلقة التي صاحبتهم في هذه الأزمة.بدوره، يقول إمام المسجد الشيخ أحمد الحسن، إن السرقة هي مايؤخذ من الغير بطرق غير شرعية والسرقة بكافة أنواعها حرام وهي من الكبائر ولهذا نزلت فيها آيات كريمة كقوله تعالى "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".نماذج من الضحايامن جهتهم، أكد مواطنون ومقيمون خطورة ما آل اليه الوضع، في ظل شيوع جرائم السرقة في المجتمع، داعين الجهات المختصة الى المشارعة لطي هذه الصفحة القاتمة.وقال محمود حسن (حارس عقار في جليب الشيوخ) لـ"السياسة"، إنه تعرض للسرقة بالإكراه منذ عام تقريبا في أحد شوارع الجليب، حيث استوقفه ثلاثة شباب يقودون سيارة جيب، على شارع محمد بن القاسم، اثناء عودته الى سكنه، وأجبروه تحت تهديد السلاح الأبيض على اخراج الأموال التي بحوزته، فأعطاهم 70 دينارا أخذوها ولاذوا بالفرار، مشيرا الى عدم تمكنه من رصد رقم المركبة لأن الجناة كانوا قد أخفوا معالمهم.واستدرك قائلا: الحمد الله لم تكن معي ايرادات الإيجارات التي اقوم بايداعها في فرع البنك.بدوره، قال المواطن بدر الرشيدي إن قضايا السرقة موجودة لكنها قليلة، لافتا الى ان بعض غير محددي الجنسية والعمالة الوافدة العربية التي تجيد اللهجة الكويتية تمارس السرقة، وقلة من المواطنين يفعلون ذلك. وشدد على أن الكويت ستظل بلد الأمن والأمان، لاسيما أن حوادث السرقة بالإكراه موجودة علنا في دول عربية وحتى في الولايات المتحدة، لافتا إلى تعرض شقيقه للسرقة بالإكراه في تركيا عقب خروجه من بنك في إسطنبول ولم تتمكن السلطات هناك من إعادة المبلغ له. من جهته، قال بو عبدالله إن السرقة بمختلف أنواعها زادت في السنوات الأخيرة في البلاد، وبعضها كان على محلات الصيرفة أو البقالات التي تعمل على مدار 24 ساعة، فضلا عن سرقات الشقق والبيوت.ودعا الى ضرورة زرع كاميرات المراقبة في جميع شوارع الكويت، خصوصا أمام المحلات الكبيرة والصغيرة، لافتا الى أن السطو يتم كذلك على السيارات في مواقف المماشي أو مواقف المساجد.بدورها، قالت أم أحمد انها تعرضت منذ 5 أعوام للسرقة بالإكراه في منطقة الري، حيث كانت تشتري سيارة من معرض للسيارات في المنطقة.وأوضحت أن الأشخاص الذين استوقفوها كان يبدو أنهم آسيويون، وسلبوا منها 60 دينارا وهربوا، مشيرة إلى أنها كانت تتمنى وجود كاميرات مراقبة لترصد عملية السرقة. وذكر محمد ناصر أنه تفاجأ ذات صباح بكسر زجاج سيارته والعبث بمحتوياتها أثناء توقفها امام بيته، لافتا إلى تعرض سيارة جاره للسرقة منذ إسبوع ولم يعثر عليها حتى الآن.
بُخل الوالدين يقود للسرقةقال المعلم أسامة أبو السعود: إن دور الأسرة يجب أن يتناغم مع دور المدرسة لتحصين الأبناء من أي سلوكيات سلبية، مشيرا إلى أن الإنسان العادي لا يتحول فجأة للسرقة بل تأتي تدريجيا، فقد تبدأ في مرحلة الطفولة من خلال سرقة الطفل لوالديه ثم لزملائه في المدرسة، كما أن بخل بعض الآباء يمكن أن يدفع بعض أبنائهم للسرقة.
دور وزارة الشؤون غائبناشد المحامي فيصل الشامري وزارة الشؤون وهيئة الشباب وكل من يهمه الأمر، أداء مسؤولياتهم لاستقطاب الشباب والحرص على تنميتهم وخلق فرص جديدة وأنشطة مبتكرة في هذا الشأن.وأعرب الشامري عن أسفه لغياب أي دور لـ"الشؤون" في متابعة سلوكيات الشباب وإصلاحهم والبحث عن مكامن الخلل، إلا إذا صدر حكم قضائي للشباب الجانحين الذين وقعوا في أخطاء يجرمها القانون، بينما المفترض وكما تفعل الدول المتحضرة، متابعة فئة الشباب لاسيما المراهقين وحل مشاكلهم وتذليل الصعوبات التي يواجهونها، لأن صلاحهم هو صلاح للمجتمع بأسره.
ترتيب قضايا السرقة في العام 2019* 557 قضية استيلاء على مال الغير بالقوة * 512 قضية سرقة بالكسر أو التسور * 65 قضية حريق متعمد * 22 قضية دخول مسكن بقصد الجريمة * 15 قضية سرقة بالإكراه * 15 قضية سطو مسلح * 6 قضايا ابتزاز* 4 قضايا خيانة أمانة * 3 قضايا سرقة ليلاً مع حمل سلاح