"قبر ولكن"... تستحدث قانوناً جديداً للقمامة

كتب - فالح العنزي:

لا يشغل العالم والناس أي اهتمام بقدر ما يشغلهم قضايا الفساد والخداع وغياب العدالة واستفحال ظاهرة استعباد البشر لبعضهم البعض، في الوقت الذي يطل بعض المتشدقين بالمساواة يتباكون على مساعيهم التي يدعون بأنها ذهبت في مهب الريح، هذا الخليط بين الصالح والطالح، الظالم والمظلوم، الصادق والمنافق قدمه الكاتب عثمان الشطي في تجربته المسرحية "قبر ولكن"، التي مثلت فرقة المسرح الشعبي في ختام مسابقة العروض المتنافسة ضمن أنشطة الدورة الـ 13 من مهرجان أيام المسرح للشباب، وحرص الكاتب من خلال أحداث المسرحية سواء الحوارات أو السينوغرافيا عدم الإشارة من قريب أو بعيد إلى زمان ومكان شخوصه في النص بل فضل أن تصل رسالة المسرحية إلى كل أصقاع العالم.
الشطي يمتلك تجربة جيدة في المسرح وغالبا ما يتجه في أعماله نحو قيمة الإنسان وكيف يجب أن يكون، الشخصية الرئيسية لدى الشطي في هذا العرض هو "سليم" أو الممثل بدر الهندي الذي وجد نفسه ملاحقا من الشرطي "محمد بوشهري" نتيجة فعل الخير الذي قام به عندما انتشل رضيعا من بين القمامة، قام والده بعدما تجرد من إنسانيته بالتخلص من فلذة كبده، "تصرف سليم" لم يكون سليما بل حتى أنه اعتبر مخالفا لقانون القمامة، المفارقة المضحكة المبكية أن والد الرضيع يتقلد منصبا حكوميا مهمته الرئيسية رعاية الأطفال، وهنا دلالة على ما يريد قوله المؤلف بأن ميزان العدالة معكوس ولعل الله يكشف أمرا كان مستورا، فالرضيع الذي ولد ميتا هو حلم "سليم" الشاب الذي تدور في رأسه عشرات الأحلام لكن قاده حظه العاثر لعله يدرك ما ستؤول إليه نهايته، أم الرضيع التي ماتت
حسرة ربما تكون كل أم موجودة بين حنايا هذا الفضاء، منا من يراها وطنا ومنا من يراها امرأة تعيش زمن الوأد.
المتابع لهذا النوع من العروض المسرحية، خصوصا تلك التي تغوص في عمق النفس البشرية يدرك تماما بأنه يجب أن تكون هناك لغة مشتركة بين عناصر المسرحية مؤلف ومخرج وممثل وسينوغرافيا، علاقة وفاق وتناغم بين تلك العناصر يعتبر ضرورة درامية، لأن المشاهد تحتاج لمشاركة رباعية حتى تصل الجملة بشكلها السليم، ولا بد من الإشارة إلى ديكور المهندسة زينب العلي، إذ جاء بشكل أفضل في خدمة الاحداث وكان من أجمل العناصر التي حققت الفرجة البصرية للمتلقي.
الرؤية الاخراجية التي قدمها عبدالله الهويدي، صاحب التجربة القصيرة كانت جيدة وأحكم قبضته على الممثلين الذين لم ينجرف فيهم أحدا نحو الخروج عن النص.


فريق عمل المسرحية

يضم فريق مسرحية "قبر ولكن"، في التأليف عثمان الشطي، إخراج عبدالله الهويدي، تمثيل كل من يوسف المطر، محمد بوشهري، بدر الهندي، فهد العامر، سلمى شريف، مشعل العيدان، وشهد ياسين، ماكياج أمل خالد، ديكور وأزياء زينب العلي، مساعد مخرج رشا بدر، موسيقى محمد النصار، تصميم الإضاءة حسن الأمير.