الجمعة 04 أكتوبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

قرار مجلس الأمن بالتسامح والسلم والأمن الدوليين... الرؤية وآليات العمل والتطبيق

Time
الاثنين 10 يوليو 2023
View
11
السياسة
د.مطر حامد النيادي

في شهر يونيو الماضي تسلّمت الإمارات العربية المتحدة رئاسة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وبذلت خلال هذه الفترة ووفق رؤية واضحة جهودا حثيثة تجاه تعزيز السلم والأمن الدوليين، ومكافحة التطرف والإرهاب وأسبابهما، والعمل على تعزيز دور الديبلوماسية والحوار لحل الخلافات.
وبتاريخ 14/6/ 2023 اعتمد مجلس الأمن القرار التاريخي رقم 2686/2023 بشأن التسامح والسلام والأمن الدوليين، والذي اشتركت كلّ من الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة في تقديمه، فالقرار تضمّن للمرة الاولى إقراراً دولياً بوجود ارتباط بين خطاب الكراهية وأعمال التطرف، ويظهر حقيقة أنّ العنصرية وكراهية الأجانب والتمييز العنصري والتمييز بين الجنسين يمكن أن تؤدي إلى اندلاع النزاعات وتصعيدها وتكرارها.
إن إقرار المجتمع الدولي بهذا الارتباط بين خطاب الكراهية وارتفاع حوادث العنف القائمة على أساس العرق، أو الجنس، أو الأصل الإثني أو الدين أو المعتقد، مكسب كبير يتطلب تحويله إلى واقع تضافر جهود مؤسسات المجتمع المدني والقادة الدينيين، ووسائل الإعلام إلى جانب المؤسسات التعليمية لنبذ خطاب الكراهية وإدانته، والتصدي له، والعمل في المقابل على نشر قيم التسامح والتعايش السلمي لحماية الأمم والشعوب من الوقوع في براثن الصراعات المسلّحة. وكلنا أمل أن يساهم هذا القرار- الإنجاز في تعزيز المبادئ العالمية للتعايش السلمي.
حقاً، إنّ القرار 2686 علامة فارقة في طريقة تعامل المجتمع الدولي مع خطاب الكراهية والتطرف، وخطوة رائدة نحو التغيير الإيجابي من خلال اعتماد نهج يعزز التسامح والتعايش السلمي، واستجابة شاملة.
فلقد تناول مجلس الأمن هذه العوامل في السابق إلا أن تعامله معها جاء جزئياً ووفق حالات معينة. وبما أنّ هذه العوامل قد تتسبّب في نشر الخوف، ونشوب النزاعات، وقد تقوّض جهود السلام وتحفّز على ارتكاب أعمال إجرامية، فإن تركها دون معالجة شاملة خطر كامن، ولهذا ترى دولة الإمارات أن القرار اتخذ خطوات ملموسة لترسيخ نهج شامل يتصدى لخطاب الكراهية والعنصرية والتطرف باعتبارها تهديداً للسلام والأمن، وقد اتخذت لذلك سبيل تعزيز المبادئ العالمية للتسامح والتعايش السلمي.
ومما يضفي على هذا القرار بصمته المهمة، أنّه الأول للأمم المتحدة ولمجلس أمنها الذي يتناول "التطرف" بطريقة شاملة وعلى نحو أوسع من المصطلح الضيق والمشروط المتمثل بـ "التطرف العنيف"، ما يُعد تحولاً في النهج. كما أنه أول قرار لمجلس الأمن يؤكد على أنّ العنصرية والتمييز العنصري والكراهية والتمييز بين الجنسين عوامل تغذّي اندلاع النزاعات.
ولقد جاء طرح دولة الإمارات القرارَ مشاركةً مع المملكة المتحدة إيماناً منها بأن العنف والتطرف وخطاب الكراهية من أهم العوامل التي تهدد السلم والأمن الدوليين، وتؤجّج الصراعات، وتعيق بالتالي التقدم والازدهار، ولهذا نصّ القرار على بعض الخطوات العملية التنفيذية، ومنها تكليف الأمين العام للأمم المتحدة وبعثات المنظمة الدولية برصد وإحاطة مجلس الأمن بتقارير منتظمة عن خطاب الكراهية والعنصرية والتطرف حول العالم باعتبارها من مهدّدات السلم والأمن الدوليين.
وكونها موطن وثيقة الأخوة الإنسانية الموقعة في فبراير 2019، فإنّ دولة الإمارات وعبر هذا القرار أخذت من المجتمع الدولي موْثقاً بأنّ الحوار بين الأديان والثقافات أداة مهمة في تعزيز التلاحم والاستقرار الاجتماعي، وفي تحقيق أهداف التنمية، وفي ترسيخ السلام ثقافةً وممارسةً.
وقد سعت دولة الإمارات خلال الرئاسة الدورية لمجلس الأمن خلال شهر يونيو، وهي الرئاسة الثانية لها منذ بدء عضويتها في المجلس مطلع العام 2022، من خلال استخدام الأدوات المتاحة إلى تعزيز الحوار وتقريب وجهات نظر الأعضاء الـ 14 الآخرين بغية إيجاد التوافق المطلوب حول أكثر القضايا العالمية أهمية وإلحاحاً.
فلقد تناولت القضايا المشتركة بما في ذلك قضايا المرأة والسلام والأمن، واستخدام التكنولوجيا لتعزيز السلام، ومكافحة الإرهاب والاستجابة والتعافي منها، والاستدامة وحماية البيئة وتغير المناخ، وكل ذلك في سبيل تعزيز السلام والأمن، والتعاون المتعدد الأطراف، فرئاسة دولة الإمارات الثانية جاءت في ظل مواجهة العالم أكبر عدد من النزاعات المسلحة منذ عام 1945، ما يتطلب تكثيف التعاون للتوصل إلى حلول مبتكرة، لذا، عملت على تعزيز بناء السلام والأمن الدولي.
ستستمر دولة الإمارات من خلال هذه الرؤية الواضحة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" إلى الدعوة لمد جسور الحوار، وإزالة منابع العنف والتطرف، وتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي، ونبذ خطاب الكراهية والتفرقة، فرؤية دولة الإمارات وديبلوماسيّتها تعتبر أنه في ظل ما يشهده العالم من توترات فإن مكافحة الكراهية والعنصرية والتطرف تبقى السبيل الأنجع والجسر الذي نعبر من خلاله نحو العيش المشترك والازدهار والتقدم.

آخر الأخبار