منوعات
"قربان"... فيلم سينمائي عن يوميات التونسيين في الحجر الصحي
الأربعاء 29 ديسمبر 2021
5
السياسة
وجدت فترة الإغلاق والحجر الصحي الشامل، لكبح تفشي فيروس "كورونا"، صدى في السينما التونسية، حيث يطرح فيلم "قربان"، الآثار النفسية على زوجين عاشا هذه المرحلة بكل تفاصيلها وقلقها وانفعالاتها.الفيلم الذي أخرجه الفنان نجيب بلقاضي، نقل المخاوف وأوجاع وأحاسيس وحكايات الوضع الاستثنائي الذي فرضه الحجر الصحي الشامل على التونسيين وشعوب كثيرة في العالم، انطلاقا من قصة زوجين، هما سهير بن عمارة، والفنان نجيب بلقاضي الذي يتولى التمثيل والإخراج.والفيلم مثقل بالتساؤلات عن "الوسواس القهري والاكتئاب وانفصام الشخصية"، وما يمكن أن يصيب إنسانا يجد نفسه فجأة فيما يشبه السجن. أحداث الفيلم في ظاهرها تبدو بسيطة، حيث تنقل الكاميرا الحياة اليومية لزوجين، وما رافقها من تصدعات وتشوه بسبب معاناة الزوج من مرض نفسي تفاقم مع حالة الحجر الصحي وانقطاعه عن العمل وانخراطه في وساوس تدفعه إلى الاعتقاد بأنّ عليه أن يقدّم قربانا للموت والفيروس، عسى أن تنتهي معاناة العالم من الجائحة. ومن خلال شخصية الزوج وحالته وطريقة تعاطي زوجته معها، يسلّط الفيلم الضوء على وضع حاملي الأمراض النفسية الناجمة عن فرض الحجر الصحي الشامل، والوضع المجتمعي عامة.الزوج "قيس" يبدو مثالي بالنسبة إلى من يرى الأمور من منظور مادي صرف، فالرجل يعمل في توريد السيارات ويبدو سعيدا في حياته، وله عمل محترم وسيارة فارهة وزوجة جميلة محبّة للحياة، لكنه في أعماق ذاته يعاني مرضا نفسيا نشأ معه منذ الطفولة وتفاقم خلال الحجر الصحي، حيث يتخيّل أنه يسمع أصواتا غير موجودة في الواقع وترهقه الصرخات والأصوات المتدافعة التي تجعل نفسيته هشة قابلة للانهيار، ونتيجة الإجراءات والتدابير الصحية، أصيب الرجل بمرض الوسواس القهري، الذي يدفعه إلى المبالغة في الخوف والحذر والشك، خوفا من انتقال العدوى، وتتسلل حالة الشك وفقدان الثقة إلى علاقته بزوجته، فتظهر الخصومات والمشاحنات لأتفه الأسباب وتنشأ علاقة جديدة في مناخ لم يعهده الزوجان من قبل. نجح المخرج والممثل نجيب بلقاضي، في الفيلم بأداء شخصية معقدة بانفعالاتها وحركة الجسد المعبّرة عنها، بارتعاشات اليد ونظرات الوجه المتراوحة بين الحدة والانكسار والانطفاء وطريقة النطق، ليتوغل في تفاصيل شخصية المريض النفسي، ويدفع الجمهور إلى التأمّل فيها وقراءتها، وربما يدفع كثيرين إلى رؤية ذواتهم من خلال الشخصية، لا سيما أنّ المناخ الاجتماعي والاقتصادي في تونس، خلق وضعا نفسيا مرهقا، فالأفق غامض والوضع المهني لكثير من التونسيين غير مضمون، وضاعفت الجائحة من الأزمة، ودفعت بكثيرين إلى البطالة والتردي الاجتماعي والنفسي.