الاثنين 30 سبتمبر 2024
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

قصة الصحابة مع رز العنبر

Time
الخميس 27 يوليو 2023
View
15
السياسة
محمد الفوزان

جاءت رسالة إلى الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) تخبره ان جيوش الفرس المنهزمة أمام المسلمين، كانت كلما أوشكت على الاستسلام يأتيها المدد من مدينة الأُبُلَة، التي تعد من أهم مصادر المدد، فيستعيد جيش الفرس قوته، ويستأنف القتال مجدداً.
فأرسل الفاروق جيشاً صغيراً لفتح الأبلة، وقطع الإمدادات عن الجيش الفارسي، وكان قائد هذا الجيش الصغير هو الصحابي الجليل عتبة بن غزوان، سابع سبعة أسلموا على ظهر الأرض.
كان عدد جيشه ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً، ووعده الخليفة أن يمده تباعاً بما يتوافر له من الرجال.
مضى عتبة بن غزوان إلى أرض العراق، حتى نزلوا في أرض قصباء، لا تبعد كثيراً عن أرض الأبلة، وما لبث أن انتهت مؤونتهم، ولم يكن معهم شيئا يأكلونه، فلما اشتد عليهم الجوع، قال عتبة لنفر منهم: التمسوا لنا في هذه الأرض شيئاً نأكله، فراحوا يبحثون.
كانت لهم مع الطعام قصة عجيبة رواها أحدهم فقال: بينما كنا نبحث عن الطعام دخلنا شجراً كثيفاً ملتفاً، فإذا فيها زنبيلان، في أحدهما تمر وفي الآخر حب أبيض صغير مغطى بقشر أصفر، فجذبناهما إلى المعسكر، قال أحدهم عن الحب: هذا سم أعده العدو لكم فلا تقربوه، فملنا إلى التمر نأكل منه، وفيما نحن كذلك فإذا بفرس لنا أقبل إلى زنبيل الحب وجعل يأكل منه، فأخذنا نراقب الفرس، وننتظر موته حتى أصبحنا، فوجدنا الفرس معافى لا ضرر فيه.
فقال أحدهم زيادة في الحرص والحذر: إني سمعت أن السم لا يضر إذا وضع على النار وأنضج، فوضعوه على النار، فاحمر وتشققت عنه قشرته، فخرجت منه حبوبه البيض، فقال عتبة: اذكروا اسم الله عليه وكلوه، فأكلناه، فإذا هو غاية في الطيب، ثم عرفنا بعد ذلك أن اسمه "الرز".( انتهى)
وأظن أن هذا الرز هو العنبر ذو الرائحة الزكية الذي اشتهرت به هذه المناطق في جنوب العراق بزراعته، وللمرة الاولى صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتعرفون على الرز ويتذوقونه، ويستطيبونه بعد أن كان أكثر أكلهم من خبز الشعير اليابس، والزيت، والخل والتمر.
أحد رجال عتبة عاد إلى المدينة المنورة فسأله الناس: كيف المسلمون في الأبلة؟
فقال: عم تتساءلون؟ والله لقد تركتهم وهم يكتالون الذهب والفضة اكتيالاً، تعبيراً عن الخير الذي تفتح لهذا الجيش الصغير في العراق ، حتى أن عتبة بن غزوان خشي على جنوده أن يتعودوا على لين العيش، وتفلّ من حدة عزائمهم على مواصلة الجهاد، فكتب إلى عمر يستأذنه في بناء البصرة، فعتبة بن غزوان هو من بنى مدينة البصرة العظيمة، رضي الله عنهم جميعاً وأسكنهم فسيح جناته.
"عباد ليلٍ إذا جنَّ الظلام بهـــم
كم عابد دمعه في الخد أجــراه
وأسْد غاب إذا نادى الجهاد بهـم
هبّـوا إلى الموت يستجدون رؤياه
ياربّ فابعث لنا من مثلهم نفراً
يشيّدون لنا مجداً أضعناه"


[email protected]
آخر الأخبار