السبت 14 يونيو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة   /   كل الآراء

قصة الوباء في أثينا القديمة

Time
الأحد 08 مارس 2020
View
5
السياسة
أحمد الدواس

كانت في اليونان القديمة ممالك أو دويلات عدة، فمثلا كانت هناك مملكة أثينا، وفي الجنوب مملكة إسبرطة، ولكل مملكة في اليونان حكومتها وتقاليدها.
كان اليونانيون في دولة أثينا، في سنة 430 قبل الميلاد، أي قبل نحو 2450 عاما، يعيشون وبالقرب منهم ميناء أثينا، المصدر الوحيد للغذاء والسلع، واعتمد سكانها على قوتهم البحرية ، ولكن قبلوا بهجرات الناس من المناطق الريفية إليهم، فازدحمت المدينة ما سبب تضخما في عدد سكانها ونقصا في السلع، وهنا يقول المؤرخ اليوناني ثـوسيديدس : " أن وبـاء دخل المدينة بصحبة القادمين من أثيوبيا ومصر وليبيا، حمله بحارة في السفن التجارية، ونشروا المرض داخل أسوار أثينا وفي شرق المتوسط ، وكان هذا المرض مميتـا، إذ إن الأحياء السكنية كانت متلاصقة مع سوء العادات الصحية، وقد قتل هذا الوباء ربع سكان أثينا، ومات الكثير من جنودهـا، وحـُرقت الجنازات، ماجعل جيش إسبرطة، التي كانت في حالة حرب مع أثينا، ينسحب خارج أسوارها خشية التعرض للإصابة بوباء العدو.
يضيف هذا المؤرخ : أن الأخلاق اضمحلت أثناء هذا الوباء، لدرجة ان الناس وهم لايعلمون ماذا سيحدث لهم، أصبحوا غـير مبـالين بأي قاعدة أخلاقية أو قانونية، ولم يعد الناس يخشون القانون طالما أنهم يعيشون تحت وقع الموت في أي لحظة، وإضافة إلى ذلك، أخذ الناس ينفقون أموالهم بإسراف شديد، ظناً منهم أنهم لن يعيشوا طويلا ليستمتعوا بثمار أموالهم ، وأصبح الفقير منهم غنيا، فقد ورث أملاك أقربائه، ولم يحافظ الكثيرون على وعودهم أو سمعتهم، لأنهم لم يتوقعوا ان يعيشوا ليحافظوا على السمعة الطيبة، ومات آخرون لعدم العناية بهم من الآخرين خشية انتقال العدوى .
وظهر الشك الديني لدى الناس، اعتقاداً منهم بأن الآلهة قد تركتهم لمصيرهم، فرأوا ألا فائدة من عبادتها، وأصبحت المعابد نفسها من أماكن البؤس، لأن اللاجئين من خارج أثينا وجدوا فيها ملجأ لهم، وزاد فيها عدد الموتى، وظن الناس ان الوباء دليل على ان الآلهة قد فضلت إسبرطة عليهم، وان " أبــولو" نفسه "وهو إله المرض والدواء" سيدافع عن إسبرطة.
بقيّ في أثينا كثير من الأفراد، لم يكونوا من أهلها فقاموا بتزييف وثائقهم أو قدموا الرشوة لموظفي الدولة لإخفاء وضعهم الأصلي، وعندما كشفتهم الدولة حولتهم الى رقيق، ووضعت قوانين صارمة تحدد من تنطبق عليه شروط المواطن اليوناني.
هذا الوباء ألحق ضررا بالغا في أثينا، فقد ضعفت القوة السياسية والمعنوية لأثينا وجيشها ، وهزمتها إسبرطة، ولم تعد أثينا تمتلك قوة عظمى في اليونان القديمة، ويقول هذا المؤرخ ان طبيعة هذا الوباء ظلت غامضة، وان بعض اليونانيين فسر الوباء بأنه انتقام الآلهة منهم بسبب الذنوب التي اقترفوها ".

سفير كويتي سابق
آخر الأخبار