الجمعة 20 يونيو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

قضية الصحراء ورسوخ الموقف المغربي

Time
الأربعاء 10 نوفمبر 2021
View
5
السياسة
د.سالم الكتبي

ستبقى ذكرى المسيرة الخضراء محطة مهمة في تاريخ المملكة المغربية الشقيقة، ودائماً يمثل الخطاب الملكي في هذه الذكرى المهمة نبراساً مهماً يضيء طريق الشعب الشقيق لما ينطوي عليه من موضوعات وقضايا تطرح بصراحة وشفافية.
وقد تطرق خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء، إلى قضية وطنية غاية الأهمية، وقد تناولها بشكل مباشر مؤكداً مغربية الصحراء التي تمثل "حقيقة ثابتة لا نقاش فيها بحكم التاريخ والشرعية وبإرادة قوية لأبنائها واعتراف دولي واسع"؛ وجمع لهذه القضية الحيوية مقومات الثبات والرسوخ التي تبدو للجميع واضحة كالشمس، فكل أسانيد المشروعية التي تحدث عنها تدعم القضية الوطنية المغربية الأبرز وتضمن لها الحجية، وتنسف أي مزاعم تحاول النيل، أو حتى التشكيك في أحقية المغرب بجزء غال من ترابه الوطني.
ترسيخ مغربية الصحراء يمضي بثقة وثبات وفق ديبلوماسية محنّكة وهادئة، فالدينامية الايجابية التي تشهدها لا يمكن توقيفها، ولذا فقد جاء الخطاب معبرا عن قوة الموقف المغربي، ومفعم بالتفاؤل والأمل بنجاح الجهود الديبلوماسية المغربية في توفير دعم دولي متزايد للقضية بما بات يمثل حائطاً قوياً في وجه أي محاولات معاكسة.
قضية الصحراء التي استحوذت على الخطاب الملكي في هذه الذكرى التاريخية الغالية تستحق أن يتوقف عندها الملك محمد السادس بهذه الكثافة، والتركيز، والاهتمام ليس فقط لمركزيتها وحيويتها بالنسبة للوعي الجمعي المغربي، لكن أيضاً لما تشهده من تطورات سياسية وأمنية متسارعة تحتاج إلى الحكمة المعهودة للقيادة المغربية من أجل السيطرة على التفاعلات الحالية وقيادتها إلى بر الأمان بما يحفظ للمغرب وشعبه حقوقه الوطنية، ويضمن للمنطقة بأكملها الأمن والاستقرار.
والمؤكد أن الرسالة الأهم في هذا الخطاب هي التأكيد أن المملكة المغربية، قيادة وشعباً، تضع هذه القضية في موقعها الذي تستحق، ولا مجال في ذلك للتهوين أو التهويل، بل حكمة وهدوء وثقة بالنفس يكتسبها الموقف المغربي من مشروعية القضية، وما ترتكز عليه من براهين وأدلة وحجج قانونية وتاريخية وسياسية؛ فلم يكن الموقف المغربي في قضية الصحراء قوياً كما هو عليه اليوم، فالتمسك والالتفاف الوطني حول القضية راسخ ويتزايد بفضل ثقة الشعب بقيادته، والدعم الدولي يتسع، ومن ذلك يمكن الاشارة إلى القرار الأميركي بالاعتراف بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه، يمثل نقلة نوعية في المواقف الدولية، حيث يدفع العملية السياسية بقوة نحو تسوية قائمة على مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية.
حسناً فعل الملك محمد السادس حين ركز في خطابه على تطورات القضية من كل جوانبها، الديبلوماسية والقانونية والسياسية، موضحاً لشعبه كل التفاصيل والأبعاد بعيداً عن الخوض في أمور قد تصرف الأنظار عن التركيز على صون المكاسب والنجاحات والاختراقات الستراتيجية التي حققتها الديبلوماسية المغربية خلال العام الماضي؛ فوجود قنصليات تمثل أربع وعشرين دولة في مدينتي العيون والداخلة خير دليل على الدعم المتزايد الذي يحظى به الموقف المغربي في المحيطين العربي والافريقي والدولي. المغرب الذي أعلن صراحة تمسكه بالخيارات الحضارية في تسوية القضايا والأزمات، معلناً أن الحرب ليست من بين خياراته المفضلة، وأنه لن ينجر لدوامة عنف تعصف بمكتسبات شعوب المنطقة وأمنها واستقرارها، ويؤكد أيضاً أنه لا يتفاوض على صحرائه، وأن مغربيتها لم ولن تكون مطروحة على طاولة التفاوض.
ولأنها قضية كل المغاربة، فقد تحدث الملك محمد السادس بهدوء داعياً شعبه، كل من موقعه، لمواصلة التعبئة واليقظة للدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية، من خلال نهج قائم على الأمن والسلم ومناوئ للعنف والفوضى والصراعات.
لم يكن هناك أغلى من ذكرى المسيرة الخضراء لتعميق الوعي الوطني، وتأكيد قوة ورسوخ موقف المملكة في قضية الصحراء، باعتبارها أهم القضايا، وللأمانة والموضوعية، ومن خلال متابعة دقيقة للشأن المغربي، فإن خطابات الملك محمد السادس تمثل دائماً عنواناً للحكمة والوعي بمتغيرات بيئة العلاقات الدولية، وتفادي الأنواء والعواصف التي يموج بها العالم، فمواقفه خير تجسيد للحكمة والإدراك والوعي الستراتيجي العميق، الذي يستوعب التاريخ ودروسه ويقف على الحاضر ومعطياته.
روح "المسيرة الخضراء" لا تزال تمثل ضمانة قوية تحصن حق المملكة في مغربية الصحراء، ولا مجال لتغيير الواقع ولا حيود عن المسار الأمثل لتسوية هذا النزاع من خلال فعل حضاري يحفظ الأمن والاستقرار ويصون الوحدة الترابية المغربية.
$ كاتب إماراتي
آخر الأخبار